خبير البرنامج: سماحة الشيخ أديب حيدر الباحث الإسلامي من لبنان
مستمعينا الكرام؛ مرحباً بكم في لقاء جديد لبرنامج (آداب شرعية لحياة طيبة) وموضوع هذه الحلقة هو الآداب الشرعية التي تجعل البيت العائلي سعيداً نرجو قضاء وقت ممتع مع فقرات هذه الحلقة مع تمنياتنا لكم بالحياة السعيدة.
أيها الإخوة والأخوات؛ جاء في الحديث عن أهل البيت الأطهار – عليهم السلام – "جنة المؤمن بيته".. نعم فالبيت الذي تحكمه الآداب الإيمانية جنة لساكنيه فيه يشعرون بالراحة والمتعة ويتنعمون بملذات الحياة التي أحلها الله سبحانه لعباده، وفيه يشعر الإنسان بحرية لا يشعر بها خارجه، ولكن كثيراً من البيوت يعاني أفرادها من التعب النفسي وعدم الإستقرار بسبب عدم رعاية القيم الإسلامية في التعامل بين أفراد العائلة فعليهم جميعاً واجبات وقروض يؤدنوها لينعموا بالراحة والطمأنينة ويتعلمون كيف يواجهون المجتمع وكيف يصادقون الآخرين وكيف يكونوا رجالاً صالحين، وعلى الأب مسؤولية إعداد الجو العائلي البهيج ويجتمع مع أبنائه كل يوم ويعلمهم آداب الإسلام في أداء الفرائض وكسب المال الحلال وطاعة أولي الأمر ويعلمهم آداب الإسلام في الإتحاد والمحبة وترك العداوة والبغضاء ونبذ العادات السيئة وإطاعة الوالدين وقراءة القرآن الكريم وتلاوته وأداء الصلاة والمحافظة عليها وطاعة الأم والإحسان إليها والإلتفاف حولها.
ومن واجب رب البيت أن يرعى شؤون والديه إذا كانا يعيشان معه؛ البيت المسلم فيه روابط قوية وعلاقات متينة تشد الأب بأبنائه وتشد الأم بأولادها ذكوراً وإناثا.. والأب يحترم والديه ويقدرهما ويدعو أولاده لإحترامها.
قال تعالى في سورة الإسراء المباركة: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً{۲۳} وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً{۲٤} "
مستمعينا الكرام: ولكن ما هي أهم واجبات الوالدين تجاه أولادهما الذين أمرهم الله برعاية الوالدين بكل هذا التأكيد؟
لنستمع إلى إجابة ضيف هذه الحلقة من برنامج (آداب شرعية لحياة طيبة) سماحة الشيخ أديب حيدر الباحث الإسلامي من لبنان
حيدر: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين
طبعاً المنهاج النظري من الناحية التربوية الإسلامية هي برنامج تربوي متكامل حيث هناك تقسيماً علمياً لمراحل الأبناء فالمرحلة في التنمية البدنية وتعويدهم على المهارات الصحيحة الى عمر السابعة وبعد عمر السابعة الى عمر الرابعة عشر هو تعليمهم الآداب المعنوية والآداب الخلقية وبعد الرابعة عشر من اعمارهم هناك تربية الصداقة والعلاقات الإجتماعية الفاعلة. ولكل مرحلة من هذه المراحل لها ادواتها ولها مناهجها ولها برامجها فواجب الاباء في مرحلة الولادة هناك امور تتعلق بالآداب الدينية كيؤذن له في اليمنى ويقام له في اليسرى ثم يحنك ثم يعق له هذه الاداب التي نصت عليها الشريعة هي إعطاء عنوان أن المنهج التربوي والإسلامي ومنهج معنوي ومنهج خلقي وأن المطلوب من تربية الإنسان وإعداده ليكون عنصراً في مجتمع الإيمان ومجتمع التوحيد لذلك من الآداب الواجبة على الأبناء أن يحسنوا غذاءه بالغذاء الطاهر والغذاء الحلال وأن لايدخل في غذاءه الخبائث وأن لايدخل في طعامه المال الحرام. أن يحسن الآباء تسمية هؤلاء الأبناء بإعطاءهم الأسماء الجميلة التي لاتشعر الطفل عندما يكبر بخجله من اسمه. الأمر الآخر هو تهيئة البيئة الصالحة لتربيته وإبعاده عن كل المشاهد التي ترسخ في الطفل قبل أن تتفتح ملكاته تترسخ فيه ملكات سيئة بأن يبعد عن اماكن السباب وأماكن الشتائم ويبعد عن الصراخ لأن كل ذلك ينعكس في العقل الباطني للأبناء وينعكس عليهم في سلوكهم فلذا بالإضافة الى الآداب الواردة في السنة النبوية الشريفة من الأذان والإقامة والتصدق من شعره فضة والعق له والختان كل هذه آداب شرعية منصوص عليها وهي عملية تهيئة هذا المولود أن يكون عنصراً فاعلاً في المجتمع. بعد تسميته بالأسماء الجميلة والأسماء الطيبة يوضع هذا الطفل في مناخ لايسمع فيه لغو ولاتأثيم بل يكون هذا المناخ دائم فيه ذكر الله لأن الطفل الصغير يقلد من دون معرفة أبويه في عاداتهم وتقاليدهم وبعد ذلك عندما تتفتح مواهبه تصبح هذه الأمور المنعكسة فيه تصبح من سلوكه ومن حياته. فالأبوين يجب أن يهيئوا للولد أن يكون في مناخ آمن أخلاقي ومعنوي من أن يصطحبوه الى مجالس الخير ويبعدوه عن مجالس السوء. أن يعلموه كل الأمور التي تدل على قيم ومكارم الأخلاق.
