خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين أيها الأخوة والأخوات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها الأفاضل يامن تجمعنا معكم أواصر حب الشعر وعشق القوافي سلام عليكم ونحن نجدد اللقاء بكم بين رحاب برنامجكم الأسبوعي سير القصائد، كلنا أمل في أن تقضوا معنا أحلى الأوقات وأطيبها بين ربوع الشعر وبين ما أعددناه لكم في محطتنا لهذا الأسبوع من روائع الشعر وخوالده. ندعوكم لإصطحابنا.
المحاورة: قصيدتنا لهذا الأسبوع أيها الأفاضل هي من نوع القصائد التي تحمل الهم الفلسطيني الكبير والجرح الغائر منذ عقود طويلة في قلب العالم الاسلامي وهي في ذات الوقت من نوع الشعر الذي يتربع عرش المقاومة بل هو شعر نابع من صلب المقاومة والمعني بها من الجذور والصميم فما بالنا إن كانت صادرة من شاعر عاش المقاومة بكل تفاصيلها ومفرداتها وحمل معه هم وطنه أينما حل. إنه الشاعر الفلسطيني المعاصر معين بسيسو إبن غزة المقاومة المستعصية على الاستسلام والمتعالية على جروحها وآلامها، غزة التي إختزلت على أرضها كل الجروح والآلام الفلسطينية كما يروي لنا ذلك إبنها البار الشاعر في يومياته عنها وفي قصيدته المدينة المحاصرة التي حكى لنا فيها قصة نجد فيها كل تفاصيل المقاومة وما يستتبعها من تعرض للظلم والمآسي ومسلسل التصفيات الجسدية المتكررة وأسطورة الشعب الضارب بجذوره في اعماق هذه الأرض فلنستمع أيها الكرام الى حكاية غزة على لسان شاعرها.
البحر يحكي للنجوم حكاية الوطن السجين
والليل كالشحاذ يطرق بالدموع وبالأنين
أبواب غزة وهي مغلقة على الشعب الحزين
فيحرك الأحياء ناموا فوق أنقاض السنين
وكأنهم قبر تدق عليه أيدي النابشين
وتكاد انوار الصباح تطل من فرط العذاب
وتطارد الليل الذي ما زال موفور الشباب
لكنه ماحان موعدها وما حان الذهاب
المارد الجبار غطى رأسه العالي التراب
كالبحر غطاه الضباب وليس يقتله الضباب
ويخاطب الفجر المدينة وهي حيرى لاتجيب
قدامها البحر الأجاج وملئها الرمل الجديب
وعلى جوانبها تدب خطى العدو المستريب
ماذا يقول الفجر هل فتحت الى الوطن الدروب؟
فنودع الصحراء حين نسير للوادي الخصيب
لسنابل القمح التي نضجت وتنتظر الحصاد
فإذا بها للنار والطير المشرد والجراد
المحاورة: أطيب وأحلى التحيات لكم مستمعينا الأفاضل وأنتم برفقة هذه الحلقة من برنامجكم سير القصائد من اذاعة طهران العربية. معنا في الستوديو خبير البرنامج الدكتور سعدي الشحمان الذي شرفنا بحضوره لينتقل بنا في حديثه اليوم الى فلسطين وما تحفل به من معاني المقاومة والصمود والتحدي ومعركة الوجود الشرسة التي يخوضها بكل كيانه ضد العدو الصهيوني الغاصب وبالتحديد حول الشاعر الفلسطيني الغزي المعاصر معين بسيسو الذي تميز بشعره الملحمي المقاوم حول غزة وصمودها الأسطوري في وجه التحديات والذي تميز ايضاً بالجمع بين الأدب والثقافة من جهة والسياسة والنضال العملي من جهة فألغى بذلك الفواصل بين الثقافة والسياسة وبين الكلمة والسلاح. دكتور نرحب بكم وأهلاً وسهلاً
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأنا ايضاً أشعر بالفرح مالسرور لتجديدي اللقاء بكم وبالمستمعين الكرام
المحاورة: هذا من دواعي فخرنا دكتور. دكتور شاعرنا لهذه الحلقة هو الشاعر الفلسطيني الغزي، الشاعر المعاصر معين بسيسو
