وجدير بالاشارة الى أن لقب «الكوفي» لجابر والذي جاء ذكره في مصادر عدة، لا يدل على مسقط رأسه وانما لأنه عاش فترة من الزمن في مدينة الكوفة.
شد جابربن حيان رحاله الى بلدان وأمصار مختلفة طلباً للعلم والمعرفة. ولما توجه الى المدينة المنورة، استقر فيها وتتلمذ كثيراً عند الإمام جعفر الصادق (ع) وكان كثيراً ما يشير إلى عظمة الإمام وعلمه، إلا أن جابراً وبعد استشهاد الامام الصادق (ع) شد رحاله الى مدينة الكوفة، حيث بني هناك مختبره العلمي.
ورد اسم الامام جعفر الصادق بكثرة فيما تركه جابربن حيان من الكتب والمؤلفات لأن جابراً تتلمذ عند هذا الامام الهمام، ولا شك أن الفترة التي عاصر جابر فيها الامام الصادق (ع) كانت قصيرة، وذلك لأن الإمام (ع) استشهد عام ۷٦٥ الميلادي أي حوالي عشرين عاماً بعد ولادة جابر.
قام جابربن حيان بتأليف كتاب يتضمن ٥۰۰ رسالة وألف صفحة. ويقول عالم الكيمياء الفرنسي "برتلو" الذي يعرف بأب الكيمياء سنتز وتأثر كثيراً بجابر بن حيان، يقول بهذا الصدد: "كانت لجابر في علم الكيمياء نفس المكانة التي كان يحظى بها أرسطو طاليس في المنطق". من جهته يقول جورج سارتون: "يجب أن نعد جابراً من اكبر العلماء في القرون الوسطى في عرصة العلوم والمعارف". هذا ويقول "اريك جان هوليمارد" المتشرق البريطاني والذي أجرى دراسات وأبحاثاً تاريخية على شخصية جابر، يقول بهذا الشأن: "كان جابرٌ تلميذ الامام الصادق (ع) ووجد الامام (ع) شخصية عظيمة ودودة ولم يكن قادراً على أن ينفصل عن الامام وكان بحاجة ماسة الى وجوده المبارك.
وبذل قصارى جهده ومن خلال استعانته بأستاذه البارع الامام الصادق (ع) أن ينقذ علم الكيمياء من براثن الأساطير البالية الناتجة عن مدارس الاسكندرية العلمية.
كان جابربن حيان أول كيميائي ايراني، وأثمرت جهوده الحثيثة في علم الكيمياء في أن يذاع حيث هذا العلم ويحتل مكانة مرموقة، وبلاشك هو أول مسلم استحق له أن يحمل عنوان "عالم الكيمياء"؛ الا أن هناك من يعتقد بأن جابراً أصله عربيٌ لكنه ليس صحيحاً.
رأي جابر في الإكسير
كان في القديم اعتقاد سائدٌ بأنه كما بإمكان عالم الطبيعة أن تحول الأشياء الى بعضها الآخر مثل تحويل الماء والتراب الى نبات أو تحويل النبات الى العسل وشمع العسل من خلال النحل أو تحويل معدن القصدير الى الفضة تحت طبقات الارض وما الى ذلك، كذلك بإمكان عالم الكيمياء ايضاً ان يعمل عمل الطبيعة في أقل فترة زمينة وذلك عن طريق اعتماده على التجارب والاختبارات وتقليده للطبيعة، بيد أن الكيميائي ومن أجل أن يغير شيئاً الى شيء آخر، يحتاج الى أداة تسمى "الإكسير".
الإكسير في علم الكيمياء يعدّ بمثابة الدواء في علم الطب. وكان جابر يستخلص مادة الاكسير لأبحاثه من اليميائية الكائنات الثلاثة أي الحيوانات والنباتات والمعادن ويقول هو بهذا الخصوص هناك سبعة أنواع من الإكسير:
* الاكسير المعدني: وهو الاكسير المستخلص من المعادن.
* الاكسير الحيواني: وهو الاكسير المستخلص الحيوانات.
* الاكسير النباتي: وهو الاكسير المستخلص من النباتات.
* الاكسير الحيواني – النباتي: وهو الاكسير المستخلص من مزج المواد الحيوانية والنباتيه..
* الاكسير المعدني – النباتي: وهو الاكسير المستخلص من مزج المواد المعدنية والنباتية.
* الاكسير المعدني- الحيواني: وهو الاكسير المستخلص من مزج المواد المعدنية والحيوانية.
* الاكسير المعدني – الحيواني- النباتي: وهو الاكسير المستخلص من مزج المواد المعدنية والنباتية والحيوانية.
رأي جابر في المعادن
كان جابر بن حيان يرى أن المعادن الأصلية سبعة وهي عبارة عن الذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص والزنبق والقصدير.
كان جابر يعتقد بأن هذه المعادن السبعة تشكل "قانون الصناعة"؛ وبعبارة آخرى تقوم قوانين علم الكيمياء على هذه المعادن السبعة. ومهما كان، فأن المعادن نفسها تتكون من دمج وتركيب معدنين أساسيين أي الكبريت والزنبق، وتتم عملية دمج وتركيب هذه المعادن ببعضها البعض وبنسب مختلفة في جوف الأرض. فيمكن القول إن الفارق فيما بين هذه المعادن السبعة هو فارقٌ عرضيٌ وليس جوهرياً، وذلك نتيجة وجود الفارق في نسبة تركيب الكبريت والزنبق في هذه المعادن، غير أن طبيعة كل من الكبريت والزنبق تنجم عن عاملين أرضي وزماني. بعبارة أخرى، فان وجود الفارق في نوع التراب الذي يتشكل فيه هذان المعدنان (أي الكبريت والزنبق) فضلاً عن مواضع الكواكب عند ظهورها؛ كل ذلك يؤدي الى نشوء فوارق فيما يخص طبيعة الكبريت أو الزنبق.
وأخيراً توفي جابربن حيان عام ۱۹٤ هـ. ش (۸۱٥ للميلاد) في مدينة الكوفة بالعراق.