بسم الله العلي الأعلي وله الحمد والمجد أرحم الراحمين والصلاة والسلام علي معادن حكمته ومجاري رحمته محمد وآله الطاهرين.
ثمة ملاحظة مهمة في أدب الولاء هي أن كثيراً من مدائح شعراء المسلمين لأنوار العترة المحمدية إنطلقت أساساً من صحاح الأحاديث النبوية المسجلة في مصادر الفريقين.
وهذه الملاحظة نجدها واضحة في الأبيات التي نقرأها لكم في هذا اللقاء من مديحة للنور العلوي من إنشاء العالم المحدث علم الدين إيدمربن عبد الله المعروف بالمحبوي وهو من علماء مصر في القرن الهجري السابع وأصله تركي وكان له إشتغال بالحديث ويهتم بنشر الحديث وروايته وألف في ذلك رسالة الأربعين حديثاً، توفي (رحمه الله) سنة أربع وسبعين وستمائة للهجرة (رحمه الله)، يبدأ هذا الأديب التركي مديحته قائلاً:
وَإلي أبي حسن تناهي سُؤدد
بهرَ العُيونَ شُعاعُهُ المُتوِقّدُ
يمتدُّ شأو القَول وَهُوَ مقصّرٌ
عنهُ ويطلَقُ فيهِ وَهُوَ مقيدُ
ذاك ابن عم محمّد وَحبيبُ ربّ
العرشِ وَالبطلُ الهمامُ الأَنجدُ
حامي حمِي الإسلام جُنّة أحمَدٍ
دونَ المَكارِهِ لَيسَ عَنهُ يعَرِّدُ
وَقف الفخارُ عَليهِ وَقفةَ مقسِمٍ
أن لا يريمَ يمينَ بَرٍّ يجهَدُ
بَل أينَ عَنهُ لِسُؤددٍ مَعديً ولوَ
لا بيتُهُ النَبويُّ لم يك سؤددُ
من هاشم طرفا كيفَ نَسَبتُهُ
عَظُمَ الفخارُ وَطابَ هَذا المولدُ
أخَذت مناسبةُ مطالعَ سَعدِها
في حَيث لا نَسرُ هناك وَفرَقَدُ
الجَدُّ والأبُ وَالعُمومة وَالبنوان
الغُرُّما أدراك ماذا تسرُدُ
وَشَجت إلي عرق النَبيّ عُروقهُ
فغدا وَحبلُ فَخارِه مُستحصدُ
من كانَ منهُ فَلو تكون نبوَّةٌ
كانت لهُ إرثاً بها يتفرَّدُ
صِهرُ الرَسول وَمَن نشا في حجرِه
طفلاً يسير بهديهِ وَيقلّدُ
السابق الإسلامِ ناصرُ حزبهِ
وَلسانُ حجّتِهِ الأَعُّفُ الأزهدُ
صلّي صَلاةَ القبلتين معاً وَلَم
يعرفُ سِوي ذي العَرشِ ربّا يعبدُ
وَدَعا النبيُّ لِقلَبِهِ وَلِسانِهِ
فَأجيبَ ذا يهدي وَذاك يسدِّدُ
ويواصل الأديب المبدع والعالم المُحدَّث علم الدين إيدمربن عبد الله التركي مديحته الغراء للنورالعلوي مشيراً الي علمه (عليه السلام) قائلاً:
بَحر العلوم السيّد الصمد الّذي
في كلّ معضِلة إليهِ يصمَدُ
سمح الخليقة سَهلها لكن لَه
عندَ الحَفيظة سورة وتشدُّدُ
مَلَك التواضعَ والمهابةَ أمرُهُ
هَذا لَهُ يدني وَهذي تُبعِدُ
المُرتضي العَدل المطهّرمن أذي
الأرجاس تطهيراً لَهُ يتعمّدُ
ذو الفَضل وَالحُكم المَسدد والقضا
للفضلِ يصدِر لا يزال ويوردُ
العابدُ الوَرِعُ الّذي ما غرّه
وَمضُ اللُجينِ وَلَم يرُقه العَسجَدُ
يصل الهَواجرَ صائماً وإذا انطَوي
عَنهُ النَهارُ فَليلَه لا يرقدُ
خشِنُ الملابس وَالمطاعم ما لَهُ
من دون ذي الحاجات بابٌ موصَدُ
ينهاهُ عن خَفضِ المعاشِ وَلينهِ
وَرعَ يظلُّ بقيدِهِ يتقيّدُ
من لا يدين بحبّه وَولائه
بالفضل إلاّ مؤمنٌ لا يلحِدُ
فانظُر إذا مثلَت لَديك صفاتُه
عن أيّها الشَرفُ المؤَّثلُ يبعُدُ
جازَ النُجومَ فَحارُه فدعونه
قف حيث أنتَ فما وراءك مصعَدُ
عادي وَوالي اللهَ من عادي وَمَن
والي فذا الأشقي وَهذا الأسعَدُ
من لم يزل دون الرَسول يحوطه
كاللَيث حولَ عرينه يتعهّدُ
شاكي السلاحِ لكلّ يومِ كريهةٍ
لا عاجزٌ وَكلُ ولا متبلِّدُ
بالرُمح معتقلٌ لهُ وبقوسِهِ
متنكبٌ وَبسَيفِه متقلّدُ
نكتفي بهذا المقدار من هذه القصيدة الغراء في مدح امير المؤمنين الوصي المرتضي الإمام علي (عليه السلام) وهي من إنشاء العالم المحدث والأديب المبدع علم الدين إيدمربن عبدالله التركي المعروف بالمحبوي من أعلام علماء القرن الهجري السابع رضوان، ولهذه المديحة البليغة تتمة مؤثرة قد نتوفق لقرائتها لكم في لقاء مقبل من برنامج مدائح الأنوار، شكراً لكم وفي أمان الله.