خبير البرنامج: الشيخ فاضل الدشتي الباحث الإسلامي من قم المقدسة
مستمعينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
مرحباً بكم في لقاء جديد لبرنامج (آداب شرعية لحياة طيبة) وموضوع هذه الحلقة هو (الزواج) نرجو قضاء وقت نافع وممتع مع فقرات هذه الحلقة ونتمنى لكم حياة طيبة وأياماً حلوة.
أيها الإخوة والأخوات، الإنسان بطبيعته يميل إلى الأنس بالآخرين والإجتماع بهم، وأن بين الرجل والمرأة عملية تكامل نفسي يسبب فقدها الشعور بالوحدة والإحساس بالقلق والتوتر وهناك تجاذب وميل إلى العلاقة إلى الطرف الآخر من أجل الإستقرار العاطفي والتخلص من الآثار النفسية للوحدة.
يقول تعالى: "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا" (سورة الأعراف۱۸۹ )
الزواج نظام إجتماعي له دور بالغ الأهمية في بناء المجتمع والحفاظ على قيمه ومبادئه ورفده بالأجيال اللازمة للحفاظ عليه.
والزواج رحلة إيمانية مباركة تبدأ بالعقد وتنتهي بالجنة وزاد هذه الرحلة هو المودة والرحمة.
قال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(سورة الروم۲۱).
وإلى جانب المودة والرحمة اللازمين لهذه الرحلة هناك مجموعة من الضوابط الأخلاقية اللازمة لتوطيد العلاقة واستقرار الحياة الزوجية، إن الله سبحانه جعل لكل من الزوج والزوجة حقوقاً وواجبات تجاه بعضهما البعض وألزم كلاً منهما بالوفاء بها على أساس أن الوفاء بهذه الحقوق هو لون من ألوان العبادة، حينما يتحقق تستمر العلاقة وتدوم العشرة ويزداد الحب والإرتباط بالطرف الآخر.
عزيزي المستمع.. الزواج صداقة مدعومة بعهود ومواثيق وفيها بعض التضحيات من تنازل عن بعض الحقوق وتحمل الواجبات والمسؤوليات وهي رصيدنا في الحياة، نعود إليه كلما إدلهمت بنا الأمور وضاقت الحياة.
روي عن الرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله – أنه قال: "إنما الدنيا متاع وخير متاع الدنيا الزوجة الصالحة".
وقوله – صلى الله عليه وآله - : "كلما ازداد العبد إيماناً إزداد حبه للنساء".
وقوله – عليه الصلاة والسلام -: "التزويج سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني ومن تزوج أحرز نصف السعادة".
وهنا نعرض على ضيف البرنامج سماحة الشيخ فاضل الدشتي الباحث الاسلامي من قم المقدسة السؤال التالي:
ما هي أهم الحقوق والواجبات المترتبة على الزوجين تجاه بعضهما في ظل التعاليم الإسلامية؟
الدشتي: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الخلق محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين
تحية الى جميع الأخوة المؤمنين والمؤمنات في اذاعة طهران الموقرة التي تمثل صوت الإسلام المحدي الأصيل
الحقوق والواجبات التي فرضها الله سبحانه وتعالى والاسلام على كل من الزوجين فهي في اعلى مراحل تحقيق السعادة الإنسانية للعائلة. الحقوق التي فرضها الله على الزوجة هي اولاً إحترام الزوج، الواجب الأول على الزوجة أن تطيع زوجها إلا في الحالات الشاذة او النادرة لتكون عائلة منظمة ومرتبة يجب أن تطيع زوجها في الحالات الطبيعية وإطاعة الزوج هو ليس إهانة للمرأة وإنما هي جزء من العدالة الإلهية لأن الزوج اذا كان مُطاعاً في العائلة وله الإحترام ستكون العائلة مرتبة ومنظمة ولها دور في السعادة. اذا كانت العائلة مرتبة ومنظمة ومتماسكة تكون السعادة لكل العائلة، للأولاد وللبنات وكذلك للزوجين، هذا الشرط الأول. الواجب الثاني الحديث الشريف يقول: صيانة المرأة أحفظ لها وأدوم لجمالها. اذا كانت المرأة مصانة في بيتها، مصانة في كل الأمور، محترمة، تكون محافظة على صحتها كان ذلك أدوم لجمالها، جمال المرأة يتحقق من خلال أن تكون مرتاحة وتكون غير مرهقة وغير متعبة لأن المرأة كما يقول الحديث هي ريحانة وليست قهرمانة. الإسلام لايخالف عمل المرأة ولكن الأعمال الثقيلة الشاقة هي في الحقيقة من إختصاص الرجل وليس ذلك إهانة للمرأة وإنما طبيعة المرأة أن تكون مرتاحة وغير مرهقة وليس لها أعمال مرهقة وأعمال مزعجة فالمرأة تكون قارة في بيتها لايعني إهانة لها فهناك بعض الأعمال يمكن أن تقوم بها فتستطيع أن تعمل، اذا لم يكن لها معيل او ليس لها زوج او كان لها زوج والراتب لايساعد. الإحترام المتبادل بين الزوجين أثره الأول أن تتحقق السعادة بين الزوجين.
أيها الإخوة والأخوات، من أهم أسباب السعادة في الحياة الزوجية المعاشرة بالمعروف وتبادل المحبة والإحترام وتقدير مشاعر المرأة وظروفها النفسية.
يقول تعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" (سورة النساء ۱۹)
قال الرواة وأهل السير والمحدثون عن أخلاق رسول الله – صلى الله عليه وآله – أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله ويلاطفهم ويوسعهم نفقته.
والقرآن يؤكد حسن العشرة والقول المعروف والكلمة الطيبة وحسن العشرة المراد منها حسن الصحبة وكف الأذى وتقدير وتكريم الزوجة، فلا يكرم الزوجات إلا كريم ولا يهينهن إلا لئيم.
وتؤكد النصوص الشريفة أن الحياة الزوجية ليست مجرد حب فحسب وإنما هي عبادة شاملة من خلال تنفيذ هذا العهد المقدس الذي فيه الخير الكثير، وتذكر الزوج بذلك الميثاق الغليظ الذي بينه وبين ربه لقوله تعالى: "وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً" (سورة النساء ۲۱) وقوله سبحانه: " فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً" (سورة النساء۱۹ ).
ومن آداب الحياة الزوجية التعاون على الطاعات وإقامة العبادات من الفرائض والنوافل.
يقول تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ". (سورة التحريم٦)
كما أن من آدابها العفو والصفح من الأخطاء عند وقوعها من أي من الزوجين والتنبيه لتلك الأخطاء بالكلام الطيب، فالكلام الحلو والنظرة الحانية والإبتسامة لها أثرها الكبير خاصة في نفسية المرأة.
يقول تعالى: "وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ" ونفسية المرأة كطاقة ريحان أو طاقة وردة رقيقة ناعمة.. وقد قال رسول الله _صلى الله عليه وآله_: "رفقا بالقوارير". وقال الإمام علي بن أبي طالب _عليه السلام_: "المرأة ريحانة وليست قهرمانة".
إن أهم نقطة يجب أن ينتبه إليها الزوج في حياته الزوجية أن يحاول تقدير مشاعر زوجته وإظهار الحب لها دائماً واحترامها وفي المناسبات العائلية تقديم الهدايا لها عرفانا لها وتقديرا لما تقدم به من إعباء الحياة الزوجية.
أحباءنا المستمعين.. وهنا نصل إلى نقطة محورية في البرنامج هي آثار العمل بالآداب الشرعية في أمر الزواج لتوفير الحياة الطيبة للأسرة المسلمة، هذا ما يحدثنا عنه مشكوراً ضيفنا الكريم في هذا اللقاء سماحة (الشيخ فاضل الدشتي الباحث الاسلامي من قم المقدسة).. نستمع معاً.
الدشتي: في الحقيقة هي تحقيق السعادة فإن السعادة لاتتحقق للإنسان إلا اذا عمل بالأحكام الشرعية وبالموارد التي يريدها الله والإبتعاد عما ينهاه الله فالطاعة والإحترام المتبادل بين الزوجين أثرها الأول هو تحقيق السعادة للزوجين والثاني لتربية الأولاد فإذا لم تراعى الحقوق الشرعية للزوج والزوجة سيكون هناك إختلال في العائلة وستكون حالة تشنج مما يؤدي الى امراض نفسية وأمراض عصبية وتكون حياة تعيسة للعائلة التي لاتلتزم بالأمور الشرعية للطرفين الزوج والزوجة.
نشكر سماحة الشيخ فاضل الدشتي ضيفنا الموقر في لقاء اليوم على ما تفضل به و ندعو له ولكم بالخير و الموفقية
نعم .. أحباءنا المستمعين.. إلى هنا وصلنا إلى نهاية حديثنا لبرنامج آداب شرعية لحياة طيبة على أمل اللقاء بكم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.