لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الخاص بعد زيارة الجامعة للائمة عليهم السلام وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا من ذلك الى مقطع يتوسل بالله تعالى ان يرحم قارئ الدعاء وان يقضي حاجاته ومنها ان يثبته الله تعالى على طاعته وطاعة رسوله(ص) وطاعة الائمة عليهم السلام، قائلاً (وتحييني ما احييتني على طاعتهم، وتميتني اذا امتني على طاعتهم، وان لا تمحو من قلبي مودتهم ومحبتهم وبغض اعدائهم ومرافقة اوليائهم وبرهم).
ان هذا المقطع من الدعاء امتداد لموضوع سابق هو اطاعته تعالى ورسوله(ص) والائمة عليهم السلام، حيث انتهى من ذلك أي التوسل بالله تعالى بان يحيي قارئ الدعاء على طاعة الائمة عليهم السلام، ويميته على طاعتهم ايضاً.
والسؤال الاول هو ما هي النكتة التي يمكن استيحاؤها من طلب الموت والحياة على طاعة الائمة عليهم السلام؟ هذا ما سنحدثك عنه الان ...
من الحقائق الواضحة ان اية طاعة او عبادة لا تكتسب اهميتها الا في حالة استمراريتها الى وفاة العبد .. فقد يبدأ الانسان حياته بالخير ولكنه يختمها بالسوء، وقد يكون العكس، وقد يجمع بين الحياة والموت في ممارسته للطاعة، هذا من جانب ومن جانب آخر، ان عمر الانسان بيد الله تعالى، بيد ان البعض من البشر قد يطلبون طول الاعمار، وبعضهم عكس ذلك أي اذا كانت الحياة مقرنة بسعادة الشخص فيطلب طول العمر، واذا كان العكس طلب قصر العمر، بيد ان الصائب هو (كما ورد في النصوص الشرعية)، ان يطلب من الله تعالى ان يحييه اذا كانت الحياة خيراً وان يميته اذا كان الموت خيراً له، وهذا ما انسحب على مقطع الدعاء الذي توسل بالله تعالى بان يحيي قارئ الدعاء على طاعة الائمة عليهم السلام، وان يميته على ذلك ليجمع به خير الدنيا والآخرة.
بعد ذلك يتوسل الدعاء بالله تعالى بان لا يمحو من القلب مودة الائمة عليهم السلام وحبهم، وان لا يمحو بغض اعدائهم.
واخيراً ان يرزقه تعالى مرافقة اوليائهم وان يرزقه البر لهم.
اذن نحن الان امام اربعة مطالب الاول هو عدم محو مودة الائمة عليهم السلام ومحبتهم والثاني بغض اعدائهم والثالث مرافقة اوليائهم والرابع البر لهم. ونقف عند كل منها ...
والاول من الموضوعات: هو التوسل بالله تعالى بان يرزق قارئ الدعاء عدم محو مودة الائمة عليهم السلام ومحبتهم. والسؤال هو ما الفارق بين المودة وبين المحبة؟
يبدو من خلال استخدام هاتين العبارتين المحبة والود ان المحبة هي مطلق الحب او الميل النفسي لطرف آخر، اما الود فهو الحب بدوره ولكنه الاعمق او الاشد، ولعل الاشارة القرآنية الكريمة في قوله تعالى: «قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»، تعبير عن المعنى المقصود وهو المحبة الاشد لان المؤمن يحب الله تعالى ورسوله(ص) والائمة عليهم السلام اكثر من محبته لغيرهم كما هو واضح.
واما الموضوع الثاني: فهو بغض الاعداء للائمة عليهم السلام، وهذا الموضوع لا يحتاج الى توضيح، لان المودة والمحبة لطرف يستلزم بالضرورة بغض من يبغض الائمة عليهم السلام.
واما الموضوع الثالث: فهو مرافقتهم في اليوم الاخر ايضاً هذا الموضوع له مسوغاته لان المودة والمحبة لا تقتصر على الحياة الدنيا، بل الاخرة وهي ابقى تطل اشد بطبيعة الحال.
واما اخيراً: ونعني البر للائمة عليهم السلام فأمر من الوضوح بمكان لان الود او الحب يفرض على الموالي والواد ان يقدم لمن يحب ويود ما بوسعه من البر كما هو واضح.
اذن امكننا ان نتبين اهمية هذه الموضوعات الخاصة بعلاقتنا بالائمة عليهم السلام وهي علاقة ايمان يرتبط بمصير الشخصية دنيوياً واخروياً بخاصة، لذلك نسأله تعالى ان يوفقنا الى الالتزام بما يتطلبه الموقف من السلوك حيال الائمة عليهم السلام وان يوفقنا قبل كل شيء الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******