البث المباشر

الروح المحمدية في رجز ولد المرتضي والمجتبي

الثلاثاء 24 سبتمبر 2019 - 09:42 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- هدير الملاحم: الحلقة 13

قال الشهيد الحسيني الغيور عبد الله بن أمير المؤمنين –عليهما السلام– عندما برز لمجاهدة عتاة البغي اليزيدي:

شيخي عليٌ ذو الفخار الأطول

من هاشم الصدق الكريم المفضل

هذا حسين ابن النبي المرسل

عنه نحامي بالحسام الفيصل

تفديه نفسي من أخٍ مبجّل

يا رب فامنحني ثواب المنزل


وقال الفتي الحسيني المجاهد عبد الله بن الإمام المجتبي وهو يخرج علي صغر سنه للدفاع عن عمه الإمام الحسين عليه السلام:

إن تنكروي فانا ابن حيدره

ضرغام آجامٍ وليث قسورة

علي الأعادي مثل ريح صرصره

أكيلكم بالسيف كيل السندرة


بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله الذي أكرمنا بالإسلام، وأزكي الصلوات علي نبيّ الهدي وعلي آله البررة الكرام.
إخوتنا الأفاضل، أخواتنا الفاضلات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد كانت كربلاء – بحقّ – ملحمةً تاريخيةً عظمي، لم يكن لها مثيل، لا سابقٌ ولا لاحق.. وقد كان فيها اصطدامٌ واشتباك وصراع، بين الحقّ والباطل، والخير والشرّ، والصلاح والفساد، وكأنّه يتجدّد بين الحين والآخر، والآونة والأخري.. منذ أن قتل قابيل هابيل. ولكنّ الذي كان في كربلاء يوم عاشوراء أمرٌ فضيعٌ وعجيب، بل وغريبٌ ورهيب، فقد نزل إلي الميدان أولاد أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام يقاتلون فرادي جيشاً يتكدّس فيه الآلاف متعطّشين لسفك الدماء، طامعين في جوائز القادة اللّعناء!
لكن هناك ظهرت النزعة العلوية الغيورة علي الدين، والمدافعة عن حريم رسول ربّ العالمين.. تلك النزعة الشجاعة التي ورثت عن الأب الهُمام عليّ بن أبي طالب، وعن الجدّ المقدام أبي طالب، والسّلف الشامخ من هذه السُّلالة الحنيفية الموحّدة، إباءً وعزّةً وشرفاً أثيلاً، وحماية للدين علي مدي التاريخ. وبالأمس القريب شهدت معارك الإسلام بطولات الإمام عليٍّ -عليه السلام- ومواقفه في كشف غارات المشركين ورايات الكافرين عن وجه رسول الله -صلّي الله عليه وآله. وهذه كربلاء في عاشوراءها المهول، برز أولاد عليٍّ علي سرّأبيهم يعسوب الدين، وقائد الغُرّ المحجّلين، يشهرون سيوفهم دون وجه أخيهم أبي عبد الله الحسين حمايةً له، ويطلقون أراجيزهم دفاعاً عنه وافتخاراً به.
فهذا عبد الله أحد أولاد أمير المؤمنين يبرز إلي ساحة المعركة مفتخراً بموقفه بعد محتده، وحقّ له ذلك وهو ابن الأشراف، فيرتجز قائلاً:

شيخي عليٌّ ذو الفخار الأطول

من هاشم الصّدق الكريم المفضل

هذا حسين ابن النبيّ المرسل

عنه نحامي بالحسام المصقل


و في بعض المقاتل : نذود عنه بالحسام الفيصل. وبقية الأرجوزة :

تفدية نفسي من أخٍ مبجّل

يا ربّ فامنحني ثواب المنزل


أجل أيها الإخوة الأكارم.. تلك أرجوزة عبدالله بن عليّ بن أبي طالب، بين الافتخار تدور وبين التعريف أنّ القتال دائرٌ علي الدفاع عن إمام الحقّ، ابن رسول الله صلّي الله عليه وآله، الذي يحرم قتاله، ويجب حمايته، ويفتخر المؤمن لو جاهد بين يديه حتّي يستشهد وقد خلّف ما خلّف من قتلي المتجاوزين علي حرمات النّبوة والإمامة. ومن هنا خرج عمر الأكبر ابن الإمام عليٍّ عليه السلام إلي ساحة الطف مدافعاً عن أخيه وإمامه الحسين عليه السلام وهو يرتجز ويقول مخاطباً القوم عامّة، وزاجراً أحد لؤمائهم خاصّة :

أضربكم، ولا أري فيكم زجر

ذاك الشّقي بالنبيّ قد كفر

يا زجر يا زجر تدان من عمر

لعلّك اليوم تبوّا من سقر

شرّ مكانٍ في حريقٍ وسعر

لأنّك الجاحد يا شرّ البشر!


وقد قيل أنّ هذا المخاطب هو(زحر)، وهو قاتل أخيه أبي بكر بن
الإمام عليٍّ عليه السلام، حيث برز عمر هذا بعد أخيه أبي أخيه يخاطب قاتله. وقد روي أنّ عمر هذا قاتل حتّي جرح ولم يقتل، كما روي أنّ الأرجوزة هذه هي لأخيه عمر الأصغر، أنشدها وهو يحمل صولته علي زحر، فقتله هذا اللئيم، فخرج أخوه عمر الأكبر في أثر أخيه، ولعلّه قبل مقتله يستنقذه، وهو يرتجز قائلاً في خطابه للقوم:

خلّوا عداة الله خلّوا عن عمر

خلّوا عن الّليث العبوس المكفهر

يضربكم بسيفه ولايفرّ

وليس فيها كالجبان المنجحر


و كان للإمام الحسن المجتبي -عليه السلام– حضورٌ طليعيٌ في كربلاء أيضاً، وذلك من خلال أولاده الذين استشهدوا بين يدي عمّهم الحسين -عليه السلام- كان منهم : القاسم رضوان الله عليه، وكان له أخٌ اسمه عبد الله، وقد برز علي صغر سنّه إلي قتال جيش عمر بن سعد في معركة الطّف الكبري، وكان يخشي عليه، كما كان من رأوه يتوقعون أن يهتزّ أمام جحافل العدوّ، لكنّ صوته صك أسماع العتاة حين خاطبهم بهذه الأرجوزة الحسنية الشّجاعة:

إن تنكروني فأنا ابن حيدرة

ضرغام آجامٍ وليثٌ قسورة

علي الأعادي مثل ريحٍ صرصرة

أكيلكم بالسيف كيل السّندرة

فعرّف نفسه أنّه حفيد بطل الأبطال حيدرة الكرّار صلوات الله عليه، وأنّه أسدٌ في مأواه، أو ريحٌ عاصفة باردة، وأنّه سينزل عليهم كيلاً ضخماً. هكذا يعتز عبد الله بن الإمام الحسن الزكيّ بنفسه وكرامته، فليقتل علي هذه الروحية الشامخة. وكان له أخٌ اسمه أحمد، هو الآخر خرج يدافع عن عمّه وإمامه الحسين، وهو كذلك كانت له أرجوزةٌ، بل أراجيز ذات صبرٍ وجهادٍ وبسالة، كان منها قوله:

إصبر قليلاً، فالمني بعد العطش

فإنّ روحي في الجهاد تنكمش

لاأرهب الموت إذا الموت وحش

ولم أكن عند اللقاء ذا رعش


نعم-أعزائي الكرام- فروحه راغبة في الشهادة منكمشة عن الحياة مع الظالمين، فقاتل وهو في ريعان شبابه لايهاب المتقدّمين، بل يهددّهم ويوعدهم ولو أنّه قتيلٌ عن لحظاتٍ قلائل، فيقول لهم:

إليكم من بني المختار ضرباً

يشيب لهوله رأس الرضيع

يبيد معاشر الكفّار جمعا

بكلّ مهنّدٍ عضبٍ قطيع


ويحمل علي القوم لايبالي بجمعهم، إذ هو من معشرٍ لم يدخل الخوف من الناس قلوبهم قطّ، فيرتجز يصدع في وجه مقاتليه:

إنّي أنا نجل الإمام ابن علي

نحن وبيت الله أولي بالنبي

أضربكم بالسيف حتّي يلتوي

أطعنكم بالرمح حتّي ينثني

ضرب غلامٍ هاشمي علوي

حتّي تولّوا عن قتال ابن علي


أجل-مستمعينا الكرام- وهل ينتظر أن يسمع غير هذا وأمثاله من أولاد عليٍّ وأحفاد علي؟! وبهذا-اعزاءنا المستمعين- تنتهي حلقة أخري من برنامج هدير الملاحم قدّمناها لحضراتكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. شكرا لطيب المتابعة والإصغاء، الى اللقاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة