البث المباشر

فاطمة ( ع) ممن يباهل ألله بهم

الأحد 29 سبتمبر 2019 - 10:19 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - فاطمه في القرآن والسنة: الحلقة 10

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وأزكي الصلاة والسلام على المصطفى حبيب الله، وعلى آله الهداة أولياء الله. إخوتنا الأفاضل... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وتحياته ورحماته. إنّ في (تحف العقول عن آل الرسول) لابن شعبة الحرّانيّ حديثاً لافتاً للأذهان، يرويه عن الإمام موسى الكاظم عليه السلام، يقول فيه: "إنّ لله على الناس حجّتين: حجةً ظاهرة، وحجّة باطنة. فأمّا الظاهرةُ فالرسل والأنبياء والأئمة، وأما الباطنة فالعقول" . وها هي بين أيدينا – أيها الإخوة الأعزة – آيات القرآن بينات، تصدع بفضائل أهل البيت عليهم السلام، وتلك أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله تعبق بمناقبهم وكراماتهم، وأمّا العقول... فماذا تريد أن تقول إذا علمت أنّ النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بأهل نصارى نجران بأربعةٍ فقط من هذه الأمّة ولم يباهل بغيرهم، لا بزوجاته ولا بأقربائه، ولا بأصحابه وحوارييه، بل أقبل على القوم بأعزّ الخلق عليه وعلى الله تعالى، وأكرمهم وأحبّهم لديه ولدى الله جلّ وعلا، فماذا تفهم العقول بهذا من دلائل، وأيّ شيءٍ تجنّي في تفكرها من ثمارٍ وقطوف وحصائل؟! روى جمعٌ من علماء المسلمين، منهم مسلم في (صحيحه ج ۷ ص ۱۳۰)، وابن البطريق في (العمدة: ص ۱۸۹/ الحديث ۲۹۰)، والشروانيُّ في (المناقب)... أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله لمّا قال لعليّ وفاطمةَ والحسن والحسين عليهم السلام في مباهلته النصارى: إذا دعوت فأمّنوا، التفت أسقف نجرانَ إلى قومه فنادى بهم: يا معشر النصارى، إنّي لأرى وجوهاً، لو شاء الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها! فلا تباهلوا فتهلكوا. وفي رواية ابن الأثير في (الكامل في التاريخ) أنّ وفد النصارى قالوا لمّا رأوا أهل البيت عليهم السلام: هذه وجوهٌ لو أقسمت على الله أن يزيل الجبال لأزالها. فمن أين دبَّ الخوف والقلق والتزلزل إلى قلوب النصارى؟! جاء في (فرائد السمطين) للجوينيّ الشافعي، و(مناقب علي بن أبي طالب) لابن المغازليّ الشافعيّ، و(أسباب النزول) للواحديّ، و(شواهد التنزيل) للحسكانيّ الحنفيّ... وغيرهم، أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله لمّا غدا إلى المباهلة وقد أخذ بيد عليٍ والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام، قال العاقب والطيب رئيسا وفدِ نصارى نجران: أتى محمّدٌ بخواصّه، واثقاً بديانتهم. أجل... فإذا كانت المباهلة احتجاجاً مصيرياً، لأنّ فيه ملاعنةً ودعوةً إلى إنزال العذاب المهلك على الكاذبين، فإنّ النبيَّ صلى الله عليه وآله كان باهل بالأقرب إلى الله، والأعزّ والأحبّ والأقدس، مؤكداً اطمئنانه بدعوته وصدق دعواه.. وأنّه قدم بوجوه لا يخيبها الله تعالى إذا دعت، وكان السيد والعاقب قد سألا رسول الله: بمن تُباهلنا؟ فأجابهم: ((أُباهلكم بخير أهل الأرض...))، وأشار إلى عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، فقالا: فما نراك جئت تُباهلنا بالكبر، ولا الكثَر، ولا أهل الشارة ممّن آمن بك واتّبعك... أبهؤلاء جئتنا؟! فأجابهم صلى الله عليه وآله مرّةً أخرى: "أجل... بهؤلاء، وهُم خيرُ أهل الأرض، وأفضل الخلق" ! فارتعد النصارى، وتراجعوا ولم يباهلوا، وطلبوا الصلح! ثمّ – أيها الإخوة الأحبّة – ألم يصُحَ في العقول أن تستنتج أنّ الله تعالى في آية المباهلة قد جعل الأربعة الأطياب علياً وفاطمة والحسنين صلوات الله عليهم أهل بيت النبيّ دون غيرهم، وأخصّهم به نَسَباً وسبباً، حتّى سمّى الحسنين ((الأبناء)) والزهراء فاطمة ((النساء)) وعلياً ((النّفس))، إذ قال عزّ مِن قائل: ((فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم، ونساءنا ونساءكم، وأنفسنا وأنفسكم، ثمّ نبتهل)). ثمّ جعلهم الله جلّ وعلا بذلك وبغيره حججاً على الخلق، حيث تعين في العقول أنّهم الأفضل، ولو كان أحدٌ غيرهم أفضل منهم لباهل النبيُّ به. قال الشيخ المفيد في كتابه الشهير (الإرشاد): إنّ الله جعل علياً وزوجته وولديه حجّةً لنبيه صلى الله عليه وآله، وبرهاناً على دِينه، ونصّ على الحكم بأن الحسنين أبناؤه، وأنّ فاطمة نساؤه، المتوجّه إليهنّ الذّكر والخطاب في الدعاء إلى المباهلة والاحتجاج، وهذا فضلٌ لا يشركهم فيه أحدٌ من الأمّة، ولا قاربهم فيه ولا ماثلهم في معناه. أما السيد شرف الدين الموسويّ – أيها الإخوة الأكارم – فقد كتب في مؤلفه (الكلمة الغرّاء في فضائل الزهراء) يقول مستدلّاً: باهل النّبيُّ صلى الله عليه وآله بعليٍّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.. باهل خصومه بهؤلاء وأمّهات المؤمنين كنَّ في حُجُراته، فلم يدع أيَّ واحدةٍ منهنّ ولا من نساء المهاجرات والأنصار... كما أنّه لم يدع مع سيدي شباب أهل الجنّة أحداً من أبناء الهاشميين، ولا أحداً من أبناء الصحابه... ولم يدع من الأنفس مع عليٍّ حتّى عمّه العبّاس... بل لم يدع أحداً من كافّة عشيرته الأقربين... وكانوا بمرأى من المباهلة ومسمع، ومنتدى من أهلها ومجمع. و هناك نكتة – والكلام لا زال للسيد شرف الدين – وهي أنّ الآية الكريمة ظاهرةٌ في عموم الأبناء والنساء والأنفس، والجمع المضاف هو حقيقة في الاستغراق، فأُطلقت هذه العمومات عليهم بالخصوص لكونهم أكمل الأنام، وتنبيهاً إلى أنّ فيهم من الإخلاص لله في العبودية، ما ليس في جميع البرية.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة