المعروف ان طائرة "غلوبال هاوك"، تعتبر من اكثر طائرات التجسس الامريكية تطورا، تنتجها شركة نورثروب جرومان المصنعة للطائرة المسيرة، فهي قادرة على التحليق لأكثر من 24 ساعة في الرحلة الواحدة على ارتفاع يزيد على 16 كيلومترا في نطاق 8200 ميل بحري، وتبلغ قيمتها اكثر من 200 مليون دولار.
هذه ليست المرة الاولى التي تسقط فيها ايران طائرات تجسس امريكية انتهكت مجالها الجوي، كما انها نجحت في عام 2011، من إنزال طائرة طائرة آر كيو-170 الأمريكية المسيرة سالمة، بعد انتهاكها الحدود الإيرانية مع افغانستان، باستخدام وسائل الحرب الالكترونية، فالظروف التي تلف بحادثة اليوم تختلف جذريا مع ظروف الحوادث السابقة.
من المؤكد انه لو كان بلد آخر غير ايران لفكر الف مرة قبل ان يقدم على اسقاط طائرة تجسس تابعة لاقوى دولة في العالم، وفي هذه الظروف الحساسة التي لم تشهدها المنطقة منذ فترة طويلة، حيث تعج المنطقة بحاملات الطائرات والسفن الحربية وقاذفات بي 52 الامريكية، وانتشار كبير للجنود الامريكيين، والجهوزية العالية التي تعيشها القواعد الامريكية التي تحيط بايران، والمصاحبة لتهديدات عالية النبرة تصدر كل ساعة من اكثر الادارات الامريكية تطرفا وعنصرية، الا ان ايران ترى في حدودها الدولية خطا احمر، لن تسمح لاي بلد كان في العالم بإنتهاكه، حتى لو كان هذا البلد امريكا، وفي ظل قيادة اشخاص مثل ترامب وبولتون وبومبيو.
من الواضح ان الظروف التي تحيط بحادث اسقاط طائرة التجسس الامريكية بالغة الحساسية، وايران تدرك ذلك جيدا، الا ان الذي حدث هو ان ايران وبسبب هذه الحساسية العالية، اقدمت على اسقاط الطائرة الامريكية، لتكون الرسائل التي ارادت ارسالها الى ترامب ومن يحيطون به، اشد وقعا وتأثيرا، وهي:
-ان ايران لا تسعى للحرب، الا انها لا تخشاها.
-لا تأثير لتهديدات ترامب وبولتون وبومبيو، على ارادة ايران في الدفاع عن نفسها.
-لا تأثير للاساطيل ولا القواعد ولا القاذفات والطائرات والرادارات الامريكية، ولا لآلاف الجنود الامريكيين، الذين تكتظ بهم المنطقة، على الارادة الايرانية.
اخيرا، ان ايران، قيادة وشعبا، لا تقع تحت تاثير التهويل الامريكي، فقرارها يُتخذ فقط انطلاقا من عناصر القوة التي تمتلكها، وهي قوة من مصلحة امريكا الا تختبرها، فاذا كان انتهاك طائرة التجسس الامريكية للاجواء الايرانية، جسا لنبض ايران، او معرفة مدى استعدادها للمواجهة العسكرية، او اختبارا لقوتها، فإن امريكا حصلت على اجابات اكثر من وافية عن كل ذلك.
ماجد حاتمي ـ العالم