خبير البرنامج: سماحة الشيخ أحمد النجفي الباحث الإسلامي من العراق
أحباءنا المستمعين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
نرحب بكم في لقاء جديد لبرنامج آداب شرعية لحياة طيبة وموضوع هذه الحلقة هو (الدين وآدابه في الإسلام) نرجو قضاء وقت ممتع ومفيد مع فقرات هذه الحلقة ونتمنى لكم حياة سعيدة.
أيها الإخوة والأخوات، إن الحياة الدنيا لها من المطالب المالية ما هو مستمر ومحتمل في كل حين وكل إنسان يمكن أن يكون عرضة لضيق الحال وفراغ اليد والحاجة إلى ما يخلصه مما يقع فيه، فكم من مرض طارئ يحتاج إلى عملية أو علاج أو سفر عاجل لا يحتمل التأجيل والتأخير أو حادثة تقع للإنسان أو لبعض أبنائه أو أهل بيته قد تأتيه وهو ليس لديه ما يكفي من المال لمعالجة مقتضياتها في كل هذه الحالات لابد من الإستدانة إلا إذا كان الإنسان يملك ما لا حاجة له من حلية أو متاع أو مصاغ أو أثاث فيبيعها ولو بسعر أقل من ثمنه حتى لا تلحقه مذلة الطلب والسؤال وهذا هو الأولى والأفضل إن كان بالإمكان.
وإذا لم يكن ذلك ممكناً فالحل هو أن يقترض المبلغ الذي يقضي به حاجته الطارئة وأن يرد الذين في موعده المحدد أو قبله إذا استطاع.
إن القرض مشروع ولا بأس به على من استدان من غيره، ولا يحط من قدره إذا هو استدان للضرورة، ثم قضى دينه في أجله الذي سماه ويستحب للقادر أن يقرض غيره قرضاً حسناً لينال الأجر والثواب فيقرض المحتاج والعامل والمضطر.
قال الإمام الباقر عليه السلام: من أقرض رجلاً قرضاً إلى ميسرة كان ماله في زكاة وكان هو في صلاته مع الملائكة حتى يقبضه.
وقال الإمام الصادق عليه السلام: مكتوب على باب الجنة الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر.
وقال الإمام الصادق عليه السلام: ما من مؤمن يقرض إنساناً قرضاً يلتمس به وجه الله إلا حسب له أجر بحساب الصدقة حتى يرجع إليه ماله.
وهنا مستمعينا الأفاضل؛ يحدثنا ضيف البرنامج سماحة الشيخ أحمد النجفي الباحث الإسلامي من العراق عن سر تأكيد النصوص الشريفة على أن ثواب القرض أعظم من ثواب الصدقة كما نلاحظ في حديث الإمام الصادق – عليه السلام – ؛ نستمع لما يقوله حفظه الله:
النجفي: بسم الله الرحمن الرحيم
أكدت الأحاديث الشريفة على ثواب القرض وعظمته. من جانب طبعاً ثواب الصدقة ولكن هناك احاديث مروية كثيرة عن الأئمة الأطهار بأن القرض بعشرة والصدقة بواحد فمنطلق هذه الفلسفة الإسلامية هي أن القرض لايكون إلا لأمر قد أعسر على المؤمن او المسلم فأنت تكون بمثابة المنجي لذلك الشخص أما الصدقة فممكن انا وأنتم وأي واحد يتصدق وبالتالي هذه الصدقة تسد حاجة أي شخص كان وفي أي وقت كان أما مضمون القرض فيه وقت وفيه مقدار محدد فضلاً عن أن القرض ينمي عند الإنسان حب التواصل وحب الإيثار الذي ايضاً أكدت عليه الأحاديث والآيات الشريفة.
أيها الإخوة والأخوات، إن الواجب على من استدان من غيره ديناً أن لا ينساه أو يتغافل عنه وإنما ينبغي أن يتذكره دائماً وأن يراه حملاً ثقيلاً عليه وأن يسعى جاهداً لوفاء دينه فتراه يجمع المال لوقائه ويدخر ويتجنب القرض للخلاص منه ولا يرتاح له بال إلا إذا وفاه وأعطاه.
