بسم الله الرحمن الرحيم
خبير البرنامج: فضيلة الشيخ ابراهيم الحجاب الباحث الإسلامي من المملكة العربية السعودية
مستمعينا الكرام.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نرحب بكم أجمل ترحيب ونلتقي بكم في حلقة جديدة من هذا البرنامج وموضوعها هو آداب الطعام في الإسلام.. نرجو لكم قضاء وقت ممتع مع فقرات هذا اللقاء.
أحبتنا الأكارم.. القرآن الكريم قدم برنامجاً للغذاء فيه إعجاز علمي، حيث وضع قواعد صحية للأكل ونظاماً للتغذية يحفظ السلامة ويدفع المرض، كما وضع آداباً إجتماعية ونفسية تضمن تحقيق البهجة والمتعة في الأكل. فالقرآن جاء ليحل الطيبات ويحرم الخبائث؛ (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق).
ويستحب للإنسان المسلم أن لا يأكل وحده بل يدعو غيره ليشاركه في الأكل ويبذل الطعام للغريب وابن السبيل والجائع.. يقول تعالى: (أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيماً ذا مقربة أو مسكيناً ذا متربة).
وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (ليس منا من بات شبعاناً وجاره جائع).
عن أهمية هذا الأدب المهم من آداب الطعام يحدثنا مشكوراً ضيفنا الكريم سماحة (الشيخ ابراهيم الحجاب الباحث الاسلامي من السعودية) فلنستمع معاً لما يقوله:
الحجاب: بسم الله الرحمن الرحيم عندما نعود الى النصوص الشرعية والآيات الكريمة نجد أنها تؤكد على اهمية الإطعام في الإسلام وعندما نعود الى الآية الكريمة التي تقول: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً{۸} إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً{۹}"(سورة الإنسان). نرى هنا في هذه الاية المباركة الباري إمتدح أهل بيت رسول الله صلوات الله عليهم أجميعن على إطعامهم الطعام وهم بحاجة لهذا الطعام. ماذا نستفيد؟ نستفيد من خلال الروايات ومن خلال هذه الآية الكريمة ومن خلال سيرة أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين على اهمية إطعام الطعام ولما فيه من آثار على الفرد والمجتمع. فالآثار على الفرد اولاً تأكيد الإلتزام بالأوامر الإسلامية، بالأوامر التي فرضها الله عزوجل ايضاً الفرد عندما يبذل ويعطي يشعر بأنه انسان له مكانة وله منزلة عند الله عزوجل وعن اهل البيت. كذلك الإنسان من طبعه يشعر بالراحة اذا أعطى وأعطى من هو يناظره ومن هو مثله. التأثير على المجتمع نلاحظ المجتمع النامي الذي يسوده الحب والتفاهم والبذل والعطاء فعندما يتكاتف المجتمع في عطاءه فمثلاً هو غني يعطي الفقير ويشعر بالآلام التي يتألمها الفقير هنا يسود الحب والوفاء ويرتسم السلام في المجتمع لأجل ذلك الإسلام اكد على ذلك ليهدأ الفرد والمجتمع من خلال إطعام الطعام والبذل والعطاء.
عزيزي المستمع.. جاءت في أحاديث عدة عن أهل البيت – عليهم السلام – الوصايا التالية فيما يرتبط بآداب الطعام كما في كتاب [الوسائل] للحر العاملي ومنها: (أكثروا ذكر الله عزوجل على الطعام ولا تطغوا فيه فإنه نعمة من نعم الله ورزق من رزقه، يجب عليكم فيه شكره وحمده، أحسنوا صحبة النعمة قبل فراقها فإنها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها).
ومن آداب الطعام غسل اليدين قبل الأكل وبعده، ومنها التسمية، أي البدء بـ "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" وعدم الإستعجال في الأكل، بل يستحب التأني.
والطعام الحلال يدخل ضمن دائرة التقوى، فالواجب البعد عن المال الحرام والطعام الحرام، ما حرمه الله سبحانه مثل شرب الخمر أو أكل لحم الخنزير أو ما لم يذبح على الطريقة الإسلامية.
عزيزي المستمع.. ومن الوصايا الجامعة في هذا الباب ما أوصى به الإمام علي بن أبي طالب تلميذه كميل بن زياد، وصايا كثيرة منها في آداب الطعام، قال سلام الله عليه، كما ورد في كتاب [تحف العقول]: (يا كميل! إذا أكلت الطعام فسم الله الذي لا يضر مع إسمه داء وهو الشفاء من جميع الأدواء.. يا كميل! إذا أكلت الطعام فواكل به ولا تبخل فإنك لم ترزق الناس شيئاً، والله يجزل لك الثواب بذلك.. يا كميل! إذا أنت أكلت فطول أكلك ليستوفي من معك ويرزق منه غيرك.. يا كميل! إذا استوفيت طعامك فاحمد الله على ما رزقك وادفع بذلك صوتك يحمده سواك، فيعظم بذلك أجرك.
