في يوم عاشوراء خرج الهاشمي البطل عمر بن الامام علي _عليهماالسَّلام_ يطلب أحد عتاة جيش البغي الأموي اسمه (زجر) أمعن في الغدر بالذرية الطاهرة، وكان يرتجز قائلاً:
أضربكم، ولا أرى فيكم زجر
ذاك الشقي بالنبي قد كفر
خلوا عداة الله خلوا عن عمر
خلوا عن الليث العبوس المكفهر
يضربكم بسيفه ولا يفر
وليس فيها كالجبان المنجحر
يا زجر يا زجر تدان من عمر
لعلك اليوم تبوء من سقر
شر مكان ٍ في حريق وسعر
لأنك الجاحد يا شر البشر
"اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد، وآخر تابع على ذلك، اللهم ألعن العصابة التي جاهدت الحسين، وشايعت وبايعت وتابعت على قتله، اللهم إلعنهم جميعاً" اخوتنا الأعزة المؤمنين، السَّلام عليكم، وعظم الله أجوركم بالمصاب الجلل بأبي عبدالله الحسين _صلوات الله عليه_ "إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (سورة البقرة۱٥٦) "... وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (سورة الشعراء۲۲۷) . "اللهم لك الحمد حمد الشاكرين لك على مصابهم، الحمد لله على عظيم رزيتي، اللهم ارزقني شفاعة الحسين يوم الورود وثبت لي قدم صدقٍ عندك مع الحسين وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين _ عليه السَّلام" اخوتنا الأفاضل.. عندما بزغ نور الاسلام بددّ ظلمات الوثنية وأخذ يفضح أصحاب الجاهلية الأولى ومن بعدهم أصحاب الجاهليات الجديدة التي تقمصت بظواهر الاسلام أو تخفت وراء الادعاءات المموهة الخادعة! وقد دخل الاسلام الحنيف جميع مجالات الحياة منها الأدب ومنه الشعر ودخل كذلك الى فنون الشعر ومنها الأرجوزة ولكن – أيها الاخوة الأكارم اذا كانت الأرجوزة الجاهلية تتقيأ الأضاليل والعصبيات الحمقاء وتعرض الميول الباطلة والنزعات الفاسدة وترشح جبناً مبطنا وهوى شيطانياً مندفعاً نحو الانتقام وسفك الدماء ومحاربة الدين والهجوم العارم الأحمق في القضاء على دعوات الأنبياء والأولياء عليهم السَّلام فان الأرجوزة العاشورائية الحسينية الأبية قد فاضت عقيدة ً صالحة راسخة وطفحت رجولة ً وشهامة ً وشجاعةً ثابتة صادقة. نعم – اخوتنا الأحبة الأعزة –.. لقد أقبل الاسلام يصلح العقول والقلوب معا، وينقي النفوس والضمائر معاً، ويرشد الى الايمان والتقوى والفضيلة، فيجعل المواهب موظفة للخير والحق والأخلاق، ويجابه كل ظلم وعدوان وفساد. ولما كان للمشركين والكافرين شعاراتهم فليكن للمسلمين كذلك شعاراتهم، واذا كان للضالين المضلين أراجيزهم كذا ليكن للمؤمنين الأباة الغيارى أراجيزهم. روي أن رسول الله _صلى الله عليه وآله وسلم_ قال لسريةٍ بعثها: "ليكن شعاركم، حم لا ينصرون، فإنه اسم من اسماء الله تعالى" هكذا روى أمير المؤمنين علي _ عليه السَّلام _ وجاء عنه _ عليه السَّلام _ أيضاً قوله: "أن رسول الله _ صلى الله عليه وآله _ أمر بالشعار قبل الحرب وقال: وليكن في شعاركم اسم من أسماء الله تعالى"، وعنه _ سلام الله عليه _ كذلك: "كان شعار أصحاب رسول الله _صلى الله عليه وآله_ يوم بدر: يا منصور أمت"، وفي حديث للامام الصادق _عليه السَّلام_ حول أصحاب الامام المهدي _عجل الله تعالى فرجه_ أن شعارهم: "يا لثارات الحسين _ عليه السَّلام".
وقريب من الشعار – أيها الاخوة الأعزة – الأرجوزة فهي بيان واعلان وافصاح بل ومقابلة وتحدٍ ونزال لفظي يعقبه نزال حربي..كما وقع ذلك في معارك الاسلام الأولي…..، قال ابن عباس: لما كان يوم أحد، صعد أبو سفيان الجبل فقال رسول الله _صلى الله عليه وآله_: "اللهم انه ليس لهم أن يعلونا" فمكث أبوسفيان ساعة ً وقال: يوماً بيوم، وان الأيام دول وان الحرب سجال! فقال _ صلى الله عليه وآله _: "أجيبوه" فقالوا: لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار! فقال: لنا عزى ولاعزى لكم فقال النبي _صلى الله عليه وآله_ : "الله مولانا ولا مولى لكم" فصرخ أبوسفيان صرخته الجاهلية: أعل هبل.. أعل هبل! فأجابه رسول الله _صلى الله عليه وآله_ بالمقابل رجزاً برجز: "الله أعلى وأجل" هذه رواية عبدالله بن عباس، أما رواية أبي الطفيل عامر بن واثلة فهكذا جاءت: ان رسول الله _ صلى الله عليه وآله_ لعن أبا سفيان في سبعة مواطن في كلهن لا يستطيع الا أن يلعنه: أولهن يوم لعنه الله ورسوله وهو خارج من مكة الى المدينة، أي النبي _صلى الله عليه وآله_ مهاجراً وأبوسفيان جاء من الشام فوقع فيه أبوسفيان يسبه ويوعده وهم أن يقتله فصرفه الله عن رسوله والثانية يوم العير اذ طردها (أي أبو سفيان تلك العير) ليحرزها عن رسول الله _ صلى الله عليه وآله _ فلعنه الله ورسوله والثالثة يوم احد، قال أبوسفيان: أعل هبل، فقال رسول الله _صلى الله عليه وآله_: "الله أعلى وأجل" فقال أبوسفيان: لنا عزى ولاعزى لكم، فقال رسول الله _صلى الله عليه واله وسلم_: "الله مولانا ولامولى لكم!" والرابعة – يوم الخندق، يوم جاء أبو سفيان فى جمع قريشٍ فردهم الله بغيظهم لم ينالوا خيرا، وأنزل الله عزَّ وجلَّ في القرآن آيتين في سورة الأحزاب فسمى أبا سفيان وأصحابه كفاراً، ومعاوية مشرك عدو لله ولرسوله. والخامسة يوم الحديبية والهدي معكوفاً أن يبلغ محله، وصد مشركو قريش رسول الله _صلى الله عليه وآله وسلم_ عن المسجد الحرام، وصدوا البدن أن تبلغ المنحر، فرجع رسول الله _صلى الله عليه وآله_ لم يطف بالكعبة ولم يقض نسكه فلعنه الله ورسوله. والسادسة يوم الاحزاب يوم جاء أبو سفيان يجمع قريشاً وعامر بن الطفيل، بجمع هوازن، وعيينة بن حصن بقطفان، وواعد لهم قريظة والنضير أن يأتوهم فلعن رسول الله _صلى الله عليه وآله _ القادة والاتباع وقال: " أما الأتباع فلا تصيب اللعنة مؤمناً، وأما القادة فليس فيهم مؤمن ولا نجيب ولا ناجٍ" والسابعة يوم حملوا على رسول الله _صلى الله عليه وآله_ في العقبة وهم اثنا عشر رجلاً من بني أمية وخمسة من سائر الناس، فلعن رسول الله _صلى الله عليه وآله_ من على العقبة غير النبي _صلى الله عليه وآله_ وناقته وسائقه وقائده. أجل.. وفي كربلاء كان القوم أبناء أولئك القوم فنزلت اللعنة على قتلة الحسين وقتلة اله وصحبه وكان قبيل ذلك أراجيز هي هدير الملاحم.
أيها الاخوة والاخوات، أما القيمة المحورية التي سجلها البطل الهاشمي عمر بن الامام علي _عليه السَّلام_ والذي ابتدأنا به هذا اللقاء فهي التأكيد على أن قتال الامام الحق يعني الكفر العملي بالنبي الأكرم _صلى الله عليه وآله_ وجحود الهدايات القرآنية والنبوية التي عرفت الناس بأوصياء النبي الاكرم _صلى الله عليه وآله_ وبهذا تنتهي هذه الحلقة من برنامج هدير الملاحم استمعتم لها من اذاعة طهران شكراً لكم والسَّلام عليكم.