وحول هذا السياق، كشف العديد من الخبراء السياسيين بأن هذه الاحتجاجات الأخيرة تعدّ احتجاجات فريدة من نوعها وذلك لغياب الدعم الحزبي ورفع المتظاهرين شعارات تستهدف أسس المجتمع العراقي، إلى جانب ارتفاع مستوى أعمال الشغب والعنف غير المسبوق للمتظاهرين الذين يصل متوسط أعمارهم حوالي 25 عاماً.
وتزامن وقوع هذه الاحتجاجات مع مراسم الأربعين للإمام الحسين (ع)، ولهذا فلقد شكك العديد من الخبراء السياسيين في تلك الاحتجاجات التي طالبت في بداية الأمر الحكومة العراقية بمعالجة قضايا مثل الفساد والبطالة والظروف الاقتصادية السيئة للمجتمع العراقي والتي تحوّلت فيما بعد إلى احتجاجات ضد المقدسات الشيعية وقادة محور المقاومة في المنطقة.
في غضون ذلك، قد تكون معرفة ماذا يدور خلف الكواليس ومعرفة من يقود تلك الاحتجاجات ويوجّهها أمر مهم، ولهذا فإننا في مقالنا هذا سوف نسلط الضوء على أبرز القادة الثلاثة الذين أججوا لهيب الاحتجاجات العراقية الأخيرة في الفضاء الالكتروني.
ستيفن نبيل
ستيفن نبيل عراقي الجنسية من القومية الآشورية كتب عنه أنه نشأ في كنف التعاليم المسيحية وتلقّى تعليمه الابتدائي والإعدادي في العراق بعدها غادر أرض الوطن مع عائلته منذ سن السادسة عشرة في ٢٠٠٣ ليكمل تعليمه في أمريكا ويعلن بعدها أنه ناشط وصحفي في الملف العراقي، وأصبح محللاً وصحافياً بدعم الاستخبارات المركزية الأمريكية.
ووفقاً لبعض المصادر الإخبارية، فإن "ستيفن" هو أحد المحرّضين والقادة للمظاهرات ويحرّض ضد إيران ويزجّ الشباب في القتل ويدّعي أنه يريد الحرية مما يسميه "الاستعمار الإيراني" مقابل دم الشباب.
ظاهره وطني إلا أن باطنه جندي بالمخابرات الأمريكية، ولفتت تلك المصادر الإخبارية، إلى أن حسابه على "تويتر" والتواصل الاجتماعي مليء بالصور والفيديوهات التي تخصّ الأحداث الأخيرة، ويحاول تقديم نفسه كمركز لبث هذه الفيديوهات ويتوعّد بذلك.
كما قام "ستيفن نبيل" بنشر صور عديدة، مدّعياً أن المواطنين العراقيين في بلدان أخرى قد دعموا أيضاً المتظاهرين المحليين، رغم أنه لم يقدم أي دليل على حقيقة تلك الصور.
وفي آخر أعماله التحريضية الدينية كتب للشباب العراقي في إحدى منشوراته على "الفيس بوك": "أنت لست بحاجة إلى القيام بالطبخ من أجل مراسم الأربعين الحسينية لأن مسار الإمام الحسين واضح ولا أعتقد أنك راضٍ عما يجري في بغداد".
وفي منشور آخر، طلب من مستخدمي الفضاء الإلكتروني أن يرسلوا له مقاطع الفيديو والصور الخاصة بهم، حتى يتمكّن من نشرها ليكشف للبلدان الأخرى ماذا يحدث في العراق، وفي أحد مشاركاته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قال إنه تلقّى عشرات الصور ومقاطع الفيديو للمظاهرات في بغداد وقال بأنه يعتزم نشرها في القريب العاجل.
غيث التميمي
أكدت العديد من المصادر الإخبارية، بأن "غيث التميمي" درس في حوزة "الشهيد محمد صادق الصدر" وأنه من اتباع "محمد الصدر" وبعد سقوط نظام صدام التحق بالتيار الصدري وكان من قيادات "جيش المهدي"، وكان مسجوناً من قبل الأمريكيين لمدة سنة ونصف وبعد خروجه من السجن تم منحه إقامة من قبل بريطانيا.
والآن يناصب العداء للحوزة ولمذهب التشيع في تحوّل مريب، ولفتت تلك المصادر إلى أن شخصية هذا الرجل مثيرة للجدل حقاً، فلم يقتصر الأمر على التحوّل من النقيض إلى نقيض بل تفاخر في صور نشرها على مواقع التواصل، جمعته مع يهود عراقيين وإيمانه ببعض معتقداتهم البعيدة عن فكر الإسلام، حيث ضمّت الصورة بحسب ما نشرها مع "ادوين شكر" أحد رؤوس الأموال الممولة للفكر الماسوني ضد الأديان وبالذات الفكر الإسلامي الشيعي وعلى وجه الخصوص إيران.
وذكرت تلك المصادر الإخبارية، أن "غيث التميمي" يقيم حالياً في بريطانيا ويعمل مع الاستخبارات البريطانية ومرتبط مع الموساد ويقدّم كمحلل في الـ "بي بي سي"، فيما نشرت له صورة مع "تسيونت فتال كوبرفارسر" زوجة عقيد الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية "يوسي كوبرفارسر".
وفي سياق متصل، ذكرت بعض المصادر الإخبارية، بأن "غيث التميمي" قام مؤخراً بإنتاج فيلم وثائقي لقناة الـ"بي بي سي" البريطانية الناطقة باللغة العربية، دار حول "الزواج المؤقت في العراق"، بهدف مهاجمة الشيعة العراقيين.
ما كتب "التميمي" منشور على "الفيس بوك" حول التعليمات الجديدة لتغيير تكتيكات الاحتجاجات في العراق وقام أيضاً بمهاجمة رجال الدين العراقيين، وادّعى أن "آية الله السيستاني" يعتبر ملاذاً للأحزاب وليس للشعب.
كما اطلق "التميمي" هاشتاغ "المرجعية – لا تمثلني" لأول مرة على الصفحات الافتراضية ومع ذلك، لم يرحّب معظم روّاد مواقع التواصل الاجتماعي بهذا الهاشتاغ.
أحمد البشير
"أحمد البشير"، هو إعلامي مقيم في الأردن وله عدة برامج تلفزيونية ينتهج أسلوب النقد السياسي الساخر في الظاهر غير أن مادته الإعلامية ذات جانبٍ تحريضي بعيدٍ عن النقد البناء.
ولقد أثيرت عنه شائعات قوية بأنه زار الكيان الإسرائيلي قبل فترة. كما أنه ظهر في فيديوهات نشرها على حسابه بتويتر، زعم فيها بأنه داعم للمظاهرات السلمية فيما ينسب إليه نشطاء أنه يلعب دوراً في التحريض.
ولقد قال في تغريدة على تويتر: "جيل سبونج بوب على قولتهم، أذكياء، سباع، ما ينضحك عليهم، يحبون الحياة، يريدون مستقبل، مو اتكّاليين، ما يريدون منيّة أحد، يفهمون بالسياسة، ويفهمون بالاقتصاد، عدهم خطط، منفتحين على العالم، مو طائفيين، أحياء، ما عدهم أصنام".
ومن الملاحظ عبر هذه التغريدة إطلاقه حكماً عامّاً على المتظاهرين دون تمييز بأنهم يقومون بدور بطولي بعيداً عن الحد الأدنى من الموضوعية، وأن بعض الجهات تحاول زجّ الشباب بمواجهة قوات الأمن لتحقيق مآرب خاصة.
وفي الختام.. يمكن القول بأن جزءاً كبيراً من العراقيين خرجوا للاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية المتردية وتفشي البطالة وضعف الخدمات العامة، وهذا أمر لا يمكن إنكاره، ولكن في الوقت نفسه، تجدر الإشارة إلى أن بعض القوى والجهات الغربية والعبرية والعربية استغلت هذه الأوضاع وقامت بتقديم الكثير من الدعم لبعض الأشخاص لإثارة الرأي العام العراقي في الفضاء الالكتروني وتصعيد موجة الاحتجاجات ضد الحكومة العراقية الحالية.