يا كميل! لا توقرن معدتك طعاماً ودع فيها للماء موضعاً.. يا كميل! لا ترفعن يدك من الطعام إلا وأنت تشتهيه، فإذا فعلت ذلك فأنت تستمرئه أي تستطيبه.. يا كميل! صحة الجسم من قلة الطعام وقلة الماء).
عزيزي المستمع.. لقد وضع الإمام بهذه الوصايا برنامجاً كاملاً لآداب الطعام، كما وضع منهجاً صحياً لتناوله، الإمام يوصي تلميذه أن لا يسرق في تناول الطعام وأن يقوم من المائدة وهو يشتهي الطعام فإن ذلك أضمن لصحته وأضمن لقواه كما أكدت ذلك مصادر الطب الحديث.
وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: "إن في القرآن آية تجمع الطب كله: "كُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ"(سورةالأعراف۳۱)".
وقال سلام الله عليه في هذا المعنى:
- من قل طعامه قلت آلامه.
- إن من السرف أن تأكل كل ما اشتهيت.
- قل من أكثر الطعام فلم يسقم.
- كم من أكلة منعت أكلات... البطنة تمنع الفطنة.
والإمام علي بن أبي طالب قبل أكثر من ثلاثة عشر قرناً يؤكد على مسألة في غاية الأهمية والخطورة لحفظ الصحة ودفع المرض وكما جاء في الحديث: (نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع).
وهنا مستمعينا الأفاضل نعود إلى ضيفنا الكريم سماحة (الشيخ ابراهيم الباحث الاسلامي من السعودية) لكي يعطينا لمحة عن آثار العمل بالآداب الشرعية لتناول الطعام في توفير الحياة الطيبة بدنياً ونفسياً، نستمع معاً...
الحجاب: من الملاحظ أن الإنسان يتكون من جسد وروح وبالطبع اذا إهتم الإنسان بجسده سمت روحه فالعقل السليم في الجسم السليم كما ورد وأشتهر بين الناس. ما ينمي هذا الجسم هو الطعام فإذا اكل الإنسان نما العظم ونبت اللحم ونلاحظ ان لهذا الطعام الذي يأكله الإنسان آثاراً، اولاً على الجسد فالطعام السليم يجعل الجسم سليماً ومعافى ويبعد الأمراض ويكون صاحب هذا الجسم قوياً ويستطيع القدرة على اداء الأعمال، هذا من الناحية الجسدية بالنسبة للروح بلا شك الأكل النظيف يؤثر على روح الإنسان، الكل الذي كان من مصدر حلال، الأكل الذي أوصى به الإسلام والرسول صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام بأكله مما هو مستحب وغير ذلك فبالطبع يؤثر على نفسية الإنسان وعلى روح الإنسان. وهناك قصص كثيرة نسمعها ونعرفها مثلاً هذه القصة المشهورة كان رجلاً أدّب نفسه على أن لايأكل إلا من الأكل الحلال وربّى إبنه الًغير على أن لايأكل إلا الأكل النقي والأكل البعيد عن المحرمات. ففي يوم من الأيام أراد أن يذهب به الى المدينة لكن الأب شعر بمضابقة من إبنه الصغير، كيف؟ كان ينظر الى الناس على شكل حيوانات فهو كلما يسير مع أبيه يقول: يا أبي أنظر الى هذا الشخص كأنه حيوان، هذا حيوان وذاك حيوان فتأذى الأب فذهب الى أحد العارفين من العلماء فقال له: دعه يأكل من المطاعم او من الأسواق. من المشهور أن الكثير من المطاعم ولانقول كلها أكلها مشبوه وأكلها ربما لايتحفظون على جلب الطعام الحلال والطعام السليم. فأكل هذا الإبن وإمتنع أن ينظر الى الناس بتلك النظرة الروحية التي كان ينظر بها من منظار روحي بالبصيرة ولابالبصر فقال أحد العلماء: "إن الأكل يؤثر على الروح كما هو يؤثر على الجسد".
عزيزي المستمع.. وأخيراً نقول: أن آداب الطعام في الإسلام كفيلة بأشياع الجياع والتخلص من أمراض التخمة والإفراط في الأكل التي تسبب الكثير من الأمراض، وتؤدي إلى وفاة عشرات الملايين من البشر كل عام.
أعزتنا المستمعين.. إلى هنا نأتي إلى ختام حلقة اليوم من برنامج (آداب شرعية لحياة طيبة) إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، على أمل اللقاء بكم في حلقة أخرى نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.