بسم الله وله الحمد والمجد المنان بالعافية، وأزكى صلواته وتحياته وبركاته على صفوته الرؤوفة الهادية، سيد الهداة محمد وآله الأوصياء مصابيح الهدى.
سلام من الله عليكم أيها الأحبة ورحمة منه وبركات، بتوفيق الله نلتقيكم في حلقة أخرى مع طائفة من روايات الدعوات المستجابة، تحمل لنا أكثر من عبرة جميلة في آداب الدعاء وطلب العافية من المحسن الكريم وسبيل حفظ العافية، كونوا معنا.
مستمعينا الأفاضل، لقد تحبب الله عزوجل لعباده بجميل إحسانه إليهم وبدرجة جعلت العارفين يذهلون عن دعواتهم سرورا بأقبال الله عليهم، لاحظوا – أحبائنا – ما روي في عدة من المصادر المعتبرة عن الإمام الصادق عليه السلام قال: لقد دعوت الله مرة فاستجاب ونسيت الحاجة لأن استجابته بإقباله على عبده عند دعوته أعظم وأجل مما يريد منه العبد، ولو كانت الجنة ونعيمها الأبد، ولكن لا يعقل ذلك إلا العاملون المحبون العابدون العارفون صفوة الله وخاصته.
أيها الإخوة والأخوات، ومن الرواية الثانية نتعلم أيسر السبل لحفظ نعمة استجابة الله لدعواتنا، فقد روى الشيخ الطبرسي في كتابه القيم (مشكاة الأنوار) عن سنان بن طريف قال: قلت لأبي عبد الله – الإمام الصادق – (عليه السلام): خشيت أن أكون مستدرجا، قال – عليه السلام – ولم؟ قلت: لأني دعوت الله أن يرزقني دارا فرزقني، ودعوت الله أن يرزقني ألف درهم فرزقني ألفا، ودعوته أن يرزقني خادما فرزقني خادما، قال – عليه السلام –: فأي شيء تقول؟ قال: أقول: الحمد لله، قال: فما أعطيت أفضل مما أعطيت! – أي ما أعطيت من شكر الله وحمده على استجابة الدعاء أفضل من ما أعطيت من قضاء تلك الحاجات.
مستمعينا الأفاضل، وفي الرواية الثالثة نتعلم درسا في لطيف هداية الله وتوفيقه لعباده للحصول على ما يدعونه به فيتفضل عليهم بإجابة دعواتهم، روى سيد أهل المراقبة والسالكين ابن طاووس الحسني في كتابه القيم (مهج الدعوات) مسندا عن سعيد بن أبي الفتح بن الحسن القمي النازل بواسط قال: حدث بي مرض أعيا الأطباء، فأخذني والدي إلى البيمارستان – أي المستشفى – فجمع الأطباء فافتكروا فقالوا: هذا مرض لا يزيله إلا الله تعالى، فعدت وأنا منكسر القلب، ضيق الصدر، فأخذت كتابا من كتب والدي فوجدت على ظهره مكتوبا: عن الصادق عليه السلام يرفعه عن ابائه، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من كان به مرض فقال عقيب الفجر أربعين مرة (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين حسبنا الله ونعم الوكيل تبارك الله أحسن الخالقين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) ومسح بيده عليه – أي موضع المرض – أزاله الله تعالى عنه، وشفاه.قال سعيد: فصابرت الوقت إلى الفجر فلما طلع الفجر، صليت الفريضة وجلست في موضعي، أرددها – أي عبارة الدعاء – أربعين مرة، وأمسح بيدي على المرض، فأزاله الله تعالى، فجلست في موضعي وأنا خائف أن يعاود، فلم أزل كذلك ثلاثة أيام، وأخبرت والدي بذلك، فشكر الله تعالى، وحكى ذلك لبعض الأطباء وكان ذميا فدخل علي فنظر إلى المرض وقد زال، فحكيت له الحكاية فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله وحسن إسلامه.
وتأمرنا الأحاديث الشريفة بطلب العافية من الله بحسن الظن بالله عزوجل وتنهى عن طلب الإبتلاء، هذا ما صرحت به كثير من الأحاديث الشريفة من طرق الفريقين منهما في كتاب (صحيح ابن حبان) مسندا عن أنس قال عاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلا قد جهد حتى صار مثل الفرخ – أي أصابه الهزال الشديد – فقال صلى الله عليه وآله وسلم: هل كنت دعوت بشيء؟ قال: نعم كنت أقول (اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا) فقال صلى الله عليه وآله وسلم لا تستطيعه أو لا تطيقه فهلا قلت: " رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" (سورة البقرة۲۰۱) قال الراوي فدعا الله فشفاه.
"اللهم إنا نسألك لنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات العافية، عافية الدين، وعافية الدنيا، وعافية الآخرة، بحرمة محمد واله الطاهرين صلواتك عليهم أجمعين، اللهم آمين، آمين".
نشكر لكم أعزائنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامجكم (دعوات وإجابات) كونوا معنا بتوفيق الله في الحلقة المقبلة، إلى حينها نستودعكم الله ودمتم بكل خير.