سلام من الله عليكم أيها الأحبة ورحمة الله وبركاته
معكم في لقاء آخر مع أصول الحياة الطيبة الكريمة الضامنة لسعادة الإنسان والمجتمع البشري في الدنيا والأخرة. حديثنا في هذا اللقاء أعزائنا هو عن أصل (التعاون على البر والتقوى). تابعونا على بركة الله.
روى السيد الجليل قطب الدين الراوندي في كتاب الدعوات قال: وكان أميرالمؤمنين –عليه السلام– يقول مكررا عند وفاته "وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ "(سورة المائدة ۲).
وهذا مستمعينا الأفاضل مقطع من الآية الثانية من سورة المائدة وقال جل ذكره في الآية التاسعة من سورة المجادلة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ". وجاء في كتاب (روضة المتقين) للشيخ الزاهد محمد تقي المجلسي قال: "روى الشيخ الطوسي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات وسلط بعضهم على بعض ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء".
مستمعينا الأفاضل، ومعني (البر) في الإصطلاح القرآني هو كل ما فيه صلاح الإنسان من حسن الإعتقاد والإيمان بالله عزوجل وصدق الطاعة له بالإتيان بالفرائض والإحسان إلى خلقه تبارك وتعالى بتقديم أنواع المعروف والإنعام إليهم، فهو التوسع في كل خير.
وعليه يكون المستفاد من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة هو أن هذا الأصل من أصول الحياة القرآنية الطيبة يدعو إلى التعاون بين أفراد المجتمع الإنساني في القيام بأعمال الخير المعنوية والمادية كإصلاح العقائد والإعانة على الطاعات ومساعدة المحرومين والفقراء والإلتزام بعرى التعامل الإجتماعي الطيب، وبذلك ينزل الله بركاته الوفيرة على المجتمع كافة، في حين أن التمرد على ذلك والتعاون على الإثم والعدوان يؤدي إلى فساد المجتمع وسلب هذه البركات، قال العلامة الطباطبائي في تفسير آية سورة المائدة: "يعود معنى التعاون على البر والتقوى إلى الإجتماع على الإيمان والعمل الصالح الذي هوأساس تقوى الله (أي مراقبة أوامره) وهو الصلاح والتقوى الإجتماعييان، ويقابله التعاون على الإثم الذي هو العمل السيء المستتبع للتأخر في أمور الحياة السعيدة وعلى العدوان على حقوق الناس الحقة بسلب الأمن من نفوسهم أو أعراضهم أو أموالهم...".
وفقنا الله وإياكم لحسن العمل بأصل التعاون على البر والتقوى من أصول الحياة القرآنية الطيبة، اللهم آمين. وها نحن نصل معا أيها الأحبة إلى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (حياة القرآن) استمعتم لها مشكورين من طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعايته سالمين.