بسم الله وله الحمد رب العالمين وأتم صلواته وتحياته علي أنوار ورحمته محمد وآله الطيبين.
السلام عليكم اخوتنا وأخواتنا المستمعين.
من الأحاديث الشريفة التي حظيت بأهتمام العلماء والأدباء حديث الكساء المتواتر في مضمونة والذي يصرح بنزول آية التطهير المباركة الدالة علي كمال عصمة فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها صلوات الله عليهم أجمعين .
وقد إهتم العلماء بنظم هذا الحديث بصيغته التفصيلية التي رواها جابر بن عبدالله الأنصاري عن الصديقة الزهراء – سلام الله عليها – كما نقله العلامة البحراني في هامش موسوعته العوالم، وهو النص الذي جرت سنة المؤمنين على تلاوته فرادي أو في المحافل الدينية ، وقد ذكر أهل المعرفة آثار كثيرة للمواظبة علي تلاوته في قضاء الحوائج كما ورد التصريح بذلك في نص الحديث، وكذلك في تقوية مودة أهل البيت – عليهم السلام – في القلوب.
وقد أحصى العلامة المؤرخ آغا بزرگ الطهراني في كتابه الموسوعي (الذريعة في تصانيف الشيعة) عدة من العلماء الذين نظموا هذا الحديث المبارك باللغة العربية والفارسية والأوردية ، منهم العلامة الجليل الورع السيد محمد بن السيد معز الدين محمد مهدي الحسيني القزويني الحلي المتوفي سنة ۱۳۳٥، وقد نظم هذا الحديث الشريف في أرجوزة من خمسين بيتاً نقلها العلامة الجليل السيد محمد صادق بحر العلوم في كتابه القيم (المجموع الرائق). نتبرك في هذا اللقاء بتلاوة هذه الإرجوزة :
قال السيد محمد الحسيني القزويني الحلي في إرجوزته:
روت لنا فاطمة خير النساء
حديث أهل الفضل أصحاب الكسا
تقول إن سيد الأنام
قد زارني يوما من الأيام
فقال لي إني أري في بدني
ضعفا أراه اليوم قد أنحلني
قومي علي بالكسا اليماني
وفيه غطيني بلا تواني
فقمت نحوه وقد لبيته
مسرعة وبالكسا غطيته
وصرت أرنو وجهه كالبدر
في أربع بعد ليال عشر
فما مضي إلا يسير من زمن
حتي أتي أبو محمد الحسن
فقال يا أماه إني أجد
رائحة طيبة أعتقد
بأنها رائحة النبي
أخ الوصي المرتضي علي
قلت نعم ها هو مسلما
مستأذنا قال له آدخل كرما
فما مضي غير القليل إلا
وجاءني الحسين مستقلا
فقال يا أم أشم عندك
رائحة كأنها المسك الذكي
وحق من أولاك منه شرفا
أظنها ريح النبي المصطفي
قلت نعم تحت الكساء هذا
بجنبه أخوك فيه لاذا
فجاء نحوه ابنه مستأذنا
مسلّما قال له ادخل معنا
فما مضت من ساعة إلا وقد
جاء أبوهما الغضنفر الأسد
أبو الأئمة الهداة النجبا
المرتضي رابع أصحاب العبا
فقال يا سيدة النساء
ومن بها زوجت في السماء
إني أشم في حماك رائحه
كأنها الورد الندي فائحه
يحكي شذاها عرف سيد البشر
وخيرمن طاف ولبي واعتمر
قلت نعم تحت الكساء التحفا
وضم شبليك وفيه اكتنفا
فجاء يستأذن منه قائلا
أأدخلن قال فادخل عاجلا
قالت فجئت نحوهم مسلمة
قال ادخلي محبوبة مكرمه
فعندما بهم أضاء الموضع
وكلهم تحت الكساء اجتمعوا
نادي إله الخلق جل و علا
يسمع أملاك السماوات العلي
اقسم بالعزة والجلال
وبارتفاعي فوق كل عال
ما من سما خلقتها مبنيه
وليس أرض في الثرى مدحيه
ولا خلقت قمراً منيرا
كلا ولا شمسا أضاءت نورا
كلا ولا خلقت بحرا يجري
ماءً ولا فلك بحار تسري
إلا لأجل من هم تحت الكسا
من لم يكن أمرهم ملتبسا
قال الأمين قلت يا رب و من
تحت الكسا بحقهم لنا أبن
فقال لي هم معدن الرسالة
ومهبط التنزيل والجلاله
وقال هم فاطمة و بعلها
والمصطفي والحسنان نسلها
فقلت: يارب وهل تأذن لي
أن أهبط الأرض لذاك المنزل
فأغتدي تحت الكساء سادسا
كما جعلت خادما و حارسا
قال اهبطن فجاءهم مسلما
مستأذنا يتلو عليهم – إنما
يقول إن الله خصكم بها
معجزة لمن غدا منتبها
أقرأكم رب العلي سلامه
وخصكم بغاية الكرامة
وهو يقول معلنا ومفهما
أملاكه الغر بما تقدما
قال – علي – قلت يا حبيبي
ما لاجتماعنا من النصيب
فقال والله الذي اصطفاني
وخصني بالوحي واجتباني
ما إن جري ذكر لهذا الخبر
في محفل الأشياع خيرمعشر
إلا وأنزل الإله الرحمة
وفيه قد حفت جنود جمه
من الملائك الذين صدقوا
تحرسهم في الأرض ما تفرقوا
كلا و ليس فيهم مهموم
إلا و عنه كشفت غموم
لا ولا طالب حاجة يري
قضاءها عليه قد تعسرا
إلا قضي الله الكريم حاجته
وأنزل السرور فصلا ساحته
قال علي نحن و الأحباب
شيعتنا الذين قدما طابوا
فزنا بما نلنا ورب الكعبة
فليشكرن كل فرد ربه
يا عجبا يستأذن الأمين
عليهم و يهجم الخؤون
قال سليم قلت يا سلمان
هل هجم القوم ولا استئذان
فقال إي وعزة الجبار
وما علي الزهراء من خمار
لكنها لاذت وراء الباب
رعاية للستر و الحجاب
فمذ رأوها عصروها عصرة
كادت بنفسي أن تموت حسرة
تصيح يا فضة أسنديني
فقد وربي قتلوا جنيني
كانت هذه مستمعينا الأفاضل إرجوزة العلامة الجليل السيد محمد بن معز الدين مهدي القزويني الحلي من علماء القرن الهجري الرابع عشر في نظم حديث الكساء المبارك، وقد قرأناها لكم في لقاء اليوم من برنامج مدائح الانوار.
تقبل الله أعمالكم والسلام عليكم.