البث المباشر

شيخ الإسلام العلامة المجلسي.. صاحب بحار الأنوار

الأحد 21 أغسطس 2022 - 10:40 بتوقيت طهران
شيخ الإسلام العلامة المجلسي.. صاحب بحار الأنوار

أَبوعبد الله محمد باقر بن محمد تقي بن مقصود علي المجلسي الأصفهاني (3 رمضان 1037 هـ - 27 رمضان 1111 هـ) / (1627 م - 1 سبتمبر 1699) هو رجل دين وفقيه ومرجع ومحدِث شيعي إمامي إثنا عشري، لُقب بعدة ألقاب منها "العلامة المجلسي"، و"المجلسي الثاني".

يعود أصله إلى أحمد بن عبد الله المعروف بالحافظ أبو نعيم (336 هـ - 430 هـ) صاحب الكتاب المشهور المسمى حلية الاولياء في طبقات الأصفياء، ولد المحدث المجلسي في شهر رمضان يوم ثلاثة سنة 1037 هـ في مدينة أصفهان في عصر الدولة الصفوية. 

تربى على يده والده محمد تقي المجلسي وكان يعيش خلف مسجد الجامع بأصفهان، وتلمذ على يد كبار علماء الشيعة في عصره من أمثال الحر العاملي والفيض الكاشاني وعلي خان المدني ومحمد صالح المازندراني وغيرهم.

له مصنّفات كثيرة أبرزها كتاب "بحار الأنوار الجامع لدرر أخبار الإئمة الأطهار" الذي يعد من أكبر كتب الحديث عند الشيعة.

عاش المجلسي في عصر الدولة الصفوية، وكان والده محمّد تقي المجلسيّ من مفاخر علماء الشّيعة فيها إنذاك، وكان للمجلسي منزلة ونفوذ في البلاط الصفوي، حيث تصدّى لمنصب شيخ الإسلام في أواخر حكم الشاه سليمان وأوائل عهد الشاه سلطان حسين الصفويين، وهو أعلى منصب ديني في تلك الأيّام، تتلمذ على يده كثير من علماء الشيعة كنعمة الله الجزائري وعبد الله الأفندي الأصفهاني ومحمد المشهدي وغيرهم، كما كانت والدته من النساء الطاهرات المعروفات بالورع والتقوى.

 

أسفاره
كان المجلسي كثير الترحال والسفر، حيث سافر مع والده إلى النجف الأشرف قبل عام 1060 هـ، وهي سنة وفاة شيخه في الإجازة شرف الدين علي بن حجة الله الشولستاني، ولقد أجازة له في النجف الأشرف، وسافر إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، وذلك حدود عام 1070 هـ، حيث قال: «شرفني الله تعالي بصحبته الشريفة في طريق الحج، فارتبطت بجنابه واهتديت بنور هدايته، وأخذت في تتبع كتب الفقه والحديث وعلوم الدين، وصرفت في خدمته أربعين سنة من بقية عمري متمتعة بفيوضاته، مشاهدة آثار كراماته، واستجابة دعواتهم»، وسافر إلى مكة عام 1080هـ أيضا، وسافر إلى مشهد علي الرضا في عامي 1085 هـ - 1086 هـ، وسافر إليه مره آخرى في عامي 1088هـ - 1089هـ.

منصب شيخ الإسلام
عين العلامة المجلسي سنة 1098هـ بمنصب شيخ الاسلام في أصفهان، عينه الشاه سليمان الصفوي، وكان لقب شيخ الاسلام كان أعلى منصب ديني في ذلك العصر، ومن المهمام التي وكلت إليه حين تقلد المنصب: حل النزاعات والدعاوى، إدارة كافة الشۆون الدينية، حيث كانت جميع الأموال ترسل اليه، تولي مسؤولية أبناء السبيل واليتامي وغيرها.

من نشاطاته في الدولة الصفوية :
مواجهة الحركات الصوفية.
تدريس كتب الحديث، وحلّ مبهمات تلك الكتب.
إقامته صلاة الجماعة والجمعة، والاهتمام ببناء المساجد.
إجابته عن استفسارات الناس وحلّ مشكلاتهم.
إيضاح ما صعب من الكتب الأربعة.
ترجمته ونشره الكتب العلمية باللغة الفارسية.
اتّخاذه من المعابد والمقاهي وما شابهها مجالس للوعظ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وفاته
ذكر عبد الحسين الخاتون آبادي أنه توفي في 27 رمضان سنة 1111 هـ، قائلًا: «توفي المولي محمد باقر المجلسي في السابع والعشرين من شهر رمضان عام ألف ومائة وأحد عشر»، وقال يوسف البحراني: «توفي - طاب ثراه - للسنة الحادية عشرة بعد الماءة والألف، وتاريخه: «غم وحزن»»، إلا ان الخونساري صاحب كتاب الروضات نقل عن كتاب حدائق المقربين أن تاريخ وفاة العلامة المجلسي في 28 رمضان / 1110 هـ وليس 1111 هـ.وبعد وفاته رثاه أحد الأشخاص بقوله باللغة الفارسية:
ماه رمضان چه بيست وهفتش كم شد        تاريخ وفاة باقر اعلم شد

دفن بأصفهان في الباب القبلي من جامع العتيق في القبّة الّتي دفن فيها أبوه، ودفن قرب عدة من العلماء.

 

دراسته وأساتذته

أنـهـى الـعـلامة المجلسي مرحلة المقدمات في أصفهان عند أخويه، ثم واصل دراسته في حوزتها عند اساتذة بارزين نذكر منهم:
(۱) والده المرحوم الملا محمد تقي المجلسي.
(۲) الملا محمد صالح المازندراني (شارح كتاب الكافي).
(۳) العلامة رفيع الدين محمد الحسيني الطباطبائي (صاحب الحواشي على كتاب اصول الكافي).
(٤) العلامة حسن علي الشوشتري (صاحب كتاب التبيان في الفقه).
(٥) العلامة الشيخ علي بن الشيخ محمد بن المحقق الشيخ حسن بن الشهيد الثاني (له مؤلفات منها كتاب شرح الكافي).
(٦)الـسـيـد عـلي خان الشيرازي (صاب كتاب رياض السالكين).
(۷) الملا حسين القزويني (صاحب كتاب الصافي في شرح الكافي).
(۸) شـيخ المحدثين محمد بن الحسن المعروف بالحر العاملي (صاحب كتاب وسائل الشيعة.
 

تلامذته

ذكر الميرزا عبد اللّه الأفندي صاحب كتاب (رياض العلماء) بأن عدد طلاب العلامة المجلسي بلغ نحو الـف، كما ذكر المحدث السيد نعمة اللّه الجزائري بان تعداد طلاب العلامة بلغ اكثر من الف، و لضيق المجال، هذه طائفة منهم:
(۱) الـشيخ احمد الخطي البحراني صاحب كتاب (رياض الدلائل و حياض المسائل).
(۲) الشيخ حسن بن الندي البحراني.
(۳) المولى محمد ابراهيم السرياني.
(٤) المولى محمد داود.
(٥) المولى محمد رضا المجلسي (ابن عم العلامة ).
(٦) السيد ابو تراب الحسيني المعروف بـ (الميرزا علاء الدين كلستانه ).
(۷) الشيخ سليمان بن عبد اللّه الماحوزي البحراني (صاحب كتاب شرح مفتاح الفلاح ).
(۸) السيد علي الامامي الاصفهاني (صاحب كتاب التراجيح في الفقه ).
(۹) المولى محمد بن عبد الفتاح السراب (صاحب كتاب سفينة النجاة في اصول الدين ).
(۱۰) الشيخ محمد صادق بن محمد باقر المجلسي (ابن العلامة المجلسي ).

صفاته و اخلاقه

كان العلامة يحمل الاخلاق الاسلامية، فكل حركة من حركاته وسكنة من سكناته تدور مع سيرة المصطفى (ص ) و سيرة الائمة الطاهرين عليهم السلام، واليك نموذجا منها:

۱ - ذكره للّه سبحانه:
كان العلامة محافظا على جميع اوقاته موظفا تلك الاوقات في سبيل اللّه واعلاء كلمته، وكان لسانه دائما يلهج بذكره جل وعلا.
و قد نقل عنه المحدث نعمة اللّه الجزائري، حيث قال: (رافقته سنين طويلة، وكان معي ليل نهار، -وخـلال هذه المدة الطويلة كان شديد الحذر في أعماله المباحة، فكيف يمكن ان يُتصور منه المكروه )؟ ونقل عنه العلامة مـحمد صالح الخاتون آبادي، اذ قال: (اهتم العلامة المجلسي باقامة صلاة الجماعة، وكذلك صلاة الجمعة، وأحيا ليالي شهر رمضان المبارك بالعبادة والذكر، وإلقاء المواعظ والخطب في المساجد).
فكانت جميع أعماله خالصة لله سبحانه، كما قال الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «... وليكن في كل شيء نيّـة، حتّى النوم والأكل».

۲ - أمره المعروف ونهيه عن المنكر:
انـتـشـرت في زمان العلامة آراء وأهواء الصوفية، من المعاندين واهل البدع في انحاء ايران، فلم يتحمل مشاهدة تلك الانحرافات، فاخذ يكشفها للناس عن طريق الخطب والـكـلـمـات وتأليف الكتب، التي تفضح مثل هذه الانحرافات، و توضيح النهج الصحيح للاسلام، وبحمد اللّه تمكن من القضاء على هذا التيار المنحرف المظِلّ، وعندما كان العلامة رئيسا لدار السلطنة في اصفهان ايام حكم الدولة الصفوية، انتشرت كذلك بعض المفاسد الاخلاقية، و كان على راس تلك الـمفاسد شرب الخمور، و بفضل حنكته في ادارة الامور استطاع ان يقنع السلطان حسين الصفوي باصدار امر، يقضي بمنع تعاطي الخمور ومعاقبة كل من يخالف ذلك.
وكـشـاهـد عـلـى تـقوى العلامة ونهيه عن المنكر نروي هذه القصة التي اوردها صاحب كتاب (قـصص العلماء): نقل للعلامة بان احد علماء كربلاء المقدسة يقول بطهارة الخمر، فرد العلامة على ذلـك وقـال: هـذا خطأ فان الخمر نجس، وعلى اثر ذلك سافر الى كربلاء المقدسة والتقى بذلك العالم وقال له: ساءني ما سمعته عنك بخصوص موضوع طهارة الخمر، فهذا يشجع الناس على التجرؤ على شربه استنادا على رأيكم هذا. وبـالـتـالي ستنتشر الفاحشة، وقد جئت الى هنا لكي أزور الامام الحسين عليه السلام وأجتمع بكم مع الاعتذار لكم، ثمّ أعود الى ايران. وهذه الحادثة دليل ناصع على تواضع العلامة، ومرونته في التعامل مع الآخرين، وعدم تعصبه في امور الدين، ومحاولته منع اشاعة الفاحشة، والابتعاد عن الغيبة، ولو كلفه ذلك كثيرا من متاعب و مشاق السفر الطويل.

۳ - مساعدته للفقراء والمحتاجين:
يـقال ان العلامة كان يسعى دائما لرفع احتياجات المؤمنين الفقراء، والدفاع عن حقوقهم المغتصبة مـن قبل الظالمين، ويسعى بشتى الطرق لدفع الظلم عنهم، ويـحـاول ايصال اخبار المحتاجين والفقراء الى اسماع ولاة الامر، لكي يقوموا بتحمل مسؤولياتهم تجاههم.

٤ - احترامه ورعايته للعلماء:
بذل العلامة طاقاته ومساعيه كافة في سبيل الدفاع عن العلماء، وتأمين رفاههم وتحسين ظروف مـعـيـشـتـهم. وفي خلال عمره الشريف لم يتعرض العلماء او الروحانيون لأي نقص في امورهم المعيشية، وكان كل ذلك بفضل سعيه في تحقيق السعادة والراحة لهذه الشريحة الواعية، والنخبة المسؤولة عن المحافظة عن سلامة الدين، وتربية وتهذيب المسلمين.

٥ - مزاحه:
كان مزاحه ضمن طاعة اللّه سبحانه ورضاه، عملاً بما نقل من ان مزاح المؤمن عبادة.
وقـد نـقلت عنه هذه القصة: كان العلامة يعير بعض كتبه لاصدقائه لغرض الاستفادة منها، وكان عند ارجاعها اليه بعد قراءتها يجد بين اوراقها بقايا فتات الخبز، لهذا اخذ يقول (مازحا) لكل من اراد ان يـسـتـعير كتابا: هل لديك سفرة تاكل عليها؟ اذا لم تكن لديك سفرة فانا ازودك بسفرة، حتى لا يجعل الكتاب سفرة لطعامه فيتلفه.
ومن مميزاته الاخرى: محافظته على سنن الائمه الاطهارعليهم السلام، وكذلك الجلال والوقار الذي كان يحمله.
و قـد حكى عنه احد اصدقائه بقوله: كنت اقف على باب الحجرة مذهولا، عند ما اريد الدخول اليه لهيبته ووقاره.
 

خدماته لمذهب اهل البيت عليهم السلام

يمكن تلخيص خدماته لمذهب التشيع بما يأتي:
۱ - تأليفه كتاب( بحار الانوار الجامعة لدرراخبارالائمة الاطهار).
۲ - تدريس كتب الحديث وحل مبهمات تلك الكتب.
۳ - القضاء على الافكار الصوفية المنحرفة في زمن الدولة الصفوية.
٤ - تربية جيل من العلماء والفضلاء الذين صار لهم دور في خدمة العلوم الاسلامية.
٥ -كـتـابـته في فنون المعارف الإسلامية المختلفة مثل: الفقه، التفسير، علم الكلام، الحديث، التاريخ، والدعاء... الخ.
٦ - قـيـامـه بـالـقاء المحاضرات لغرض توعية الناس وارشادهم في المساجد..
۷ - اقامة صلاة الجماعة والجمعة والاهتمام ببناء المساجد.
۸ - اجـابـتـه عـن استفسارات الناس وحل مشكلاتهم عن طريق مخاطبتهم باللغة السلسة التي يفهمونها.
۹ - قـيامه بـايـضاح ما صعب من الكتب الاربعة المعتمدة عند الشيعة الامامية، لهذا نجده قد كتب شرحا لكتابي الكافي والتهذيب.
۱۰ - تـرجـمـتـه و نـشـره علوم اهل البيت عليهم السلام باللغة الفارسية، لغرض توسيع اطلاع الـمـسلمين الشيعة في ايران، سيما ان اكثر الكتب التي تتحدث عن فكرالشيعة ومعتقداتهم مكتوبة باللغة العربية.
۱۱ - اتخاذه من المعابد والمقاهي وما شابهها من مجالس؛ للوعظ والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، باعتبارها من الاماكن العامة لتجمع الناس آنذاك.
۱۲ - الاستفادة من منصبه الرسمي بدار السلطنة في زمن الدولة الصفوية في الدفاع عن المظلومين والقيم الاسلامية.
۱۳ - مـساعدة الفقراء والمحتاجين وقضاء حوائجهم وسماع شكاواهم والسعي لايصالها الى ولاة الامر لرفع عوزهم والتخفيف عنهم.
 

مؤلفاته

لـلـعـلامة المجلسي (رحمه اللّه) أكثر من سبعين مؤلفا باللغتين العربية والفارسية، أما العربية فنذكر منها:
۱ - بـحـار الانـوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار: موسوعة حافلة بالعلم والدين، ودائرة معارف تجمع فنون العلوم الاسلامية، مثل: الكتاب والسنة والفقه والحديث والحكمة والعرفان والفلسفة والاخلاق والتاريخ والادب الخ، و يمتاز عما سواه من الكتب بغزارة مادته وجودة سرده وحـسـن تبويبه ورصانة بيانه وطول باع مؤلفه في التحقيق والتثبت وسعة الاطلاع [يحتوي على ۱۱۰ مجلدات بطبعته الجديدة ].
۲ - مرآة العقول في شرح اخبار آل الرسول: في شرح كتاب الكافي (۲٥ جزءاً).
۳ - ملاذ الاخيار في فهم تهذيب الاخبار: في شرح كتاب التهذيب (۱٦ جزءاً).
٤ - شرح الاربعين (في الاحاديث).
٥ - الوجيزة (في علم الرجال).
٦ - الـفـوائد الـطـريفة (في شرح الصحيفة السجاديه للامام علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام، الى نهاية الدعاء الخامس ).
۷ - الاعتقادات (مترجم الى اللغة الفارسية والاوردية ).
۸ - رسالة في الشكوك.
۹ - رسالة في الاذان.
۱۰ - المسائل الهندية (اجوبة مسائل لأخيه الملا عبد اللّه ارسلها اليه عندما كان مقيما في الهند).
۱۱ - حواشي متفرقة على الكتب الاربعة.
۱۲ - رسالة في الاوزان (و هو من اول مؤلفاته ).

وأما الكتب الفارسية، فنذكر منها:
۱ - حياة القلوب (ثلاثة اجزاء).
۲ - حلية المتقين (مترجم الى العربية والاوردية ).
۳ - عين الحياة (مترجم الى العربية والاوردية ).
٤ - زاد المعاد.
٥ - تحفة الزائد(مترجم الى العربية ).
٦ - جلاء العيون (مترجم الى العربية والاوردية ).
۷ - ربيع الاسابيع.
۸ - مقباس المصابيح.
۹ - حق اليقين (آخر مؤلف من مؤلفاته، مترجم الى العربية والاوردية ).
۱۰ - ترجمة توحيد المفضل.
۱۱ - رسالة في البداء.
۱۲ - رسالة في الديات.
۱۳ - رسالة حول "السابقون السابقون".

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة