السلام عليكم إخوة الإيمان ورحمة الله، أهلا بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج لنا فيه وقفة أخرى عند الأحاديث الشريفة التي تأمرنا بأحد أكرم الأخلاق الفاضلة التي تحلى بها أنبياء الله وأولياؤه الصادقون – عليهم السلام – وهو خلق مداراة الناس بجميع صنوفهم.. تابعونا على بركة الله.
روي عن مولانا السبط الأكبر الحسن المجتبى – عليه السلام – كما في كتاب نهج السعادة أنه قال: "رأس العقل معاشرة الناس بالجميل، وبالعقل تدرك الداران جميعا، ومن حرم العقل حرم الدارين جميعا".
وفي كاب مستدرك الوسائل عن مولانا الصادق – عليه السلام – قال: "كمال الأدب والمروءة في سبع خصال: العقل والحلم والصبر والرفق والصمت وحسن الخلق والمداراة".
وفي كتاب تحف العقول عن مولانا الإمام الصادق أيضا قال – عليه السلام – "ثلاثة لا يعذر المرء فيها – يعني في تركها –: مشاورة ناصح ومداراة حاسد والتحبب إلى الناس".
أيها الأحبة، يستفاد من الأحاديث الشريفة المتقدمة وغيرها أن من بركات مداراة الناس سلامة دين الإنسان ودنياه ودفع الشرور عنه، وهذا ما تصرح به أحاديث أخرى نظير المروي عن إمامنا محمد الجواد – عليه السلام – قال: "من هجر المداراة قاربه المكروه".
وروي في كتاب علل الشرائع للشيخ الصدوق أن سفيان بن عيينة قال: قلت للزهري – وكان من علماء بني أمية – لقيت علي الحسين؟قال نعم وما لقيت أحدا أفضل منه، وما علمت له صديقا في السر ولا عدوا في العلانية،.. لأني لم أر أحدا وإن كان يحبه إلا وهو لشدة معرفته بفضله يحسده، ولا رأيت أحدا وإن كان يبغضه إلا وهو لشدة مداراته له يداريه.
أيها الإخوة والأخوات، يستتفاد من الأحاديث الشريفة أن أئمة العترة المحمدية – عليهم السلام – كانوا يوصون أصحابهم بالتحلي بخلق المداراة حتى مع الذين يؤذونهم حسبة عند الله عزوجل وسعيا لإصلاح الذين يؤذونهم. تأملوا أحباءنا في ثمرة المداراة التي تشتمل عليها الحادثة التالية التي رواها الشيخ المفيد في الأمالي مسندا عن بكر بن صالح قال: كتب صهر لي إلى أبي جعفر الثاني [يعني الإمام محمدا الجواد _عليه السلام_] يقول: "إن أبي ناصب خبيث الرأي وقد لقيت منه شدة وجهدا – أي أذي – فرأيك جعلت فداك"، في الدعاء لي، وما ترى جعلت فداك أفترى أن أكاشفه أم أداريه؟ فكتب الإمام الجواد له يقول: "قد فهمت كتابك وما ذكرت من أمر أبيك ولست أدع الدعاء لك إن شاء الله والمدراة خير لك من المكاشفة ومع العسر يسر، فاصبر إن العاقبة للمتقين، ثبتك الله على ولاية من توليت، نحن وأنتم في وديعة الذي لا تضيع ودائعه".
قال الراوي: فعطف الله بقلب أبيه حتى صار لا يخالفه في شيء.
إنتهى أحبائنا مستمعي إذاعة طهران الوقت المخصص لحلقة اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق، تقبل الله أعمالكم ودمتم بكل خير.