الشحمان: نعم في هذه الحلقة سوف ترسو سفينة البرنامج عند ساحل فلسطين، عندما نتحدث عن فلسطين وكما تفضلتم كل معاني الصمود والمقاومة وفي نفس الوقت جميع مظاهر الظلم والألم والمآسي تتداعى الى الأذهان الواحدة تلو الأخرى لأنه لايوجد موضوع آخر أهم من هذا الموضوع يتطرق اليه الشاعر الفلسطيني العربي والمسلم بصورة عامة فما بالك بالشاعر الفلسطيني المعاصر. ومن هؤلاء الشعراء الشاعر الكبير معين بسيسو، هذا الشاعر الذي ولد في مدينة غزة الصامدة والمقاومة في أوائل القرن الماضي رغم أنه عاش فترة طويلة من حياته في مصر وخاض هناك تجربة المسرح الشعري ولكنه أنهى المراحل الأولى من دراسته في مدينة غزة، المرحلة الابتدائية والثانوية وبالمناسبة هو ايضاً شقيق الأديب والكاتب الكبير عابدين بسيسو. هو جمع بين العملين، العمل الأدبي والثقافي والاعلامي من جهة وبين العمل الجهادي والنضالي من جهة اخرى. اذا أردنا أن نضرب مثلاً للشاعر الذي جمع بين الكلمة وبين السلاح والنضال فأفضل اسم يتبادر الينا هو معين بسيسو، كان مناضلاً وكان مثقفاً في نفس الوقت حتى قال عنه النقاد إنه الشاعر الذي ألغى الفواصل بين الثقافة والأدب من جهة وبين العمل السياسي والعمل الجهادي والنضالي من جهة اخرى. بدأ مسيرته الأدبية والثقافية في مجلة الحرية التي كانت تصدر آنذاك في يافا في الخمسينيات من القرن الماضي وإلتحق بالجامعة وتخرج من الجامعة في قسم الصحافة الذي كان يكن له الاهتمام والحب. ومالبث وهو في بداية شبابه أن إنخرط في العمل الوطني والديمقراطي بشكل مبكر وعمل كاتباً وشاعراً ومدرساً في نفس الوقت وكانت اولى دواوينه الشعرية التي نشرها في الستينات هو ديوان المعركة وتعرض للسجن عدة مرات وخلال تواجده في مصر شارك في تحرير الكثير من الصحف والجرائد والمجلات وتوفي في التسعينات من القرن الماضي وتحديداً عام ۱۹۸٤. وهذه القصيدة التي تفضلتم بقراءتها كانت من السبعينات ونلاحظ فيها لمحات او مساحات من الحزن ولانجد فيها ذكراً للمقاومة التي نجدها الآن وربما لو كان الشاعر على قيد الحياة الى وقتنا هذا لتغيرت لهجته في هذه القصيدة..
المحاورة: وحتى لانلمح شيئاً من التفاؤل ايضاً في هذه القصيدة
الشحمان: نعم ربما شيء من السوداوية او التشاؤم وفيها تركيز على الجانب المأساوي من معاناة الشعب الفلسطيني في غزة. غزة كانت في ذلك الوقت تعيش هذه الظروف قبل أن تتفجر ثورة الحجارة او الانتفاضة كما يصطلح عليها. أسلوب معين بسيسو في أدبه بشكل عام كما قلنا كان مناضلاً ومسيرته النضالية إنعكست على أسلوبه في نثره وشعره. وجدت بعض النقاد قال عنه وقدم تقييماً طريفاً، لعله يصور خير تصوير الأسلوب الأدبي او أسلوب الكتابة الذي كان يتميز به معين بسيسو، يقول: أسلوبه يعتمد على الجمل القصيرة المتوترة واذ تقرأه تحسب أن الشاعر يكتب وهو يركض في الشوارع والأزقة والحواري والقطارات وعلى سطح سفينة تضربها أمواج عاتية وهو يكتب ويركض من جهة الى جهة للتواري عن عيون مطارديه لاخوفاً ولكن ليكتب ويوزع ما يكتبه في المنشورات السرية حريصاً على تأدية دوره على أتم وجه للمساهمة في إنقاذ السفينة والبلوغ بها الى شاطئ الحرية والأمان. قدم معين بسيسو الكثير من الأعمال الشعرية منها المعركة والمسافر، فلسطين في القلب، الأشجار تموت واقفة، قصائد على زجاج النوافذ وديوان الآن خذي جسدي كيساً من الرمل ...
المحاورة: اذن قضيته الساسية كانت القضية الفلسطينية
الشحمان: قضيته الأولى والأخيرة كانت القضية الفلسطينية وخاصة مدينته غزة وكأنه له كتاب خصصه بإسم يوميات غزة أصدره في الثمانينات.
المحاورة: شكراً جزيلاً دكتور مع الأسف الشديد لقد داهمنا الوقت في هذه الحلقة وبقيت الأشياء الكثيرة حول هذا الشاعر. على العموم نشكركم جزيل الشكر وإن شاء الله سنلتقي بكم وبالمستمعين الكرام في حلقة جديدة من برنامج سير القصائد
الشحمان: بإذنه تعالى
المحاورة: شكراً لكم دكتور وشكراً لكم مستمعينا الى الملتقى أطيب المنى.