البث المباشر

اشعار القاسم في يوم عاشوراء

الإثنين 23 سبتمبر 2019 - 13:23 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- هدير الملاحم: الحلقة 4

المقدمة


كان من رجز مولانا القاسم بن الامام الحسن المجتبى _عليهما السلام_ وهو يجاهد أهل الشقاق والنفاق يوم عاشوراء قوله عليه السلام:

إني أنا القاسم من نسل علي

نحن وبيت الله أولى بالنبي

من شمر ذي الجوشن أو ابن الدعي


وقال سلام الله عليه مخاطباً جيش الضلال:

ان تنكروني فانا فرع الحسن

سبط النبي المصطفى والمؤتمن

هذا حسين كالاسير المرتهن

بين أناسٍ لا سقوا صوب المزن

 

وقال _عليه السلام_ صادعاً بكلمة الحق بوجه الظالمين:

ياعصبة جارت على نبيها

وكدرت من عيشها ما قد نقى

في كل يوم تقتلون سيداً

من أهله ظلماً وذبحاً من قفا

 

وقال قبيل استشهاده عليه السلام:

 

لا تجزعي نفسي فكل فاني

اليوم تلقين ذوي الجنان

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي من علينا بمحمد ٍوآل محمد، والحمد له اذ جعلنا لهم موالين، ولأحزانهم محزونين. إخوتنا الأكارم – السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعظم الله لكم الأجر والثواب، بكل عبرةٍ ودمعةٍ على ماجرى على الحسين وآله من المصاب، فقد أفجعت أيام محرمٍ الحرام آل البيت، وهي ماتزال تفجع مواليهم بذكرياتها الأليمة، تلك التي امتزجت فيها الأحزان بمفاخر التاريخ، اذ لم يقتل شهداء كربلاء إلا وهم في أوج العز والشرف والكرامة، فقتلوا مقبلين على طاعة الله حتى الشهادة، وقابلوا الألوف وهم أفراد قلائل، لم يخضعوا للعدد ولا للعدد، فكانوا – بحق في قمة شجاعتهم غير متزلزلين ولا مرهوبين، بل كانوا – بحقٍ مزلزلين لأعدائهم راهبين، رغم أن كان فيهم الشيبة الهم، كحبيب بن مظاهر، والشباب اليافع، كالقاسم بن الامام الحسن المجتبى _عليه السلام_، ذلكم النبعة الحسنية الزاكية، جده أمير المؤمنين علي بطل الأبطال، ومجندل الرجال، ومسطر الملاحم في كل قتالٍ ونزال، حيث قتل على يديه صناديد العرب. وجدته الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء بنت رسول الله خاتم الرسل والأنبياء، سيدة نساء العالمين من الأولين والاخرين، وأبوه سبط النبي – وريحانته، وسيد شباب أهل الجنة، فهو سليل المجد والعز والهدي، لذا سمع حين خرج الى المعركة ينشد شعراً مفتخراً – وحق له – في أرجوزةٍ قصيرة يعرف بها نفسه الشريفة:

إني أنا القاسم من نسل علي

نحن وبيت الله أولى بالنبي

من شمرذي الجوشن أو ابن الدعي


روى ذلك ابن شهر آشوب في (مناقب آل أبي طالب)، وذكر أنه اعتاد من يخرج الى البراز في ساحة القتال أن يعرف نفسه، ليخرج اليه من هو قرينه أو كفؤ له، وهذه الأرجوزة هي من هذا الباب. لم يعهد – أيها الاخوة الأحبة – أن القاسم بن الحسن (على أبيه وعليه أفضل سلام) كان شاعراً، وهو كما عبر المؤرخون وأصحاب المقاتل – كان يوم نزل الى ساحة النزال غلاماً صغيراً لم يبلغ الحلم، ولكنه أخذته الغيرة على امامه وعمه الحسين عليه السلام وهو يراه قد أحيط به، لا ينصرف القوم الظالمون إلا عن قتاله! فخرج يلتمس الاذن من أبي عبد الله الحسين، والحسين يتحير في ارسال وديعة أخيه الحسن الى معركةٍ تتهاوش فيها الذئاب على تقطيع أوصال المؤمنين، لكن هذا الشاب لم تترك له شهامته صبراً ولااسقراراً، فماذا كان ؟ كتب الخوارزمي الحنفي في كتابه: (مقتل الحسين عليه السلام) ثم خرج القاسم بن الحسن، فلما نظر اليه الحسين اعتنقه، وجعلا يبكيان حتى غشي عليهما، ثم استأذن الغلام للحرب، فأبى عمه الحسين أن يأذن له، فلم يزل الغلام يقبل يدي عمه ورجليه ويسأله الأذن له، حتى خرج ودموعه ماتزال على خديه وهو يرتجز أرجوزته المعرفة الشامخة ويقول:

