البث المباشر

الشاعر جميل صدقي الزهاوي

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:26 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعدي الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين أيها الأفاضل في كل مكان السلام عليكم. يامن يجمعكم عشق القوافي وحب قريض الشعر ويامن ترتاح أنفسكم وتنتعش أرواحكم لسماع لغة الشعر حياكم الله وكل المراحب بكم في هذا اللقاء الجديد الذي يسرنا أن يجمعنا بكم عبر دروب اخرى من سير القصائد العربية آملين أن تمضوا معنا دقائق حافلة بكل ما يمتع النفوس ويغذي العقول. اذن كونوا برفقتنا.
المحاورة: مستمعينا تحفل أرض السواد بالكثير الكثير من الأسماء اللامعة والمبدعة بل المؤسسة في عالم الشعر قديماً وحديثاً وكثيراً ما نجد في العصر الحديث من الشعراء الموهوبين من يذكرنا بالعصور الذهبية للشعر من حيث سعة المعرفة والثقافة وفخامة الأسلوب وإشراقة الديباجة وجمال المعاني والصور وقوة تأثيرها وعظمها، ومن هؤلاء الشعراء الذين يستحقون التوقف عندهم والتأمل في حياتهم وأشعارهم شاعر العراق الكبير في عهده او فيلسوف الشعراء في العصر الحديث جميل صدقي الزهاوي. والقصيدة التي إخترناها من أشعاره العديدة والغزيرة الأغراض هي من نوع وقوف الشعراء عند المعالم الحضارية المنكوبة التي غدت أثراً من بعد عين وأصبحت عبرة لذوي الأبصار. والشاعر يقف بالتحديد عند المدرسة المستنصرية ليرثي هذا الصرح الحضاري الجبار الذي كان في يوم من الأيام قبلة للعلم والذي كام يعج بطلاب العلم، يغرفون منه المعرفة وينهلون من ينابيع العلم حتى حل ما حل به من غير الزمان وطوارق الحدثان. فلنستمع معاً الى الشاعر وقد جاشت في نفسه المشاعر والأحاسيس المختلفة وإزدحمت في ذهنه الصور والمعاني المتباينة محاولاً إستنطاق ما تبقى من هذا المعلم الحضاري الكبير وذلك قبل أن يجمعنا الحديث مع خبير البرنامج الذي شرفنا بحضوره في الستوديو الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان، نستمع معاً الى هذه الأبيات.

