سلام من الله عليكم أيها الاخوة والأخوات ورحمة منه تعالى وبركات، يسرنا أن نكون معكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج نستلهم فيها أصول الحياة الطيبة من آيات الذكر الحكيم.
وحديثنا في هذا اللقاء هو عن أصل شمولية العدل في حياة الإنسان المسلم على الصعيد الفردي والإجتماعي، تابعونا على بركة الله.
قال الله تبارك وتعالى في الآية الخامسة عشرة من سورة الشورى: " فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ"
وقال عز من قائل في الاية الثامنة من سورة المائدة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"
وقال جل ذكره في الآية الثانية والخمسين بعد المئة من سورة الأنعام: "وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ".
الواضح من هذه الآيات ونظائرها، مستمعينا الأفاضل، أن شمولية العدل في جميع الشؤون الحياتية هي من أصول الحياة الطيبة التي يدعو لها القرآن الكريم.
فالله تبارك وتعالى يدعو إلى أن يكون العدل بما يعنيه من إعطاء كل ذي حق حقه هو الحاكم على جميع سلوكيات الإنسان المؤمن يقدمه على مشاعره الشخصية، فلا ينقض أساس العدل حتى في تعامله مع أعدائه، أي أن عليه أن يعطي الحق لصاحبه ولو كان عدوه ويأخذ الحق من غاصبه ولو كان الغاصب قريباً له.
قال العلامة الطباطبائي في الجزء الثاني عشر من تفسير الميزان ما ملخصه: "العدل الإجتماعي هو أن يعامل كل فرد من أفراد المجتمع بما يستحقه ويوضع في موضعه الذي ينبغي أن يوضع فيه، وهذا أمر متوجه إلى الجميع، بمعنى أن الله سبحانه يأمر كل واحد من أفراد المجتمع أن يأتي بالعدل ولازمه أن يتعلق الأمر بالمجموع أيضاً فيكلف المجتمع إقامة حكم العدل وأن تتقلده الحكومة بما أنها تتولى أمر المجتمع وتدبره".
أعزائنا المستمعين، ومن خلال التدبر في الآيات الكريمة التي تلوناها في مطلع هذا اللقاء، نلاحظ أن بركات العمل بهذا الأصل من أصول الحياة القرآنية الطيبة، تشمل الفرد والمجمتع معاً، فهو يدفع عنهما سيئات إتباع الأهواء من جهة، ومن جهة ثانية يقربهم إلى التقوى وتقوية الإرتباط بالله عزوجل وفي ذلك الخير كل الخير لأنه يعني القرب من كل كمال وفضيلة.
أعاننا الله وإياكم على التزام عرى العدل والقسط في جميع سلوكياتنا ببركة التمسك بولاية محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
وبهذا ننهي لقاء اليوم من برنامجكم (حياة القرآن)، تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين.