خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين أيها الأخوة والأخوات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. كل المراحب بكم وتحيانا القلبية الصادقة نبعثها اليكم ونحن نجدد اللقاء بحضراتكم على جناح الشعر والقصائد لنحلق بعيداً في سماء روائع القصائد على مر العصور عبر برنامجكم سير القصائد الذي سنستضيف فيه خبير البرنامج الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان ليتوسع في الحديث عن شاعر هذه الحلقة إبن المعتز وقصيدته الغزلية لواعج القلب، فأهلاً ومرحباً بكم.
المحاورة: أيها الأحبة من القصائد البديعة التي تذكر لشاعر العصر العباسي وعالمه في البلاغة والبديع عبد الله بن المعتز القصيدة الغزلية التي تبدأ بقوله:
ألا ما لقلب لاتقضى حوائجه
ووجد اطار النوم بالليل لاعجه
المحاورة: هذه القصيدة التي تذكرنا بجزالة الشعر الجاهلي وفصاحته وبلاغته وأسلوبه الخاص والمتميز في صياغة القصيدة وتقسيمها الموضوعي وهو أسلوب إتبعه إبن المعتز في هذه القصيدة ليبرهن رغم كونه شاعراً عباسياً بعيد العهد عن العصر الجاهلي على أنه قادر هو ايضاً على الجمع بين الجزالة والمتانة في النظم وبين الجمال والروعة والتأثير في الوصف والتصوير فلنرى ذلك بأنفسنا أعزاءنا الكرام ولكن بعد هذا الفاصل.
ألا ما لقلب لاتقضى حوائجه
ووجد اطار النوم بالليل لاعجه
وداء سوا بين الجوانح والحشا
فهيهات من أبراءه ما يوالجه
ألا أن دون الصبر ذكر مفارق
سقا الله أياماً تجلت هوادجه
غزال صفا ماء الشباب بخده
فضاقت عليه سوره ودمالجه
ومنتصر بالغصن والحسن والنقا
وصبغ أديرت فوق ورد صوالجه
تحكم فيه البين والدهر ينقضي
فلله رأي ما أظلت مناهجه
وآخر حظي منه توديع ساعة
وقد مزج الإصباح بالليل مازجه
وغرد حادي الركب وإنشقت العصا
وصاحت بأخبار الفراق شواحجه
فكم دمعة تعصي الجفون غزيرة
وكم نفس كالجمر تدمى مخارجه
وآخر آثار المحبة ما ترى
طلول وربع قد تغير لاهجه
المحاورة: أطيب وأحلى التحيات لكم مستمعينا الأفاضل متابعي سير القصائد من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. أيها الأفاضل كما وعدناكم في بداية هذه الحلقة وكحلقاتها السابقة نستضيف في الستوديو الدكتور سعدي الشحمان ليواصل حديثه الذي بدأنه في الحلقة الماضية حول الشاعر العباسي عبد الله بن المعتز وقصيدته التي إخترناه لكم من شعره وهي لواعج القلب، دكتور اهلاً ومرحباً بكم
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاورة: وعليكم السلام والرحمة
الشحمان: إن شاء الله سوف نكمل حديثنا عن هذا الشاعر الكبير إبن المعتز محاولين أن نركز في هذا القسم من حديثنا على شخصيته العلمية وبعد ذلك سنتحدث إن شاء الله اذا سمح لنا الوقت عن قصيدته التي نحن بصددها في هذا الأسبوع. لاشك أن عبد الله بن المعتز الى جانب كونه شاعراً يعتبر من العلماء والأدباء وحياته بشكل عام تميزت بخصوصيات جعلته يختلف عن الشعراء الآخرين من هذه الناحية فهو كما قلنا كان خليفة لفترة قصيرة جداً لاتتجاوز اليوم والليلة، آباءه ايضاً كانوا من الخلفاء، والده مات مقتولاً وهو نفسه ايضاً انتهى به المطاف وكان مصيره القتل على يد أحد الغلمان. هذه الأحداث من حياته أثرت على شعره واتجاهاته الشعرية بالاضافة الى كونه كان يتمتع بشخصية علمية كما ذكرنا وكان اديباً وكان ناقداً وكان عالماً، كان يجيد الشعر وفي نفس الوقت كان يجيد الكتابة حتى ذكر أنه كان خبيراً في صنعة الألحان يعني صنعة الموسيقى وربما كان له مؤلفاً في هذا المجال. من مؤلفاته التي يمكن ذكرها كتابه الشهير الذي إعتمد عليه علماء البديع وهو كتاب البديع، له كتاب طبقات الشعراء وأشعار الملوك وبالاضافة الى ديوانه الشعري. اما بالنسبة الى موضوعات شعره فهي بالدرجة الأولى الغزل وهو يتجه إتجاهاً جاهلياً في شعر الغزل يعني يحاول أن يقلد منحى الشعراء الجاهليين في الغزل لذلك نرى كعادة الشاعر العربي أن هناك مسحات حزينة في شعره الغزلي كما نلاحظ ذلك في القصائد الغزلية او القصائد التي بدأها الشعراء الجاهليين بمقدمات..
المحاورة: وهذا دكتور هو ديدن معظم الشعراء الجاهليين.
الشحمان: نعم معظم الشعراء العرب، دائماً يتحدثون عن مفردات حزينة او تثير الحزن في النفس عن الأطلال، عن الفراق، ضعن الحبيب الى مكان آخر..
المحاورة: ما يثير الحنين اكثر فأكثر..
الشحمان: نعم الأطلال والخرائب لذلك نرى المسحات الكئيبة والحزينة كما نلاحظ ذلك في هذه القصيدة التي تفضلتم بإنشاد بعض من أبياتها
المحاورة: لواعج القلب
الشحمان: نعم لواعج القلب. الحقيقة القصيدة التي نحن بصددها تتميز اذا ما ركزنا فيها ودققنا عليها وحاولنا أن نقيمها بموضوعية، هذه القصيدة تتميز بالفصاحة وتميز بالجزالة ايضاً. بعض النقاد يقولون إن إبن المعتز يتميز بالصنعة يعني بالتكلف في الشعر وأنا لاأشاركهم هذا الرأي ففي الحقيقة معظم أشعاره تصدر من عاطفة وعن صدق في هذه العاطفة ويبلغ فيها الى حد التأثير في نفس المتلقي رغم أنه حاول في بعض المواضع تقليد الشعراء الجاهليين ولكن نجح في تقليده هذا، في أساليبهم وفي معانيهم التي كانوا يريدونها عادة في الغزل.
المحاورة: دكتور بودي أن أسأل ترى ماهو السر في روعتها ووقوع إختبار الناقدين في إختيار هذه القصيدة بالذات ولكن سأترك الإجابة اذا تسمح لنا الى بعد هذا الفاصل.
الشحمان: بالتأكيد
المحاورة: مستمعينا الأفاضل نعود اليكم بعد هذا الفاصل القصير
سير القصائد
برنامج يأتيكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران
أنتم معنا في رحاب هذا البرنامج الذي يستعرض روائع الشعر العربي على مر العصور من خلال التعاون مع خبراء الأدب والشعر.
سير القصائد
يبث لحضراتكم مساءاً عند الساعة التاسعة وأربعين دقيقة من كل يوم اثنين ويعاد بثه في الساعة السادسة وأربعين صباحاً من يوم الأربعاء حسب التوقيت المحلي لمدينة طهران.
المحاورة: أطيب التحيات لكم مستمعينا الأفاضل وأنتم برفقة سير القصائد. أعود الى ضيفي الكريم في الستوديو الدكتور سعدي الشحمان. دكتور قبل الفاصل تحدثتم عن الشاعر عبد الله بن المعتز وعن قصيدة لواعج القلب وسألت دكتور ترى ماهو السر في روعتها وخلود هذه القصيدة بالذات؟
الشحمان: نعم كما أرى السر في روعتها هو الفصاحة والجزالة التي تتميز بها ونجاح الشاعر في محاكاة الشعراء الجاهليين في أساليبهم ومعانيهم وبالاضافة الى ذلك المسحة الحزينة حيث أن الانسان الشرقي عادة ما يميل الى الحزن...
المحاورة: نعم بطبيعته ميال الى الحزن..
الشحمان: نعم وهذا ماجعل النقاد في الحكم على هذه القصيدة أنها من روائع الشعر العربي في مجال الغزل بالاضافة الى الصور الفنية الجميلة التي يطرحها في الغزل بالاضافة الى الصور التي يطرحها وإبن المعتز معروف في هذا المجال.
المحاورة: دكتور كل الشكر والإمتنان نقدمه لكم
الشحمان: حياكم الله وأشكركم على حسن الاستضافة
المحاورة: حياكم الله وشكراً لكم دكتور راجين منكم السماح لنا بمواصلة تجوالنا بين ربوع قصيدة الشاعر إبن المعتز، لواعج القلب.
ألا إن بعد النئي قرباً وأوبة
وتحت غطاء الحزن والهم فارجه
ويا رب مطروق قمرت غيوره
وطاوعت فيه حب نفس وعالجه
فريدين لانلقى بعلم كأننا
نجييان من مكر خفي سوائجه
الى أن تولى النجم وإنخرق الدجى
كأن ضياء الفجر بالأفق داعجه
وأبت وبي من ودها مضمراته
وداخله سر وللناس خارجه
وقد عشت حتى ما لدى وجهي
منية يعود اليها من فؤادي عالجه
المحاورة: نشكركم مستمعينا الأفاضل لحسن المتابعة لهذه الحلقة من برنامج سير القصائد ونشكركم ضيفنا الكريم الدكتور سعدي الشحمان لهذا الحضور وهذه الايضاحات
الشحمان: حياكم الله
المحاورة: حياكم الله دكتور وحياكم الله مستمعينا الأفاضل. حتى الملتقى أطيب المنى في امان الله.