البث المباشر

الشاعر احمد عبد المعطي حجازي ۲

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:31 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الأفاضل في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أيها الأحبة تحايانا القلبية الخالصة نبعثها لكم على أجنحة الشعر والقوافي عبر برنامجكم الأسبوعي المتجدد دوماً سير القصائد وكلنا امل في أن تقضوا معنا أحلى الأوقات وأنفعها في محطتنا لهذا الأسبوع التي نستكمل فيها التجوال بين رحاب نتاجات الشاعر المصري المعاصر احمد عبد المعطي حجازي، رافقونا أيها الأحبة.
المحاورة: أيها الأحبة سنتوقف معكم في حلقتنا لهذا الأسبوع عند قصيدة اخرى من قصائد الشاعر حجازي، تعد من جملة أوائل قصائده التي كتبها في السنين الأولى من مسيرته الشعرية أي عام ۱۹٥۹ ألا وهي قصيدة مدينة بلا قلب من مجموعته الشعرية التي تحمل نفس العنوان حيث يصوغ لنا الشاعر إبن الريف أول تجربة له في المدينة بظلالها وإنكساراتها وجفافها الانساني واللون الشاسع الذي يفصلها عن الريف بطبيعته النقية وطهارته وسذاجته وصدقه في كل مظاهره. ومن الملفت للنظر أن الشاعر يتخذ من مقام السيدة زينب سلام الله عليها رمزاً او وجهة روحانية يلوذ بها ويتفيء ظلالها هارباً من محنته في المدينة. تعالوا معنا أيها الأفاضل لنستمع الى الشاعر وهو يحدثنا عن هذه التجربة على لسان إبن الريف ببساطته وفطرته النقية.

ياعم من أين الطريق؟

اين طريق السيدة؟

أيمن قليلاً، ثم أيسر يابني

قال لم ينظر اليّ

وسرت ياليل المدينة

أرقرق الآه الحزينة

أجر ساقي المجهدة للسيدة..

بلا نقود.. جائع حتى العياء

بلا رفيق

فلم يعره العابرون في الطريق

حتى الرثاء

الى رفاق السيدة

أجر ساقي المجهدة ونور حولي في فرح

قوس وقزح

وأحرف مكتوبة من الضياء

وفارس شد قواماً فارعاً

كالمنتصر

وفي ذراعي سلة فيها ثياب

والناس يمضون سراعاً لايحفلون

أشباحهم تمضي تباعاً لاينظرون

حتى اذا مر الكرام

بين الزحام لايسمعون

لكنني أخشى إضطرام

كل غريب ها هو يخشى إضطرام

وأقبلت سيارة مجنحة

كأنها صدر القدر

تقل ناساَ يضحكون في صفاء

أسنانهم بيضاء في لون الضياء

رؤوسهم مرنحة

وجوههم مجلوة مثل الزهر

كانت بعيداً ثم مرت وإختفت

لعلها الآن أمام السيدة!!


المحاورة: أطيب وأحلى التحيات لكم أيها الكرام وأنتم برفقة هذه الحلقة من برنامجكم سير القصائد. يسرنا أن نستضيف خبير البرنامج الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان ليكمل حديثه الذي بدأه في الحلقة الماضية من البرنامج حول شخصية الشاعر المصري المعاصر احمد عبد المعطي حجازي وبالطبع خصوصيات تجاربه الشعرية التي تنقلنا الى عوالم شعراء التفعيلة ورواد الشعر الحر. نرحب بكم دكتور كل الترحيب أهلاً بكم
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاورة: عليكم السلام والرحمة
الشحمان: أنا ايضاً يسرني أن التقيكم وألتقي بالمستمعين الكرام من جديد
المحاورة: هذا من دواعي سرورنا دكتور. دكتور في الحلقة الماضية تحدثتم شيئاً عن الشاعر المصري المعاصر احمد عبد المعطي حجازي فاليوم نرجو أن تكملوا لنا الكلام حول هذا الشاعر.
الشحمان: نعم سبق أن تحدثنا عن الشاعر المصري احمد عبد المعطي حجازي وتحدثنا عن حياته وتحصيلاته وإنجازاته والمؤثرات الثقافية التي أسهمت في تكوين شخصيته الشعرية وقلنا إنه يعتبر من رواد الشعر الحديث وكما تفضلتم رواد شعر التفعيلة. في هذه الحلقة وفي هذا القسم من حديثنا حول هذا الشاعر سوف نشير الى بعض المؤثرات التي إستجدت في حياته وتركت آثاراً عميقة في شخصيته. نشير أولاً الى طفولته كما تحدث هو عن نفسه حيث يرسم لنا جواً مأساوياً كان يحيط بطفولته ويغلف حياته في طفولته وتبدأ دائماً من الأم طبعاً فهو يتذكر هذه الفترة ويقول عنها إن جو السكون الصوفي الجياش ذي الطابع المأساوي هو الذي كان مهيمناً على طفولته وأشار الى أمه او الأم المصرية بشكل عام يقول تبدأ كل امرأة وهي تؤدي أعمالها المنزلية في مكان الموتى ويشير الى ظاهرة زيارة المقابر خاصة في الريف المصري..
المحاورة: اذن عاش طفولة قاسية جداً
الشحمان: نعم او على الأقل نستطيع القول إنها طفولة مأساوية يشوبها نوعاً من الروح الصوفية او الروح الدينية. في الحقيقة هنالك مؤثر آخر ربما كان أعظم تأثيراً في نفسيته من المؤثر الذي أشرنا اليه وهو تجربة عاطفية مر بها في مقتبل شبابه، استمرت لخمس سنوات وكانت تجربة فاشلة حيث أن الفتاة التي كان يود الزواج منها تزوجت من شخص آخر فتسببت هذه الحادثة بصدمة للشاعر وأدت الى تغيير مجرى حياته حيث قرر منذ ذلك الحين أن يهجر مسقط رأسه في الريف ويرحل الى المدينة ثم بعد ذلك انشد هذه القصيدة، القصيدة التي تفضلتم بإنشادها وهي قصيدة مدينة بلا قلب. يقول الشاعر عن هذه التجربة القاسية التي مر بها، يقول وحين كنت أرى إن هذا الحب بلا مستقبل فلم أصرح به الى أحد بل كتمته ليزداد إشتعالاً وتوهجاً ليدفعني دفعاً الى الشعر يعني إستغل هذه التجربة في تأجيج موهبته الشعرية وفي تقديم تجارب شعرية مؤثرة..
المحاورة: في حينها دكتور ربما الشاعر لايستطيع البوح بمشاعره
الشحمان: نعم بشكل كامل ويقول عن هذا الحب إن هذا الحب تقمص ثوب الشعر الذي بقي لي حيث كانت محبوبتي تزف الى رجل آخر، هذا هو المؤثر المهم الآخر الذي نصادفه ونحن طالع حياة الشاعر حجازي وكما قلما يعتبر نقطة تحول في حياته أدت به الى أن يهجر الريف رغم أنه كان يكن للريف حباً خاصاً ويصرح كثيراً بأنه إبن الريف وأن التجربة الشعرية التي إكتسبها والموهبة الشعرية التي يتمتع بها مدين بها الى الريف والطبيعة خاصة وأنه كان يعيش في قرية كانت تعتبر من اجمل القرى في مصر، في محافظة المنوفية. على كل حال هذان المؤثران أسهما في تكوين شخصيته الشعرية وفي توجيهه شعرياً وفي رسم الخصائص والملامح التي تميز بها هذا الشاعر، الشاعر الذي تميز بالنشاط الأدبي المكثف..
المحاورة: نعم نرى ذلك كثيراً في حياة الشعراء والأدباء ربما حدث مؤلم يتسبب في تكوين شخصية أدبية كبيرة او حتى شخصية علمية
الشحمان: نعم كما يقولون العذاب والألم يصهر النفوس ويصفي النفوس ومعظم الذين برزوا في المجالات الانسانية المختلفة مروا بهذا النوع من التجارب وربما أقسى من هذه التجارب. هكذا نجد أن الشاعر احمد عبد المعطي حجازي، نجد أن وجدانه يتميز بالرومانتيكية، يتميز بالذاتية، يستمد تجاربه من ثراء الطبيعة ومن سحر القرية وايضاً من عذابات الحب التي سبق وتحملها وايضاً من العزلة والاتجاه نحو التأمل ومحاولة الاستبطان يعني الغوض في عوالم التجربة الشعرية رغم أنه نشأ نشأة كلاسيكية في الحقيقة يعني كما قلنا كان يعيش في بيئة متحفظة لأنه حفظ القرآن الكريم وهو في طفولته...
المحاورة: نعم كما أشرتم الى ذلك في الحلقة السابقة
الشحمان: نعم من الدواوين التي قدمها لنا الشاعر الغزير الكتابة مدينة بلا قلب ربما يعتبر أول ديوان كتبه، أوراس، لم يبق إلا الاعتراف، كائنات مملكة الليل، أشجار الاسمنت وأخيراً وربما كان هذا آخر مجموعة شعرية كتبها وهي إغتيال الشمس والتي سنحاول أن نقرأ شيئاً منها اذا سمح لنا الوقت
المحاورة: بإختصار جداً دكتور
الشحمان: نعم نقرأ مقطعاً منها، هذه من اواخر قصائده يقول فيها:

كانوا يريدون إغتيال الشمس

ليوقفوا العالم عند البارحة

عندئذ يداهمون عصرنا بالأسلحة

يفتشونه عن اليوم الذي إنتهى ومات

أتوا ولانعلم من أين أتوا

ونسوا أسماءهم فيه

نسوا وجهوهم في المقبرة

وأقبلوا يحملقون في مهار الأمس

لايرون غير ليلهم

يطاردون فيه ما يفر من أشباحهم

ويصرخون صرخات منكرة


الشحمان: مقطع بسيط من شعره
المحاورة: نعم مع الأسف الشديد لقد داهمنا الوقت والحديث شيق جداً. على العموم نشكركم جزيل الشكر على هذه الاضاءات التي تفضلتم بها
الشحمان: شكراً جزيلاً لكم على حسن الاستضافة
المحاورة: شكرنا موصول لكم دكتور ولمستمعينا الكرام حتى الملتقى أطيب التحيات والمنى ودمتم في رعاية الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة