بسم الله وله الحمد والثناء منير قلوب عباده بأنوار محبته والأنس بمناجاته، وصلواته الزاكيات على معلمي عباده طريق النجاة سيدنا المصطفى وآله الهداة.
السلام عليكم أيها الأحبة ورحمة الله، يسرنا أن نكون معكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج ننير فيها قلوبنا بأربع روايات في الدعاء المستجاب تعلمنا وسائل للفوز باستجابة الدعاء أو كريم الثواب. تابعونا على بركة الله.
أيها الإخوة والأخوات، قال العلامة الورع السيد قطب الدين الراوندي في كتاب (الخرائج والجرائح).
روي عن عثمان بن جنيد أنه قال: جاء رجل ضرير إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فشكى إليه ذهاب بصره، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ائت الميضاة فتوضأ ثم صل ركعتين، ثم قال: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بمحمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك ليجلو عن بصري، اللهم شفعه في وشفعني في نفسي، قال ابن الجنيد: فلم يطل بنا الحديث حتى دخل الرجل كأن لم يكن به ضرر قط.
نعم، أعزائنا المستمعين، وقد حفلت كتب الأدعية بكثير من الروايات في استجابة أدعية المتوجهين إلى الله عزوجل بحبيبه نبي الرحمة – صلى الله عليه وآله – في حياته الشريفة وبعد رحيله – صلوات الله عليه وآله –، وقسم من هذه الروايات مروية من طرق جمهور أهل السنة وفي كتبهم الحديثية المعتبرة.
أما الرواية الثانية فهي تشتمل على عبرة لطيفة، وقد رواها العالم الثقة ابن حمزة الطوسي في كتابه القيم (الثاقب في المناقب)، قال – رضوان الله عليه –:عن أبي عوف، قال: دخلت على أبي عبد الله الصادق عليه السلام فألطفني، وقال: إن رجلا مكفوف البصر أتى النبي صلى الله عليه وآله، وقال: يا رسول الله، ادع الله أن يرد إلي بصري. قال الصادق _عليه السّلام_ فدعا – صلى الله عليه وآله – الله له، فرد عليه بصره. ثم أتاه آخر فقال: يا رسول الله، ادع الله لي أن يرد علي بصري. فقال صلى الله عليه وآله: تثاب عليه الجنة أحب إليك، أم يرد عليك بصرك؟ فقال: يا رسول الله، وإن ثوابها الجنة؟! قال: الله أكرم من أن يبتلي عبدا مؤمنا بذهاب بصره، ثم لا يثيبه الجنة.
مستمعينا الأفاضل، ونجد في سيرة مولانا أميرالمؤمنين _عليه السّلام_ رواية لطيفة تشير إلى أن الله عزوجل ألهم أحد عباده الإستفادة من بركة دعاء لسيد الوصيين _عليه السّلام_ لبلوغ ما كان يرتجيه من الحصول على نعمة البصر، فقد روى الحافظ الحلبي المازندراني في كتاب (مناقب آل أبي طالب) قال: (سمع ضرير دعاء أميرالمؤمنين عليه السلام: اللهم إني أسألك يا رب الأرواح الفانية ورب الأجساد البالية أسألك بطاعة الأرواح الراجعة إلى أجسادها وبطاعة الأجساد الملتئمة إلى أعضائها وبانشقاق القبور عن أهلها وبدعوتك الصادقة فيهم وأخذك بالحق بينهم إذا برز الخلائق ينتظرون قضائك ويرون سلطانك ويخافون بطشك ويرجون رحمتك يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينظرون إلا من رحم الله إنه هو البر الرحيم أسألك يا رحمن أن تجعل النور في بصري واليقين في قلبي وذكرك بالليل والنهار على لساني أبدا ما أبقيتني إنك على كل شيء قدير) قال الراوي: فسمعها الأعمى وحفظها ورجع إلى بيته الذي يؤيه فتطهر للصلاة وصلى ثم دعا بها فلما بلغ إلى قوله: أن تجعل النور في بصري، ارتد الأعمي بصيرا بإذن الله تبارك وتعالى.
وهكذا أعاد الله لهذا الضرير بصره ببركة وليه الوصي المرتضى _عليه السّلام_ مثلما هدي إلى الإسلام ببركة معجزة أظهرها على يديه، الهرمزان الفارسي وهو من قادة الفرس، فقد جاء في كتاب (المناقب) أيضا قول الحافظ الحلبي المازندراني: (روي في كتاب عقد المغربي، إن عمرا أراد قتل الهرمزان فاستسقى – أي طلب ماء يشربه – فأتي بقدح فجعل ترعد يده فقال له عمر في ذلك – أي سأله عن سبب رعدته – فقال: إني خائف أن تقتلني قبل أن أشربه، فقال عمر: اشرب ولا بأس عليك – أي أنك آمن حتى تشرب الماء – قال الراوي فرمى القدح من يده فكسره فقال: ما كنت لأشربه أبدا وقد آمنتني، فقال قاتلك الله لقد أخذت أمانا ولم أشعر به – قال الحافظ الحلبي – وفي رواياتنا أنه – أي عمرا – شكا ذلك إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فدعا الله تعالى فصار القدح المكسور صحيحا مملوءا من الماء فلما رأى الهرمزان المعجز أسلم.
وبهذه الكرامة العلوية وبركاتها في هداية هذا الرجل للدين الحق نختم أيها الأعزاء لقاء اليوم من برنامجكم (دعوات وإجابات) قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران، تقبل الله منكم طيب الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين.