بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على صفوته الهداة محمد وآله الهداة.
السلام عليكم مستمعينا الأعزاء وأهلا بكم في لقاء اليوم من برنامجكم هذا نخصصه لقصة استجابة الله عزوجل لوليه الإمام الرضا (عليه السلام) في دعوة تذكرنا بقصة دعوة ابراهيم الخليل (سلام الله عليه) بشأن الطيور التي وزع أشلائها على الجبال فأحياها الله، جلت قدرته، فجئنه سعياً، تابعونا على بركة الله.
ننقل الرواية أعزائنا من كتاب (عيون أخبار الرضا) للشيخ الصدوق رضوان الله عليه وقد رواها بسنده عن مولانا الإمام الجواد (سلام الله عليه) في الحديث نفسه الذي اشتمل على كرامة إنزال الله المطر ببركة استسقاء الإمام الرضا أيام ولايته (عليه السلام) لعهد المأمون العباسي، فقد أثارت هذه الحادثة غيظ الطواغيت، فسعوا للكيد بولي الله الرضا (عليه السلام)، جاء في تتمة الرواية.
قال الإمام محمد بن علي بن موسى عليهم السلام: وعظم الله تبارك وتعالى البركة في البلاد بدعاء الرضا عليه السلام، وقد كان للمأمون (أي من حاشيته) من يريد أن يكون هو ولي عهده من دون الرضا عليه السلام وحساد كانوا بحضرة المأمون للرضا عليه السلام، فقال للمأمون بعض أولئك: يا أميرالمؤمنين! أعيذك بالله أن تكون في إخراجك هذا الشرف العميم والفخر العظيم من بيت ولد العباس الى بيت ولد علي قد أعنت على نفسك وأهلك، جئت بهذا الساحر ولد السحرة وقد كان خاملاً فأظهرته ومتضعاً فرفعته ومنسياً فذكرت به ومستخفاً فنوهت به، قد ملأ الدنيا مخرقة بهذا المطر الوارد عند دعائه: ما أخوفني أن يخرج هذا الرجل هذا الأمر عن ولد العباس الى ولد علي.
فقال المأمون: كان هذا الرجل مستتراً عنا يدعو إلى نفسه فأردنا أن نجعله ولي عهدنا ليكون دعاؤه لنا وليعترف بالملك والخلافة لنا، وليعتقد فيه المفتونون به أنه ليس مما ادعى في قليل ولا في كثير وأن هذا الأمر لنا دونه وقد خشينا إن تركناه على تلك الحالة أن ينفتق علينا منه ما لا نسده ويأتي علينا منه ما لا نطيقه والآن فإذ قد فعلنا به ما فعلناه وأخطأنا في أمره بما أخطأنا وأشرفنا من الهلاك بالتنويه به على ما أشرفنا فليس يجوز التهاون في أمره ولكنا نحتاج أن نضع منه قليلاً قليلا حتى نصوره عند الرعايا بصورة من لا يستحق لهذا الأمر ثم ندبر فيه بما يحسم عنا مواد بلائه، قال رجل: يا أميرالمؤمنين فولني مجادلته فإني أفحمه وأصحابه وأضع من قدره، فلولا هيبتك في نفسي لأنزلته منزلته وبينت للناس قصوره عما رشحته له، قال المأمون: ما شيء أحب إلي من هذا.
مستمعينا الأكارم ومعنى كلام هذا الحاسد أنه أراد تشويه صورة الإمام الرضا (عليه السلام) في أعين الناس كمقدمة لعزل المأمون له من ولاية العهد.
قال إمامنا الجواد في تتمة الرواية: فجمع الخلق الفاضلين من رعيته في مجلس واسع عقد فيه لهم وأقعد الرضا عليه السلام بين يديه في مرتبته التي جعلها له فابتدأ هذا الحاجب المتضمن (أي الذي ضمن) للوضع من الرضا عليه السلام، وقال له: إن الناس قد أكثروا عنك الحكايات وأسرفوا في وصفك بما أرى إنك إن وقفت عليه برئت إليهم منه وذلك أنك قد دعوت الله في المطر المعتاد مجيئه فجاء، فجعلوه آية معجزة لك أوجبوا لك بها أن لا نظير لك في الدنيا. فقال الرضا (عليه السلام): ما أدفع عباد الله عن التحدث بنعم الله علي وإن كنت لا أبغي أشراً ولا بطراً.
فغضب الحاجب عند ذلك وقال: يا بن موسى لقد عدوت طورك وتجاوزك قدرك ان بعث الله بمطر مقدر وقته لا يتقدم ولا يتأخر، جعلته آية تستطيل بها وصولة تصول بها كأنك جئت بمثل آية الخليل إبراهيم (عليه السلام) لما أخذ رؤوس الطير بيده ودعا أعضائها التي كان فرقها على الجبال فأتينه سعياً وتركبن على الرؤوس وخفقن وطرن بإذن الله تعالى، فإن كنت صادقاً فيما توهم فأحيي هذين وسلطهما علي، فإن ذلك يكون حينئذ آية معجزة، فأما المطر المعتاد مجيئه، فلست أنت أحق بأن يكون جاء بدعائك من غيرك الذي دعا كما دعوت.
وكان هذا الحاجب الحاسد قد تحدى ولي الله الرضا (عليه السلام) بما توهم أن من المحال حصوله له، فخيب الله ظنه ونصر وليه الإمام الرؤوف (عليه السلام) قال مولانا الجواد (عليه السلام): وكان الحاجب أشار الى أسدين مصورين على مسند المأمون الذي كان مستنداً إليه، وكانا متقابلين على المسند، فغضب علي بن موسى عليهما السلام، وصاح بالصورتين دونكما الفاجر، فافترساه ولا تبقيا له عيناً ولا أثراً فوثبت الصورتان وقد عادتا أسدين فتناولا الحاجب ورضاه وهشماه وأكلاه ولحسا دمه والقوم ينظرون متحيرين مما يبصرون، فلما فرغا منه أقبلا على الرضا عليه السلام وقالا: يا ولي الله في أرضه ماذا تأمرنا نفعل بهذا؟ أنفعل به ما فعلنا بهذا؟ يشيران الى المأمون، فغشي على المأمون مما سمع منهما، فقال الرضا عليه السلام: قفا، فوقفا، قال الرضا عليه السلام: صبوا عليه ماء ورد وطيبوه ففعل ذلك به وعاد الأسدان يقولان: أتأذن لنا أن نلحقه بصاحبه الذي أفنيناه؟ قال: لا، فإن لله عزوجل فيه تدبيراً هو ممضيه، فقالا: ماذا تأمرنا؟ قال: عودوا إلى مقركما كما كنتما، فصارا إلى المسند وصارا صورتين كما كانتا، فقال المأمون: الحمد لله الذي كفاني شر حميد بن مهران، يعني الرجل المفترس، ثم قال للرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله هذا الأمر لجدكم رسول الله (ص) ثم لكم، فلو شئت لنزلت عنه لك، فقال الرضا عليه السلام: لو شئت ناظرتك ولم أسألك فإن الله تعالى قد أعطاني من طاعة سائر خلقه مثل ما رأيت من طاعة هاتين الصورتين إلا جهال بني آدم، فإنهم وإن خسروا حظوظهم فلله عزوجل فيه تدبير وقد أمرني عزوجل بترك الإعتراض عليك وإظهار ما أظهرته من العمل من تحت يدك كما أمر يوسف بالعمل من تحت يد فرعون مصر.
قال الإمام الجواد عليه السلام: فما زال ضئيلا في نفسه الى أن قضى في علي بن موسى الرضا عليه السلام ما قضى.
وبهذا ينتهي لقاء اليوم من برنامجكم (دعوات وإجابات) إستمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، تقبل الله أعمالكم ودمتم بألف خير.