نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها: دعاء الامام المهدي (عليه السلام) الخاص بقراءته بعد زيارته حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا الى مقطع يتحدث عن السمات التي تطبع شخصية الامام (عليه السلام) في نهوضه بالحركة الاصلاحية للعالم، حيث وصف بالراعي، والقائم، والولي، والكلمة التامة الى ان يقول النص: (المرتقب الخائف، والولي الناصح، سفينة النجاح، وعلم الهدى، …)، ان هذه السمات وما سبقها وما يلحقها تظل عرضاً واقعياً يفصح عن ضخامة المهمة التي يضطلع (عليه السلام) بها عند ظهوره، ويعنينا الان ان نحدثك عن كل سمة لاحظناها، ونقف عند عبارة: (المرتقب الخائف)، فماذا تعني؟
ان الخوف هنا ليس بمعنا النفسي الشائع، بل انه ينتسب الى السمة العبادية التي ترد في نصوص شرعية مثل قوله تعالى: «وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ»، انه الخوف العبادي، اما سمة (المرتقب) فلاتحتاج الى توضيح مادامت تعني: الانتظار: كما هو واضح، يبقى ان نحدثك عن السمات الاخرى ومنها: سمة (الولي الناصح)، فماذا نستلهم؟
قبل الاجابة عن السؤال المتقدم، نلفت نظرك الى ثنائية السمة، اي ان النص لم يذكر سمة مفردة (كالولي) او (الناصح) بل يدمجهما في صفة ثنائية واحدة، فما هو السر؟
في تصورنا، ان السمة عندما تنفرد: يكون لها سياقها، وكذلك عندما تزدوج، فبالنسبة الى الامام المهدي (عليه السلام) وهو يضطلع بمهمته التي يملأ بها الارض قسطاً وعدلا، انما ينهض بمهمة تتساوق مع طبيعة حركته الاصلاحية، اي: ان عبارة (الولي) وحدها تعني انه (عليه السلام) يتولى قيادة الحركة، ولكن استكمال اسبابها ونتائجها يرتبط باخلاص القائم بالحركة وهو ما ينسحب عليه مصطلح (الناصح) في حركته: كما هو واضح، والامر كذلك بالنسبة الى العبارة اللاحقة وهي: (سفينة النجاة) و(وعلم الهدى)، ولكن الفارق بين هاتين العبارتين وسابقتيهما، ان السابقتين تشكلان ثنائية في الصفة بينما نجد ان العبارتين اللتين نحدثك عنهما تعدان عبارة اضافة اي: المضاف والمضاف اليه وهما: مظهران مندمجان ايضاً ولكن من خلال الاضافة وليس التزاوج، والان الى تحليل العبارة الاولى: (سفينة النجاة)، فماذا نستلهم؟
مع ان عبارة: (سفينة النجاة) من العبارات التي تتردد على الالسن الا انها تحمل دلالة فائقة يحسن بنا ان نلاحظها.
السفينة كما نعرف هي المركب في البحر وتعني: ان الراكب فيها يحتفظ بسلامة شخصه والا فالغرق هو المصير. فاذا استخدمنا هذه العبارة الاستعارية، اي التي خلعت سمة (السفينة) على مفهوم (النجاة): حينئذ نستخلص بوضوح بأن النجاة هي في النهوض مع الامام (عليه السلام)، بدءاً من الارتقاب لظهوره، الى الاسهام في الحركة اي: نصبح اول ملتحق بمعسكره وانتهاء بالاستقرار في ارض الله تعالى.
بعد ذلك نواجه عبارة: (علم الهدى)، فماذا نستخلص، نحسبك تشاركنا الرأي في ان (العلم) هو الراية، والراية يستدل بها على المعسكر الذي تنضوي تحت رايته، ولا ترديد في ان معسكر الامام (عليه السلام) هو (الهدى)، وهو ما يريده تعالى لعباده من الهداية لمبادئ الله تعالى، متمثلة في الاسلام، في الايمان بالله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) واهل بيته (عليهم السلام) حيث ان الامام المهدي هو من تنتهي الامامة اليه حتى قيام الساعة.
اذن امكننا ان نتبين جانباً من العبارات التي لاحظناها وهي عبارات ثنائية أو تتضمن سمتين ثنائيتين ترتبط احداهما بالاخرى أو تضاف احداهما الي الاخرى كما لاحظنا ذلك قبل قليل.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى الانضمام تحت راية الامام المهدي (عليه السلام) وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.