بسم الله وله الحمد والمجد مجيب دعوات الداعين وأرحم الراحمين وصلواته الناميات على صفوة أولياء الصادقين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم أعزائنا المستمعين وأهلا بكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج نقدم لكم فيها رواية من روايات إجابة الدعوات، تشتمل على إستجابة إلهية لدعوة من نبيه المصطفى – صلى الله عليه وآله – وثانية لدعوة من وليه المرتضى – عليه السلام - تابعونا على بركة الله.
أيها الإخوة والأخوات (حديث الطائر المشوي) من الأحاديث المتواترة التي نقلتها المصادر الحديثية المعتبرة عند مختلف فرق المسلمين بأسانيد كثيرة، وروايته تشتمل على إحدى الفضائل الجلية لمولانا الإمام علي – عليه السلام –، فإنها تشتمل أيضا على عبرة مهمة في عاقبة كتمان شهادة الله وخذلان أولياء الله.
نقرأ لكم الرواية التالية من كتاب الأمالي للشيخ الصدوق – رضوان الله عليه – وقد رواها بسنده عن أبي هدبة، قال: رأيت أنس بن مالك معصوبا بعصابة فسألت عنها، فقال: هذه من دعوة علي بن أبي طالب فقلت له: وكيف كان ذاك؟ فقال: كنت خادما لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأهدي إليه طائر مشوي، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلي، يأكل معي من هذا الطائر. فجاء علي (عليه السلام)، فقلت له: رسول الله عنك مشغول، وأحببت أن يكون رجلا من قومي – يعني رجلا من الأنصار يشارك الرسول في هذه المأدبة –، فرفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يديه الثانية، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلي، يأكل معي من هذا الطائر فجاء علي (عليه السلام)، فقلت له: رسول الله عنك مشغول، وأحببت أن يكون رجلا من قومي، فرفع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يديه الثالثة، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلي، يأكل معي من هذا الطائر فجاء علي (عليه السلام)، فقلت له: رسول الله عنك مشغول، وأحببت أن يكون رجلا من قومي.
نعم، مستمعينا الأفاضل، لقد حاول أنس بن مالك أن يحول دون تحقق الإجابة الإلهية لدعوة رسول الله – صلى الله عليه وآله – ودفعه التعصب العشائري إلى السعي لكسب فضيلة لعشيرته متوسلا لذلك بالكذب وهو من شر الذنوب.
ولكن الله عزوجل أبى إلا الحيلولة عن ذلك، قال أنس في تتمة الرواية: (فرفع علي صوته فقال: وما يشغل رسول الله عني؟ فسمعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا أنس، من هذا؟ فقلت: علي بن أبي طالب. قال: ائذن له. فلما دخل قال له: يا علي، إني قد دعوت الله عزوجل ثلاث مرات أن يأتيني بأحب خلقه إليه وإلي يأكل معي من هذا الطائر، ولو لم تجئني في الثالثة لدعوت الله باسمك أن يأتيني بك. فقال علي: يا رسول الله، إني قد جئت ثلاث مرات، كل ذلك يردني أنس ويقول: رسول الله عنك مشغول. فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أنس ما حملك على هذا؟ فقلت: يا رسول الله، سمعت الدعوة فأحببت أن يكون رجلا من قومي.
أيها الإخوة والأخوات، لقد أمهل الله الغفور الرحيم أنس بن مالك ولم يعاقبه على قبيح اعتراضه على إرادته جل جلاله، ولكن موقفا ثانيا له كان السبب في إنزال هذه العقوبة عليه، وذلك حينما كتم الشهادة بشأن هذه الحادثة، فقد استشهده الإمام أميرالمؤمنين – عليه السلام – ضمن احتجاج له وطلب منه أن يشهد بما رآه في قضية دعوة رسول الله – صلى الله عليه واله – فأبى أن يشهد وادعى باطلا أنه نسي فدعا عليه أميرالمؤمنين – عليه السلام – دعوة سرعان وأجابها الله، قال أنس في تتمة كلامه لأبي هدبة عن سرالبياض الذي أصابه في رأسه: (فلما كان يوم الدار – أي يوم الإحتجاج العلوي المذكور – استشهدني علي فكتمته – يعني طلب – عليه السلام – منه أن يشهد بشأن قضية دعاء النبي – صلى الله عليه وآله – نسيته، فرفع علي يده إلى السماء فقال: اللهم إرم أنسا بوضح لا يستره من الناس، ثم كشف العصابة عن رأسه فقال: هذه دعوة علي، هذه دعوة علي، هذه دعوة علي.
مستمعينا الأفاضل يبقى أن نشير إلى أن الوضح هو نوع مستقبح من البياض يشبه البرص يؤدي إلى النفرة، وقد بقي ظاهرا على أنس إلى نهاية عمره ولم يكن قادرا على ستره بالعمامة، فتحققت الدعوة العلوية بالكامل. أجارنا الله وإياكم أيها الأحبة من كتمان شهادة الله ومن خذلان أولياء الصادقين محمد وآله الطاهرين – صلوات الله عليهم أجمعين –.
وبهذا ينتهي لقاء اليوم من برنامج (دعوات وإجابات) قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران.. تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين.