بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أخوتنا وأخواتنا ورحمة الله، أهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج، ومع طائفة أخرى من النصوص الشريفة المبينة لفضيلة التحلي بخلق بر الوالدين وإجتناب عقوقهما، وهو من أسمى الأخلاق الكريمة التي أوصى الله عزوجل بها، والتخلق بها إضافة الى العمل بهذه الوصية الإلهية هو قربة وعبادة لله عزوجل بالتخلق بأخلاق الأنبياء –عليهم السلام- فقد أثنى عزوجل على نبيه يحيى –عليه السلام- إذ وصفه في الآيتين ۱۳ و۱٤ من سورة مريم بقوله:
"وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً{۱۳} وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً{۱٤}"
كما قال عزوجل في الآيات ۳۰ الى ۳۲ من سورة مريم على لسان نبيه وكلمته عيسى بن مريم:
"قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً{۳۰} وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً{۳۱} وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً{۳۲}"
ويستفاد من هذه الآيات أن التخلق بخلق بر الوالدين هو من علامات التقوى ومن وسائل التظهر من التجبر والعصيان والشقاء أعاذنا الله منها جميعا
وبناءً على ما تقدم يتضح مستمعينا الأكارم أن عقوق الوالدين هو من علائم التجبر وأسباب الشقاء، ولذلك نهت عنه النصوص الشريفة رحمة بالناس ودفعاً للأذى عنهم.
فالعقوق من الذنوب التي يصيب آذاها العاق في الدنيا قبل الآخرة كما ينبهنا لذلك نبي الرحمة –صلى الله عليه وآله- في الحديث المروي عنه في أمالي الشيخ الطوسي أنه قال:
"ثلاثة من الذنوب تعجل عقوبتها ولا تؤخر الى الآخرة: عقوق الوالدين والبغي على الناس وكفر الإحسان" يعني مجازاة الحسنة بالسيئة.
وروي في كتاب (علل الشرائع) عن مولانا الإمام الصادق –عليه السلام- قال: "عقوق الوالدين من الكبائر لأن الله عزوجل العاق عصياً شقيا"
وفي ذلك إشارة الى ما ورد في آيات سورة مريم المتقدمة بشأن يحيى وعيسى –عليهما السلام-، عن المقابلة بين البر بالوالدين والعصيان والشقاء.
أيها الأطائب، وفي حديث جامع رواه الشيخ الصدوق في كتاب (علل الشرائع) يبين لنا مولانا الإمام الرؤوف علي الرضا –عليه السلام- الآثار السلبية الكثيرة لعقوق الوالدين في الدنيا والآخرة فيقول:
"حرّم الله عقوق الوالدين، لما فيه من الخروج من التوفيق لطاعة الله عزوجل والتوقير للوالدين وتجنب كفر النعمة وإبطال الشكر، وما يدعو من ذلك الى قلة النسل وإنقطاعه لما في العقوق من قلة توقير الوالدين والعرفان بحقهما وقطع الأرحام والزهد من الوالدين في الولد وترك "الوالدين" التربية بعلة ترك الولد برهما".
من هنا شددت الوصايا الإلهية على المؤمنين إجتناب المؤمنين للعقوق ولو بأبسط مصاديقه كما يشير لذلك مولانا الإمام الصادق –عليه السلام- في الحديث المروي عنه في كتاب الكافي قال:
(لو علم الله شيئاً أدنى من (أف) لنهى عنه وهو من أدنى العقوق، ومن العقوق أن ينظر الرجل الى والديه فيحد النظر إليهما)؛ يعني بغضب.
إنتهى ايها الأطائب لقاء اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق نشكر لكم طيب الإستماع ودمتم بألف خير.