هذا هو شأن المسلم الشهم الوفي صاحب المروءة والإباء الذي يود أن يكسب ثقة الآخرين وأن يكون موضع تقدير الآخرين ممن أقرضوه قرضاً حسناً وقت الشدة وبذلك يشارك الناس في أموالهم لثقتهم فيه، فإذا وقع المحذور سارع الآخرون لنجدته ومساعدته والأخذ بيده ليبدأ حياته من جديد وذلك لأمانته وصدقه و(اليد ثمينة ما دامت أمينة) كما في المثل المشهور.
وينبغي للمقترض أن يسارع وأن يعجل الأداء مهما أمكن ولا يقطع سبيل المعروف.
وعلى المقرض أن يعمل بقوله تعالى «وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ» (البقرة۲۸۰)
وقال الصادق عليه السلام: (من أراد أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله، فلينظر معسراً أو يدع له من حقه).
أيها الإخوة والأخوات، لعلاج مشكلة الدين من الأساس ولتلافي الوقوع في هذه المشكلة لا بأس من الإدخار، إدخار ولو جزء يسير من الربح التجاري أو الراتب الشهري للإستفادة منه وقت الحاجة.. والمثل يقول: (القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود).
ولتأمين عملية الإدخار لابد من تنظيم الإنفاق بحيث تكون المصروفات أقل ولو بشيء يسير من المورد المالي، ووضع ميزانية لصرف المال ووضع خطة وكتابة أوجه الإنفاق ويسأل المرء نفسه في أي شيء صرفت مرتبي؟ وسيجد أن كثيراً مما صرف عليه المال لم يكن ضرورياً بل كان زائداً عن الحاجة مما سبب إرباكاً له وعجزاً في تسديد أقساط الديون.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إياكم والدين فإنه هم بالليل وذل بالنهار.
وروى أبان عن بشار عن أبي جعفر عليه السلام قال: (أول قطرة من دم الشهيد كفارة لذنوبه إلا الدين فإن كفارته قضاؤه)
أيها الأحبة؛ وعلى ضوء ما تقدم يبرز سؤال عن أهم الآداب التي حددها الإسلام لصاحب الحاجة الذي يضطر للإقتراض، وكذلك لصاحب الدين؛ للإجابة عن هذا السؤال يلخصها ضيفنا الكريم سماحة الشيخ أحمد النجفي الباحث الإسلامي من العراق فعودة إليه حفظه الله:
النجفي: أما الآداب الشرعية بالنسبة للمقترض وبالنسبة الى صاحب الدين فأكد القرآن الكريم على ضرورة أن يلتزم المقترض وكذلك السنة الشرعية وصاحب الدين بها مثلاً أولاً يجب أن يلتزم بالوقت المحدد له حتى يوفي ما عليه. يجب أن يراعي حال المقترض بأن اذا كان معسراً او لا، الشخص المعسر الذي لايستطيع أن يوفي دينه بحيث يؤخذ بعين الإعتبار القرآن الكريم والشريعة الإسلامية خرجها من تخريجات كثيرة منهم الغارمين الذين تراكمت عليهم الديون وممكن أن نستقطع ونعطيهم من بيت مال المسلمين ايضاً.
عزيزي المستمع، من أجل تنظيم ميزانية الأسرة يجب ملاحظة تأمين الضروريات أولاً ثم الكماليات إذا كان هناك فائض من المال ثم الإدخار للوفاء بالحالات الطارئة، وأهم شيء لزيادة الرزق السعي والعمل الجاد ثم الدعاء والإستغفار.
فالإستغفار يزيد الرزق ومما يجنب الإنسان الفقر والفاقة الإقتصاد في المعيشة وقد جاء في الحديث (ما أعال من اقتصد) و (حسن التدبير نصف المعيشة) و (من اقتصد في الغنى والفقر أمن نوائب الدهر).
ومما يزيد في الرزق صلة الأرحام والصدقة ومما ينفي الفقر ويجلب الغنى (حج بيت الله الحرام) وقد جاء في الحديث المروي عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – عن بيت الله الحرام أنه (ما ورده أهل بيت إلا استغنوا ولا تخلفوا عنه إلا افتقروا).
نسأل الله تعالى أن يفرج عن كل مكروب وأن يقضي دين كل مدين وأن يكفينا جميعا هم الليل وذل النهار وأن يرزقنا بفضله ورحمته وهو خير الرازقين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أحباءنا المستمعين، إلى هنا نصل إلى ختام حديثنا في موضوع - الدين - على أمل اللقاء بكم في حلقة أخرى لبرنامج (آداب شرعية لحياة طيبة) نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.