نص الحديث
قالت الزهراء (عليها السَّلام): "اجعل الموت خير غائب انتظره، وخير مطلع يطلع عليَّ".
دلالة الحديث
الحديث المتقدم جزء من دعاء للزهراء (عليها السَّلام)، وقد حدثناك عنه في مجال آخر يتصل بأدعية الزهراء (عليها السَّلام)... اما الان فحديثنا عن بلاغة النص المتقدم، فنقول: هذا النص يتحدث عن الموت، الا ان الزهراء (عليها السَّلام) صاغته وفق تعبير بلاغي فائق يجدر بنا ان نتأمله بدقة حيث ان عمق الصورة وطرافتها ثم ارتباطها بجوهر وجود الانسان ومصيره الاخروي كل ذلك يستاقنا الى تحليل الصورة البلاغية المتقدمة وهذا مانبدأ به الآن.
الصورة هي: صورة تمثيلية او رمزية تتوسل بالله تعالى ان يجعلنا ممن ينتظر الموت وتمثله او تشبهه بأحد اقرب الناس الينا، حيث سافر هذا العزيز وننتظر قدومه... هنا قبل ان نكمل الشطر الآخر من النص، يجدر بنا ان نتبين ما يصاحب الشخصية من مشاعر حيال غائب عزيز عليه ينتظر قدومه…
ماهي مشاعر الشخصية؟
الشخصية تتطلع اولاً بشغف كبير الى قدوم المسافر ثانياً تتطلع الى ما يتحفها الغائب من الهدايا... ترى: هل ان الموت كذلك؟ ان الزهراء (عليها السَّلام) تتوسل بالله تعالى بأن يجعل الموت كذلك بالنسبة الى ما تنتظر من العطاءات... كيف ذلك؟
من الواضح ان الشخصية الملتزمة اسلامياً اي: المتقية، تتطلع بالفعل الى لقاء الله تعالى، لان الموت بالنسبة اليها ليس فقداناً لمتاع الدنيا بل هو الغائب الذي ينتظرها لتتسلم الهدايا منه.
ما هي الهدايا؟ الهدايا هي: لقاء الله تعالى (رضوانه) ثم النعيم (الجنة).
اذن: اليس انتظار الغائب (رضوان الله تعالي والجنة) هو من أحب الهدايا؟
بلاغة الحديث
ننتقل الى الشطر الآخر من النص وهو: "خير مطلع يطلع عليَّ"… هنا يختلف الموقف... كيف ذلك؟
المطلع على الشخصية اذا كانت متقية فالامر من الوضوح بمكان واذا لم تكن كذلك، فان الامر يتطلب مراقبة الانسان لسلوكه ولكن حتى المتقية يتعين عليها ان تراقب سلوكها نحو تصعيده الى الاحسن من العمل... اذن: في الحالتين: ثمة وظيفة ثمة مطلع (الموت) يشاهد سلوكنا، ويسجله وهذا يدفعنا الى ان ننتخب الاحسن من العمل، حتى يثبت في القائمة التي لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا تحصيها.
اذن: امكننا ملاحظة شطري النص (الزائر) و(المطلع) وما يرمزان اليه من المعطيات سائلين الله تعالى ان يجعلنا كذلك وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة انه سميع مجيب.