أيها الإخوة والأخوات؛ البيت في الإسلام لا يحقق الرفاه والسعادة لساكنيه فقط، بل يوفر الراحة والأمان والسلام لكل من يلجأ إليه من الأقرباء والجيران والفقراء والمحتاجين، وفيه يقرى الضيف وبه توصل الأرحام ويجد فيه الجار ملجأ وملاذا إذا أصابته شدة أو نائبة مشكلة.
جاء في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "خير البيوت بيت فيه يحسن إليه وشر بيوتكم بيت فيه يتيم يساء إليه، ومن أعان يتيماً حتى يستغني أوجب الله له بذلك الجنة".
وعن الإمام أمير المؤمنين (ع) في وصيته لولده الحسن (ع): يا بني سل عن الجار قبل الدار وعن الرفيق قبل الطريق.
وقال عليه السلام: "حسن الجوار يعمر الديار ويزيد الأعمار".
عزيزي المستمع؛ إدارة البيت من مسؤولية الأب، فهو الذي يستطيع بحسن تعامله وذكائه وحبه للآخرين أن يجعل منزله سعيداً، المنزل الصالح هو المكان الذي تشيع فيه أجواء السعادة ويشعر الإنسان فيه بالراحة والهدوء والإستقرار، فلا تجد هناك إثارة للأعصاب ولا نهراً ولا تقريعاً ولا جدلاً صاخباً ولا مناقشة حامية لأمر تافه ولا نظرة شرداء ولا افتقادا للحب والعطف والحنان. ولكن تجد فيه الأمن والسلام والحب والحنان.
البيت هو المكان الذي يتلقى فيه الطفل أول دروس الحياة وفيه ينمو ويترعرع على الخصال الحسنة والأخلاق الحميدة في البيت تتكون شخصية الطفل وفيه يتعلم القدرة على الإندماج في معترك الحياة.
من هنا تتضح أهمية قيام الوالدين خاصة بإشاعة هذه القيم الإسلامية الكريمة في أجواء الأسرة، ولكن ما هي أبرز الأساليب العملية لذلك؟ هذا ما يحدثنا عنه ضيفنا الكريم سماحة الشيخ أديب حيدر الباحث الإسلامي من لبنان، عودة إليه:
حيدر: أولاً يجب على الآباء أن يكونوا هم أنفسهم مصدر إشعاع ومصدر خير لأن فاقد الشيء لايعطيه، لأن الأهل اذا لم يكونوا متخلقين ومتأدبين بآداب الله وبآداب وأخلاق الأنبياء وأخلاق أهل البيت لايمكن أن يقدموا شيئاً لأبناءهم وأطفالهم لذلك لابد للأهل أن لايبدر منهم ما يدل على إنتقاص في قيمهم الخلقية. الأمر الثاني هو تهيئة الأصدقاء، أن يبعدوه عن معشر السوء لأن صاحب السوء هو الذي يجنح بالإنسان بإتجاه الرذيلة لذلك لابد أن تنمى في هذا الناشيء عادات يعني تنمية المهارات الرياضية، تنمية المهارات البدنية التي تجعل الإنسان سليماً في قوامه وفي بدنه وبالتالي تكون هي مجالات متاحة تكون فيها برامج إيجابية كالأساليب الحديثة وهي إنشاء مجالس للرياضة وللترفيه وتنمية الألعاب الفنية التي تكون في خلفيتها مطعمة بالأفكار الخلقية والدينية التي تؤهل الإنسان أن يكون منبعاً ومخزناً لمكارم الأخلاق لأن الإنسان كالإناء ما تضعين فيه يحتويه وكل إناء بما فيه ينضح لذلك الأبناء إناء فارغ، الأبناء يلدون على الفطرة وعلى الآباء أن يهذبوا هذه الفطرة.
أيها الإخوة والأخوات.. البيت السعيد لا تقع مسؤوليته الأب وحده، فقد يكون مشغولاً بعمله ولا يملك الوقت الكافي للتحدث مع أولاده أو حتى اللقاء بهم وإن كان ذلك من أهم واجباته.
البيت السعيد يمكن أن تديره المرأة صالحة تدبر شؤونه برقتها وعذوبة منطقها وعاطفتها وحسن إدارتها.
وجاء في الحديث: "رب إمرأة صالحة خير من ألف رجل" المرأة في الإسلام هي قاعدة البيت السعيد.
وقد جاء في الحديث: "من سعادة المرء دار وسيعة وزوجة مطيعة" المرأة الحنون تضفي على البيت لمسات الجمال والود والرحمة والسكينة وتجعل بيتها جنة لساكنيه.
قال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(سورة الروم -۲۱)
فهي مصدر السكينة والطمأنينة والإستقرار النفسي للرجل (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة) كما جاء في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وآله.
أعزاءنا المستمعين؛ إلى هنا وصلنا إلى ختام حديثنا عن البيت السعيد، على أمل اللقاء بكم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله.