البث المباشر

فاطمة في آية (الذين يذكرون الله)

الأحد 29 سبتمبر 2019 - 11:38 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - فاطمة في القرآن والسنة: الحلقة 12

 

بسم الله الرحمن الرحيم "الحمد لله الأول قبل الإنشاء، والآخر بعد فناء الأشياء، وأزكى الصّلوات على سيد الرسل والأنبياء، وعلى آله الأولياء الشّهداء" . إخوتنا الأعزّة الأكارم... السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. * إنّ القرآن الكريم هو أحد الثقلين اللّذين أوصى بهما رسول الله صلى الله عليه وآله، لا بالتعرّف عليهما والرجوع أحياناً إليهما، بل أوصى بالتمسّك بهما... لماذا ؟ لأنّهما سبيل النجاة، وإذا كان القرآن ثقلاً صامتاً فإنّ أهل البيت عليهم السلام هو الثّقل الناطق، وقد عرّفوا بكتاب الله تعالى أفضل تعريف وأكمله وأصحّه وأدقّه، كذلك عرّف القرآن الكريم بأهل البيت سلام الله عليه أجلّ تعريف وأكرمه... كيف ذلك؟ باختصار – أيها الإخوة الأفاضل – نتبين ذلك هنا من خلال ثلاث روايات فقط: الأولي: قول أميرالمؤمنين عليه السلام: "كتاب الله تبصرون به، وتنطقون به، وتسمعون به، وينطق بعضه ببعض، ويشهد بعضه على بعض..." . (نهج البلاغة: الخطبة ۱۳۳ )

*******


أما الرواية الثانية – أيها الإخوة الأعزّة فهي قول أميرالمؤمنين عليه السلام أيضاً: "إنّه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحقّ، ولا أظهر من الباطل، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله، وليس عند الناس سلعة أبور من الكتاب إذا تُلي حقّ تلاوته، ولا أنفق منه إذا حرّف عن مواضعه، ولا في البلاد شيء أنكر من المعروف، ولا أعرف من المنكر!... ولن تأخذوا الكتاب حتّى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسّكوا به حتّى تعرفوا الذي نبذه. فالتمسوا ذلك من عند أهله، فإنهم عيش العلم و موت الجهل: هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم، وصمتهم عن منطقهم، و ظاهرهم عن باطنهم، لا يخالفون الدّين ولا يختلفون فيه، فهو بينهم شاهد صادق، وصامت ناطق" . (الخطبة: ۱٤۷ من نهج البلاغة) وهؤلاء الذين هم عيش العلم وموت الجهل، هم أهل البيت الذين بهم يكون للقرآن معنى ناطق يفهمه الناس، وعنهم تعرف أحكامه وعقائد الدين ونهج الشريعة ومكارم الأخلاق. أمّا الرواية الثالثة فللإمام الصادق عليه السلام، حيث قال: "من لم يعرف الحقّ من القرآن لم يتنكب الفتن" . نعم...الحقّ في القرآن.. ولكن من كان فهم القرآن، ومن عرّفه للناس وفسّره وبينه؟ هذا ما ينبغي أن يعرفه المسلم عن دليل وبصيرة، فإلى ذلك بعد هذه الوقفة القصيرة.

*******


إنّ القرآن الكريم – أيها الإخوة الأحبة – قد صدع بالحق، وبين الحقائق، لكنّ من الناس من لم يفهمه، ومنهم من لم يهتمّ بفهمه، ومنهم من حاول تجاهله أو التعتيم عليه، أمّا الموفّقون فقد طالبوا ببيانه، وأنصتوا لمعانيه ومفاهيمه وأغراضه ومناسباته... وذلك ممّا فسّره رسول الله صلى الله عليه وآله وبينه أهل بيته وأوصياؤه عليهم السلام، وتناقل ذلك أصحابه المنتجبون... أمّا الذين لم تخرج الجاهلية من قلوبهم، فقد كتموا الحقائق المهمّة، لا سيما التي تتعلّق بفضائل أهل البيت النبويّ، حسداً وبغضاً، لكنّ الله تعالى أجرى تلك الحقائق على ألسن أخرى، أدلت بها عن ضمير تيقّظ، أو إعجاب طفح، أو إقرار يحترم العقل ويعترف بالواقع ويكره الكذب والتزوير والتحريف، وربّما أطلقت الحقائق بلا اختيار حكمةً بالغةً من الله تعالى، وحجّةً قائمةً على من أنكر وغالط وحرّف، وربما كان ذلك ولاء ومحبّة و ولاية صادقة، انتصاراً للحقّ وأهله، وائتماراً بأمر الله تعالى، وانجذاباً للقرآن والرسالة وللنبيّ صلى الله عليه و آله ولأهل بيته وخاصّته سلام الله عليه. وكان ممّا روي في بيان إحدى الحقائق ما أورده الشيخ الطوسيّ في (أماليه)، والسيد المحقّق الفاضل... السيد هاشم البحرانيّ في (حلية الأبرار) أنّ أبا عبيدة، ابن الصحابيّ المعروف عبدالله بن مسعود حدّث عن جماعة قصّة هجرة الإمام عليّ عليه السلام من مكة إلى المدينة بعد رسول الله صلى الله عليه واله وقد تكفّل الفواطم أخذهنّ معه وحمى عنهنّ، وهنّ: فاطمة بنت أسد أمّه، وفاطمة بنت رسول الله، وفاطمة بنت الزبير... قال: وكانوا يصلّون لله ليلتهم، ويذكرون قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، فلم يزالوا كذلك – أي في منازل الطريق إلى المدينة حتّى طلع الفجر، فصلّى عليّ عليه السلام بهم صلاة الفجر، ثمّ سار لوجهه، فجعل وهم يصنعون ذلك منزلاً بعد منزل، يعبدون الله عزّوجلّ ويرغبون إليه كذلك، حتّى قدم المدينة. وقد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم، قوله تعالي: "الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ... " إلى قوله تعالي: "فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى" . قال: الذّكر عليّ، والأنثي: الفواطم. ثمّ قال تعالي: "بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ" قال الراوي: أي عليّ من فاطمة. أو قال في نصّ آخر: أي الفواطم، وهنّ من عليّ. بعدها قال تعالي: "فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ" . (سورة آل عمران۱۹٥)

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة