بسم الله وله الحمد منزل البركات ومفيض الرحمات، والصلاة والسلام على كنوز رحمته للعالمين محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم إخوة الإيمان.. على بركة الله نلتقيكم في حلقة اليوم مع هذا البرنامج نعزز فيها حسن الظن والرجاء بالرحمة الإلهية الواسعة من خلال التأمل في روايات إجابته لدعوات عباده. والحكاية التي اخترناها لهذا اللقاء مشهورة نقلها المؤرخون بمختلف اتجاهاتهم وهي قضية استجابة الله عزوجل لإستسقاء وليه الإمام أبي الحسن الرضا – عليه السلام – أيام ولايته للعهد.. ولكن الرواية التي نختارها تمتاز بتفصيلات تحمل لنا عبرا ودروسا مهمة، فهي مروية عن مولانا تاسع أئمة العترة المحمدية الطاهرة الإمام محمد الجواد – عليه السلام –.
روي الشيخ الصدوق في كتاب (عيون أخبار الرضا عليه السلام) بسنده عن إمامنا الجواد – عليه السلام – قال: (إن الرضا علي بن موسي – عليه السلام – لما جعله المأمون ولي عهده احتبس المطر، فجعل بعض حاشية المأمون والمتعصبين على الرضا يقولون: انظروا لما جاءنا علي بن موسي عليه السلام وصار ولي عهدنا حبس الله عنا المطر واتصل ذلك بالمأمون فاشتد عليه فقال للرضا عليه السلام: قد احتبس المطر، فلو دعوت الله عزوجل أن يمطر الناس، فقال الرضا عليه السلام: نعم، قال المأمون: فمتى تفعل ذلك؟ وكان ذلك يوم الجمعة، قال: يوم الإثنين، فإن رسول الله (ص) أتاني البارحة في منامي ومعه أميرالمؤمنين علي عليه السلام وقال: يا بني انتظر يوم الإثنين فابرز إلى الصحراء واستسق، فإن الله تعالى سيسقيهم وأخبرهم بما يريك الله مما لا يعلمون من حالهم ليزداد علمهم بفضلك ومكانك من ربك عزوجل.
ثم يحدثنا إمامنا الجواد – عليه السلام – عن نصرة الله تبارك وتعالى لوليه الرضا – سلام الله عليه – قائلا: فلما كان يوم الإثنين غدا إلى الصحراء وخرج الخلائق ينظرون فصعد الرضا المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: اللهم يا رب أنت عظمت حقنا أهل البيت فتوسلوا بنا كما أمرت وأملوا فضلك ورحمتك وتوقعوا إحسانك ونعمتك، فاسقهم سقيا نافعا عاما غير رايث ولا ضائر وليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا إلى منازلهم ومقارهم، قال الإمام الجواد – عليه السلام –: فو الذي بعث محمدا بالحق نبيا لقد نسجت الرياح في الهواء الغيوم وأرعدت وأبرقت وتحرك الناس كأنهم يريدون التنحي عن المطر فقال الرضا عليه السلام: على رسلكم أيها الناس فليس هذا الغيم لكم، إنما هو لأهل بلد كذا فمضت السحابة وعبرت ثم جاءت سحابة أخرى تشتمل على رعد وبرق فتحركوا فقال: على رسلكم فما هذه لكم، إنما هي لأهل بلد كذا، فما زالت حتى جاءت عشر سحائب وعبرت ويقول علي بن موسى الرضا عليه السلام: في كل واحدة: على رسلكم ليست هذه لكم إنما هذي لأهل بلد كذا.
ونلمح هنا مستمعينا الأفاضل، جميل الإستجابة الإلهية لدعاء الرضا – عليه السلام – حيث جعل الإجابة شاملة لمختلف الأقطار وليس لخراسان وحدها. نتابع رواية مولانا الجواد لهذه الكرامة وهو يبين لنا جميل استثمار الإمام الرضا – سلام الله عليه – لإجابة الله عزوجل دعوته لهداية الناس إلى سبيل حفظ النعم، قال – عليه السلام –: (ثم أقبلت السحابة الحادية عشرة فقال: أيها الناس هذه سحابة بعثها الله عزوجل لكم فاشكروا الله على تفضله عليكم وقوموا إلى مقاركم ومنازلكم فإنها مسامة لكم ولرؤوسكم ممسكة عنكم إلى أن تدخلوا إلى مقاركم ثم يأتيكم من الخير ما يليق بكرم الله تعالى وجلاله ونزل من على المنبر وانصرف الناس فما زالت السحابة ممسكة أن قربوا من منازلهم ثم جاءت بوابل المطر فملئت الأودية والحياض والغدران والفلوات، فجعل الناس يقولون هنيئا لولد رسول الله (ص) كرامات الله عزوجل. ثم برز إليهم الرضا عليه السلام وحضرت الجماعة الكثيرة منهم فقال: يا أيها الناس اتقوا الله في نعم الله عليكم فلا تنفروها بمعاصيه، بل استديموها بطاعته وشكره على نعمه وأياديه واعلموا أنكم لا تشكرون الله بشيء بعد الإيمان بالله وبعد الإعتراف بحقوق أولياء الله من آل محمد رسول الله (ص) أحب إليه من معاونتكم لإخوانكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبر لهم إلى جنان ربهم فإن من فعل ذلك كان من خاصة الله تبارك وتعالى.
مستمعينا الأفاضل نكتفي بهذا المقدار من رواية الإمام محمد الجواد – عليه السلام – لقصة استجابة الله عزوجل لوليه الرضا – عليه السلام – في الإستسقاء ولها تتمة مهمة فيها إجابة دعوات رضوية أخرى نسأل الله أن يوفقنا لنقلها في حلقة أخرى من برنامجكم (دعوات وإجابات)، نشكر لكم طيب الإصغاء لهذه الحلقة استمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران دمتم في أمان الله.