السلام عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة الله…تحية مباركة طيبة نهديها لكم أيها الأعزاء للقاء اليوم من برنامجكم هذا ووقفة تأملية أخرى في النصوص الشريفة التي يحبها الله ورسوله وأولياؤه عليهم السلام.
وقد كانت وقفتان عند الآيات الكريمة التي ترغبنا في هذا الخلق النبيل في الحلقات السابقة نتابعها بوقفة ثالثة…تابعونا على بركة الله.
تبين لنا الآيات الكريمة أن العفو هو الحسنة التي تدفع بها السيئة ولذلك أمر الله به حبيبه المصطفى – صلى الله عليه وآله- حيث قال في الآية السادسة والتسعين من سورة (المؤمنون): "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ".
فقد ورد في تفسير الآية أن التي هي أحسن الصفح عن السيئة والإحسان في مقابلتها ولكن بحيث لا يؤدي الى وهنٍ في الدين.
وروي في الكافي عن مولانا الإمام الصادق- عليه السلام- قال:
"بعث أميرالمؤمنين- عليه السلام- الى بشر بن عطاء التميمي في كلامٍ بلغه- أي بسبب جريرةٍ إرتكبها-، فمر به رسول أميرالمؤمنين- عليه السلام- في بني أسد فقام نعيم بن دجاجه الأسدي فأفلته- أي خلص بشراً من العقاب، فبعث إليه أميرالمؤمنين- عليه السلام- فأتوه به وأمر به أن يضرب- تأديباً على تهريبه الجاني-، فقال له نعيم: أما والله إن المقام معك لذلّ وإن فراقك لكفر، فلما سمع- عليه السلام- ذلك منه قال: يا نعيم قد عفونا عنك إن الله عزوجل يقول "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ".
أما قولك: إن المقام معك لذل، فسيئةٌ اكتسبتها، وأما قولك: وإن فراقك لكفر فحسنة اكتسبتها فهذه بهذه، ثم أمر أن يخلّى عنه".
ويقول تبارك وتعالى في الآية الثانية والعشرين عن صفات أولياء الله: "وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ" (الرعد۲۲).
وقد ورد في تفسيرها أنهم يجازون الإساءة بالإحسان ويعفون عنها.
وقال تبارك وتعالى في الآية الأخيرة من سورة الزخرف بشأن التعامل مع الذين لا يؤمنون "فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ"(الزخرف۸۹).
ويأمر عزوجل المؤمنين كافة بمثل ذلك فيقول في الآية الرابعة عشرة من سورة الجاثية "قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ".
ويأمر تبارك وتعالى بالتحلي بهذا الخلق في التعامل مع الوسط العائلي حيث يقول في الآية الرابعة عشرة من سورة التغابن "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (التغابن۱٤).
وأخيراً يقول عزّ من قائل في الآية العاشرة من سورة المزمل مبيناً أحد مصاديق العفو عن الناس "وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً"(المزمل۱۰).
جعلنا الله وإياكم إخوة الإيمان من الساعين للتخلق بهذا الخلق الكريم وسائر الأخلاق التي يحبها الله تبارك وتعالى إنه سميع مجيب…وبهذا ينتهي لقاء اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق إستمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين.