حكى احد العلماء: كنت جالساً قرب تل الزينبية وبجانبي رجل واقف وفي هذه الاثناء وقعت عياني على آية الله العظمى السيد ابي الحسن الاصفهاني اكبر مراجع الشيعة في زمانه وهو يخرج مع مرافقيه من حرم الامام ابي عبد الله الحسين (عليه السلام)، واذا برجل ينطلق منفعلاً نحو السيد الاصفهاني وهو يقول بصوت عال: «سوف اشتمه بئس شتيمة»!
وبعد دقائق عاد الرجل باكياً وعليه آثار الخجل والندم، سألته عن السبب لهذه المفارقة العجيبة بين الموقفين؟
فقال: لقد شتمت السيد حتى اوصلته الى باب بيته، وهو لا يرد وعند الباب توقف وطلب مني ان انتظره، فرجع وبيده مبلغاً من المال، اعطاني ذلك المال وقال لي: راجعنا كلما احتجت لشيء اذ اخشى ان تراجع غيرنا فلا يقضي حاجتك. ولكن لي اليك حاجة واحدة! وهي انني اتحمل كل شتيمة موجهة الي شخصياً، ولكن ارجوك ان لا تشتم عرضي واهل بيتي، فأني لا اتحمل ذلك. واضاف الرجل وهو يرتعش: «ان هذه الكلمات التي قالها لي السيد الاصفهاني تركت اثراً بالغاً في اعماقي حتى كدت آخر الى الارض وهذه دموعي جرت بلا ارادة مني، واني اشعر برعشة في اعماقي كما تراني».
هكذا كان السيد مثالاً للحلم والعفو والكرم ومصداقاً للحديث النبوي الشريف «خير امتي من اذا سفه عليهم احتملوا، واذا جني عليهم غفروا، واذا اوذوا صبروا».
*******
جاء احد ملاكي الاراضي في مدينة قمشة الايرانية، الى العالم المجاهد آية الله الشهيد السيد حسن المدرس، ليهب له قطعة أرض.
بالرغم من ان السيد كان فقيراً وفي غاية الحاجة الى الارض بادره بالسؤال: هل في عائلتك واقاربك فقراء ومحتاجون؟
اجابه الرجل: نعم ولكني اود ان اهب هذه الارض لك.
فقال السيد: الافضل ان تهبها لأولئك الفقراء من اقاربك لقد انطلق السيد في موقفه هذا من كلمة جده الامام علي (عليه السلام)«عز من قنع وذل من طمع».
وكان آية الله السيد حسن المدرس: «ان بشرة اليد والرجل وبقية الجسم ليست ألطف من بشرة الوجه. فالجسم يتعود على ما عودته عليه انت، ان جورب وثوب الصوف والسروال وجبةً فاستونيةً وعباءة نائينية وغيرها من ألبسة الوجهاء والاغنياء لا البسها ابداً».
لأن هذه الالبسة الفاخرة تحتاج الى مال، وطلب المال يجر الى العبودية، والمدرس يرفض العبودية.
ولما كان آية الله السيد حسن المدرس رئيساً للمجلس الوطني الايراني كان يأتيه احد الاشخاص مراراً وتكراراً، ويصر عليه ان يتوسط بينه وبين وزير الداخليه ليمنحه منصب رئاسة بلدية احدى المدن. وقد ألحف الرجل في اصراره، حتى اخذ السيد المدرس ورقة كتب عليها مايلي: «الى حضرة وزير الداخلية ان حامل الرسالة من المزاحمين لي، وهو من زملائك - يعني ممن يبحث عن منصب- فأسند اليه مسؤولية احدى قمم الجبال ومنعطفاتها».
*******