وقفت على المستنصرية باكياً

ربوعاً فيها للعلم امست خوالياً

وقفت بها أبكي قديم حياتها

وأبكي بها الحسنى وأبكي المعاليا

وقفت بها أبكي بشعر بناتها

وأنعى سجاياهم وانعى المساعيا

أكفكف بالأيدي بوادر أدمعي

ويأبين إلا أن يفضن جواريا

بكيت بها عهداً مضى في عراصها

كريماً فليت العهد لم يك ماضياً

بكيت بها المدفون في حجارتها

من العلم حتى بل دمعي رداءيا

وطأطأت مني الرأس فيها تواضعاً

وحييت بالتسليم منها المغانيا

وسرحت أنظاري بها فوجدتها

بناءاً لتشييد المعارف عاليا

بناءاً جساماً عز للعلم مثله

فقلت كذا فليبني من كان بانياً

وألفيت قسماً قد تداعى جداره

وقسماً على ما كان من قبل باقياً


المحاورة: حياكم الله مستمعينا الأفاضل وانتم برفقة هذه الحلقة من برنامجكم سير القصائد. نرحب كل الترحيب بضيفنا الكريم الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان. سلام عليكم دكتور.
الشحمان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته حياكم الله وحيا المستمعين الكرام يسرني أن أجدد اللقاء بكم
المحاورة: هذا من دواعي سرورنا حياكم الله وشكراً لهذا الحضور. دكتور نريد أن نبسط الحديث على مدى حلقتين بإذن الله تعالى حول احد عمالقة الشعر في العصر الحديث ألا وهو الشاعر جميل صدقي الزهاوي، الشاعر الذي طوع الموضوعات العلمية والفلسفية للغة الشعر من دون أن ننسى قصائده الوجدانية الرائعة من مثل القصيدة التي نحن بصددها. نرجو منكم دكتور أن تحدثونا اولاً عن الشاعر نفسه وعن الخصوصيات التي تميز بها بقوة عن سائر الشعراء من مثل غزارة الانتاج وتعدد الأغراض والموائمة بين لغة العلم والشعر.
الشحمان: في الحقيقة الحديث يطول ويطول حول هذا الشاعر بالتحديد وهو جميل صدقي الزهاوي علماً أن كانت لنا وقفات مع هذا الشاعر في حلقات سابقة من البرنامج..
المحاورة: في بدايات البرنامج..
الشحمان: نعم عبر ربما قصيدتين من أشعاره ولكن الحديث يطول عنه ومهما تحدثنا عنه يظل حديثنا ناقصاً وغير مستوعب لبعض الجوانب من شخصيته العلمية والشعرية. يجب أن نقول إنه من طلائع النهضة الأدبية في العالم العربي وخاصة النهضة الشعرية في القرن العشرين فهو يعتبر من الجيل المؤسس لهذه النهضة أسوة بشعراء آخرين كانوا معاصرين له من مثل الرصافي واحمد شوقي في مصر وحافظ ابراهيم والبارودي وغيرهم من الشعراء الأوائل الذين بدأوا عملية التجديد في مسيرة الشعر العربي. في الحقيقة لانريد أن نتحدث عن حياته والحوادث التي واجهها خلال حياته وعن المناصب التي شغلها خلال حياته لأن هذا شيء معروف للجميع خاصة المتتبعين للأدب والشعر ولكن نريد أولاً أن نتحدث عن ثقافته وعن مصادر الثقافة، هذه الثقافة الواسعة والغزيرة التي إختزلها الشاعر في شخصيته. نبدأ مثلاً باللغات التي كان يجيدها، مثلاً بالاضافة الى اللغة العربية كان يجيد لغات اخرى مثل اللغة الكردية التي كانت هي لغته الأساس، ومن مثل اللغة التركية وايضاً الفارسية كان يجيدها ويتقنها الى حد أنني رأيت بعض الأبيات باللغة الفارسية من نظم هذا الشاعر بالاضافة الى إجادته الى شيء من اللغة الفرنسية. لذلك يعتبر الزهاوي شخصية شعرية مرموقة على مستوى بلده العراق وعلى مستوى العالم العربي ككل. الخصوصية الرئيسة التي يتميز بها الزهاوي والتي جعلته يفترق عن بقية الشعراء من حيث الشخصية هي جرأته، كان جريئاً الى حد كبير في مواقفه المختلفة سواء في المواقف السياسية او في المواقف الاجتماعية. له أشعار سياسية كثيرة عارض من خلالها الحكام الذين عاصرهم، من مثل قصيدته الشهيرة التي سبق وأن تطرقنا اليها في احدى الحلقات السابقة والتي رثا فيها الشهداء والأحرار الذين تم اعدامهم في عصره فيقول في مطلع هذه القصيدة المعروفة:

على كل عود صاحب وخليل

وفي كل بيت رنة وعويل

وفي كل عين عبرة مهراقة

وفي كل قلب حسرة وعليل


المحاورة: الله كلام جميل جداً
الشحمان: كلام جميل جداً وهي قصيدة طويلة جداً وتعتبر من روائع الشعر العربي في العصر الحديث. هذا بالاضافة الى المجال الاجتماعي الذي تطرق اليه شاعرنا جميل صدقي الزهاوي، بالاضافة الى مواقفه السياسية يقف في مقدمة المواقف الاجتماعية التي عارض من خلالها المجتمع نفسه بسبب طبيعة الشخصية التي كان يتمتع بها والتي كانت تميل الى المعارضة والإحتجاج على المظاهر التي كانت تدور حوله. هذه المواضيع بالإضافة القصيدة التي نحن بصددها سنتحدث عنها بإذن الله تعالى في الحلقة القادمة إن شاء الله
المحاورة: نعم إن شاء الله، شكراً دكتور لهذه الايضاحات. الحديث حقيقة حول شاعرنا الزهاوي يطول ويطول إن شاء الله سنوكل هذا الحديث الى الحلقة المقبلة من هذا البرنامج بإذن الله تعالى. نشكركم بجزيل الشكر. فيما تبقى من الوقت سنقرأ على حضراتكم بعض الأيات مستمعينا الأفاضل وبهذه الأبيات نختم حلفتنا لهذا اليوم.

تهب رياح الصيف في حجراتها

فتلبسها ثوباً من النطع هابياً

وتسعى على الجدران منها عناكب

تجد لها فيما تداعى مبانياً

فألممت فيها بالرسوم دوارساً

وسألت منهن الطلول بوالياً

وقلت لدار البحث عظمت محفلاً

وقلت لنادي الدرس حييت نادياً

أجامعة العلم التي كان روضها

نظيراً كما شاء التقدم نامياً؟

بأية ريح فيك هبت زعازع

تصوح ذاك الروض فإجتث ذاوياً


المحاورة: شكراً لطيب متابعتكم وحتى اللقاء القادم في برنامجكم سير القصائد في أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة