بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم مستمعينا الافاضل ورحمة الله وبركاته، على بركة الله نلتقيكم في حلقه اليوم من هذا البرنامج، نتدبر معاً في طائفة من النصوص الشريفة التي ترغبنا في الاخلاق الكريمة ومنها (الصبر عند تاخر الرزق)، فقد روي في الكافي مسنداً عن عن امامنا محمد الباقر –عليه السلام- قال:
قال رسول الله –صلى الله عليه وآله- في حجة الوداع:
الا ان الروح الامين –عليه السلام- نفت في روعي انه لاتموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله واجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء شيء من الرزق ان تطلبوه بشيء من معصية الله جل وعز، فان الله تبارك وتعالى قسم الارزاق بين خلقه حلالاً ولم يقسمها حراماً فمن اتقى الله عزوجل وصبر آتاه الله برزقه من حله ومن هتك حجاب الستر وعجل فاخذ من غير حله، قصّ به من رزقه الحلال وحوسب عليه يوم القيامه.
مستمعينا الافاضل، ويتضح من الحديث النبوي المتقدم ان المراد بالصبر عند ابطاء الرزق او تاخره هو ان يجمل في العمل والكسب والسعي لطلب الرزق دون ان يدفعه تاخره الى طلبه بما لا يحل من الوسائل كالكذب والغش وغير ذلك؛ فيعرض نفسه لسخط الله جل جلاله.
ولكن ذلك لا يعني ان يتكاسل في طلب الرزق اتكالاً على ان الرزق مضمون، فهذا ما نهت عنه النصوص الشريفة، فمثلاً روي في كتاب (من لا يحضره الفقيه) عن الامام الصادق –عليه السلام- انه سال عن احد اصحابه فقال:
ما فعل عمر بن مسلم؟ قيل: اقبل على العبادة وترك التجارة، فقال –عليه السلام-:
ويحه، اما علم ان تارك الطلب لا يستجاب له؟ ان قوماً من اصحاب رسول الله –صلى الله عليه وآله- لما نزلت آية "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً{۲} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" ، اغلقوا الابواب واقبلوا على العبادة وقالوا: قد كفينا، فبلغ ذلك رسول الله –صلى الله عليه وآله- فارسل اليهم [وقال]: ما حملكم على ما صنعتم؟ قالوا: يا رسول الله، تكفل الله عزوجل لنا بارزاقنا فاقبلنا على العبادة، فقال –صلى الله عليه وآله-:
انه من فعل ذلك لم يستجب الله له، عليكم بالطلب، اني لا بغض الرجل فاغراً فاه الى ربه يقول: رب ارزقني ارزقني، ويترك الطلب.
ايها الاكارم وقد رويت كثيرٌ من الاحاديث الشريفة في ذم ترك السعي في طلب الرزق والعيش على معونات الناس، ففي الكافي عن رسول الله –صلى الله عليه وآله- قال:
" ملعونٌ من ألقى كله على الناس".
وفيه ايضاً عن الامام الصادق –عليه السلام- انه سال عن رجل، فقيل له: اصابته الحاجة، -اي انه افتقر- فقال: ما يصنع اليوم؟ قيل: هو في البيت يعبد ربه، فقال: فمن اين قوته؟ قيل: من بعض اخوانه، فقال –عليه السلام-:
والله، ان الذي يقوته اشد عبادة منه.
والى هنا ننهي لقاء اليوم من برنامجكم معالي الاخلاق، نشكر لكم متسمعينا الاطائب طيب الاستماع ودمتم بالف خير.