بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ايها الاكارم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج، نبداها بحديثين شريفين في الترغيب باحد الاخلاق الطيبة وهو خلق سن سنن الخير اقتداءً بالرسول الاعظم –صلى الله عليه وآله-.
فقد روى الشيخ الصدوق –رضوان الله عليه- في كتابي الخصال والامالي مسنداً عن مولانا الامام الصادق –عليه السلام- انه قال:
"ست خصال ينتفع بها المؤمن بعد موته: ولد صالح يستغفر الله، ومصحف يقرأ منه، وقليب يحفره [اي بئر ينتفع الناس منه]، وغرس يغرسه وصدقة ماء يجريه وسنة حسنة يؤخذ بها بعده"
والمقصود بالسنة الحسنة هو ان يجعل الانسان على نفسه بعض عمل الخير بكيفية معينة كان يسن مثلاً في اهله اعطائهم هدايا بمناسبة مواليد اهل البيت –عليهم السلام-، او ان يخصص مثلاً نسبة من عائدات عمله وكسبه لاعمال الخير، او ان يخصص يوماً لارحامه او زيارة اخوانه او ان يصوم يوماً شكراً لله عزوجل على نعمائه، ونظائر ذلك من اعمال الخير.
ومن لطف الله عزوجل انه يثيب عبده على سن مثل هذه السنن الحسنة كلما عمل بها مؤمن بعده، كما هو المستفاد من الحديث السابق وكما يصرح بذلك الامام الباقر –عليه السلام- في الحديث المروي عنه في كتاب ثواب الاعمال انه قال:
"ايما عبدٌ من عباد الله سن سنة هدى كان له اجر مثل اجر من عمل بذلك من غير ان ينقص من اجورهم شيء، وايما عبد من عبادالله سن سنة ضلالة كان عليه وزر من فعل ذلك من غير ان ينقص من اوزارهم شيء".
ومن اوضح مصاديق سنن الضلالة قيام معاوية بسن سب امير المؤمنين –عليه السلام- على المنابر وقد عمل بسنته خلفاؤه على مدى سبعين عاماً كما يذكر المؤرخون.
ومثلها سنة التمثيل بالقتلى كما فعل بالصحابي الجليل عمروبن الحمق الخزاعي وغير ذلك من سنن الضلالة اعاذنا الله واياكم منها ومن اصحابها.
ايها الاكارم، ومن معالي الاخلاق التي يحبها الله عزوجل وفاء المؤمن بما جعل لله على نفسه نظائر السنن الحسنة التي تقدم ذكرها، وهذا الوفاء هو من علائم كمال الاسلام ومن وسائل الفوز بالعون الالهي على العمل بذلك، فقد روى الشيخ الطوسي في كتاب الامالي عن مولانا الامام الباقر –عليه السلام- انه قال:
"اربعٌ من كن فيه كمل اسلامه، واعين على ايمانه ومصحت ذنوبه، ولقي ربه وهو عنه راض ولو كان فيما بين قرنه الى قدميه ذنوبٌ حطها الله عنه، وهي : الوفاء بما يجعل لله على نفسه، وصدق اللسان مع الناس، والحياء مما يقبح عندالله وعند الناس، وحسن الخلق مع الاهل والناس".
اما اذا سن سنة ولم يستطع العمل بها لعذر فان كرم الله يشمله باجرها، فقد روي في كتاب المحاسن عن الامام الصادق –عليه السلام- قال: "ما من مؤمن سن على نفسه سنة حسنة او شيئاً من الخير ثم حال بينه وبين ذلك حائل الا كتب الله له ما اجرى على نفسه ايام الدنيا".
والشرط في الحصول على هذا الاجر صدق النية في هذه السنة الحسنة كما يهدينا لذلك امامنا الصادق –عليه السلام- في المروي عنه في كتاب المحاسن انه قال:
"ان العبد المؤمن الفقير ليقول يا رب ارزقني حتى افعل كذا وكذا من البر ووجوه الخير، فاذا علم الله ذلك منه بصدق نيته كتب الله له من الاجر مثل ما يكتب له لو عمله ان الله واسع كريم".
ومسك الختام قول حبيبنا المصطفى –صلى الله عليه وآله- المروي في امالي الصدوق انه قال: "من تمنى شيئاً وهو لله عزوجل رضا لم يخرج من الدنيا حتى يعطاه"
وختاماً لكم منا خالص الشكر مستمعينا الاطائب على طيب الاستماع لحلقة اليوم من برنامج معالي الاخلاق دمتم في امان الله.