نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الخاص قراءة بعد زيارة الائمة عليهم السلام ونعني بها الجامعة الكبيرة حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه هذا التوسل واسألك يا رب توبة نصوحاً الى ان يقولوتهون علي سكرات الموت، وتحشرني في زمرة محمد وآله صلوات الله عليهم وتدخلني الجنة برحمتك.
هذه الفقرات من الدعاء تجسد ختام المقطع حيث بدأ المقطع بطلب التوبة وانتهى بتهوين سكرات الموت والحشر مع محمد وآله عليهم السلام ودخول الجنة، ولنتحدث الان عن الفقرات المذكورة تواجهنا فقرة او عبارة متوسلة بالله تعالى بان يهون علينا سكرات الموت، والسؤال الان هو ماذا يستلهم قارئ الدعاء من الاستعارة المتوسلة بالله تعالى بان يهون علينا سكرات الموت؟ أي ماذا نستهلم من عبارة سكرات الموت؟
الجواب هو: ان السكرات هي جمع السكرة والسكرة يرمز بها الى الشدة وهي ما تقرن مع نزع الروح من الجسد حيث تشير النصوص الشرعية الى ان البعض تنزع ارواحهم بسهولة بينما البعض الاخر على العكس بحسب درجة الشخصية من حيث سلامة سلوكها او انحرافها، من هنا فان المؤمن طالما يتوسل بالله تعالى ان يخفف عنه الشدة المشار اليها والنكتة التي نستخلصها من استعارة نزع الروح بالسكرة هي ان السكرة مأخوذة عن السكر الحاصل لشارب الخمر حيث يترنح من الشراب والترنح هنا يحصل خلال الموت او الحشر تعبيراً عن شدة ما يعانيه الشخص من حالات حصول موته.
هنا بعد ان يتوسل الدعاء بالله تعالى بان يهون على قارئ الدعاء سكرات الموت يتوسل الدعاء بان يجتاز هذه المرحلة ليعبر بها الى الامان وهو الحشر مع محمد صلى الله عليه وآله، ليس هذا فحسب بل دخول الجنة برحمة الله تعالى، هنا يثار سؤال في غاية الاهمية الا وهو ان مراحل اليوم الآخر تبدأ اولاً بمرحلة حصول الموت وهو انتزاع الروح ثم قيام الحشر ثم بالمحاسبة ثم بدخول الجنة ولكن الدعاء قدم وآخر ترتيبه لهذه المرحلة مثل توسله بالله تعالى ان يحشر قارئ الدعاء مع محمد(ص) وآله(ع) ثم توسله بان يدخله الله تعالى الجنة فما هو سرّ هذا التقديم للمراحل وتأخيرها؟
في تصورنا ان النكتة هنا هي بما ان الحشر هو تعبير ينسحب على الموقف او عرصة القيامة التي يتم خلالها حشر الناس ومحاسبتهم حينئذ فان الشدة النفسية تحصل هنا حيث ان الحساب بعد العرض يقترن باشد الاهوال بصفة ان العرض شدة والحساب شدة والنتيجة شدة وما دام الامر كذلك فان الحشر اذا كان مع محمد(ص) وآله عليهم السلام في المواقف المذكورة حينئذ فان الاهوال الحاصلة في المواقف المذكورة سوف تنعدم دون ادنى شك وهذا يحصل كما تشير النصوص الشرعية من خلال شفاعة المعصومين عليهم السلام.
ثم نواجه مرحلة اخيرة أي بعد العرض على المعصومين عليهم السلام من خلال الحشر يتحدد المصير الابدي للشخصية القارئة لهذا الدعاء الا وهو الجنة، من هنا ندرك دلالة ما اشار الدعاء الى عبارة (وتدخلني الجنة برحمتك) حيث ان الرحمة هنا في قبول الله تعالى شفاعة المعصومين عليهم السلام، وذلك بالتجاوز عن الذنوب ومن ثم الدخول الى الجنة ان شاء الله تعالى.
اذن امكننا ان نتبين جانباً من اسرار هذا المقطع من الدعاء وهو التوسل بالله تعالى بان يحشرنا مع المعصومين عليهم السلام والدخول من ثم الى الجنة.
ختاماً نسأل الله تعالى ان يجعلنا كذلك وان يوفقنا قبل كل شيء الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******