إن تنكروني فأنا فرع الحسن

سبط النبي المصطفى والمؤتمن

هذا حسين كالاسير المرتهن

بين أناس ٍلا سقوا صوب المزن


انها بيتان، ولكنهما مفعمان بالاعتزاز انتساباً الى سبط رسول الله صلى الله عليه وآله أباً، أنه القاسم حفيد النبي، وحفيد الوصي، وفي هذا التعريف حجة على القوم الذين سيقدمون بعد دقائق على قتله وتقطيعه وهو على حالٍ من الجهد والظمأ، وهذا ما يثبت مروقهم عن الدين، وخيانتهم لسيد المرسلين، فالمرء يحفظ في ولده، فما حفظوا نبيهم في جميع ولده، فقد تعقبوهم بالتقتيل والتحبيس والتشريد، والتقطيع والتسميم والتبعيد.. ألا يكفي ذلك دلائل على كفر القوم وأرتدادهم، وتلك الأرجوزة القاسمية الشامخة قد عرفت للتاريخ من هم قتلته، وقتلة الحسين وأهل بيته وأصحابه ثم أن القاسم بن الحسن – أيها الاخوة الأفاضل – لا ينسى في أرجوزته. الصادعة أن يذكر ماحل بامام الأمة، فيصرخ في العقول أن هذا الذي أمامكم وقد أحطتم به تريدون قتله هو الحسين، نعم.. الحسين بن فاطمة، وفاطمة بنت رسول الله نبيكم، وقد جعلتموه بينكم كالاسير المرتهن، ثم تريدون قتاله ؟! ولم يطق نبعة الحسن المجتبى وهو الغيور الأبي للضيم إلا أن يدعو على الظالمين الذين منعوا الحسين وآله من ماء الفرات، ألا ينزل الله عليهم قطر السماء. هكذا بكل شجاعةٍجسورة يدعو على القوم في وجههم، وكانوا ينتظرون أن يستعطفهم ويرجوهم أن ينصرفوا عنه وعن أهل بيته. بل أردفهم بأرجوزةٍ أخرى وهو يتقدم في ساحة المعركة يصرخ فيهم ويقاتل ويقول يخاطبهم وجهاً لوجه:

ياعصبة ً جارت على نبيها

كدرت من عيشها ماقد نقى

في كل يومٍ تقتلون سيداً

من أهله ظلماً وذبحاً من قفا!


وهكذا – إخوتنا الأعزة الأماجد – بعد أن عرفهم القاسم بنفسه الطاهرة، عرفهم بأفعالهم الكافرة، من الجور على نبيهم في أهل بيته، اذ عزم الخونة المنافقون عليهم قتلاً وظلماً وغدراً، كما هم اليوم في كربلاء، في حر ظهيرة يوم عاشوراء. ويمضي القاسم بن الحسن لا يبالي مقاتلاً يعمل في الغدرة سيفه لوحده وهو غلام دون الرابعة عشر، وهم حشود حاقدة، لاينفك عن نزالهم ومقاتلتهم حتى يستشهد، وهو يشد جوانح نفسه متصبراً مرتجزاً، مستعداً بل مشتاقا للقاء ربه ولقاء أحبته:

لا تجزعي نفسي فكل فاني

اليوم تلقين ذوي الجنان


مستمعينا الأفاضل نلخص أبرز القيم الالهية التي تتجلى فيما روي من الاشعار التي ارتجز بها مولانا القاسم بن السبط المجتبى –عليهما السلام في يوم عاشوراء بالنقاط التالية: أولاً : التأكيد على الترابط الوثيق بين امامة العترة المحمدية ونبوة خاتم الأنبياء – صلى الله عليه وآله فهذه الامامة هي المعبرة عن أهداف الرسالة المحمدية والحافظة لها. ثانياً: التحذير من أن محاربة امامة العترة المحمدية يستتبع الحرمان من البركات الالهية. ثالثاً: التنبيه الى أن الايمان بالمعاد هو من العوامل المهمة في تحلي المجاهدين بالاستقامة والثبات في ظل أصعب الأوضاع. 

اخوتنا هذا هو مسك ختام رابعة حلقات برنامج هدير الملاحم نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة