أهلا بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج ومع أصل آخر من أصول الحياة الطيبة الكريمة التي دعا الله إليها لكي يبلغوا بها سعادة الدنيا والآخرة.
حديثنا في اللقاء عن مبدأ إقرار حاكمية العدل والإحسان تابعونا على بركة الله.
قال الله تبارك وتعالى في الآية الكريمة التسعين من سورة النحل: "إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ".
وقد روى السيد ابن طاووس (رضوان الله عليه) في كتاب (سعد السعود) عن الصحابي الجليل عثمان بن مظعون قال:
نزلت هذه الآية (يعني قوله عزوجل) إن الله يأمر بالعدل والإحسان، على النبي (صلى الله عليه وآله) وأنا عنده، فقد مررت عليه وهو بفناء بابه فجلست إليه، فبينا هو يحدثني إذ رأيت بصره شاخصاً إلى السماء حتى رأيت طرفه قد انقطع، كأنه ألهم شيئاً، ثم أقبل إلي محمر الوجه يفيض عرقاً، فقلت يا رسول الله ما رأيتك فعلت الذي فعلت اليوم ما حالك؟.. قال: ذلك جبرئيل لم يكن لي همة غيره، ثم تلا (صلى الله عليه وآله)، قال عثمان بن مظعون: فقمت من عند رسول الله معجباً بالذي رأيت فأتيت أبا طالب فقرأتهما عليه، أي آية (إن الله يأمر بالعدل) وما بعدها، فعجب أبو طالب وقال:
يا آل غالب (يعني قريشاً): إتبعوه (يعني محمداً صلى الله عليه وآله) ترشدوا وتفلحوا، فوالله ما يدعوا إلّا إلى مكارم الأخلاق.. ما يدعو إلّا إلى الخير.
إذن مستمعينا، فالواضح من النص المتقدم أن الأصل الذي تشتمل عليه الآية الكريمة هو الأساس الذي تقوم عليه الحياة الطيبة الكريمة المشتملة على الرشد والفلاح وكل الخير كما ورد في تعليق أبي طالب سلام الله عليه ودعوته لقريش لاتباع النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) بعد نزول هذه الآية.
والعلة واضحة، إذ أن منشأ معظم النزاعات البشرية هو الظلم والتجاوز على الحقوق، وإقامة العدل يزيل هذه العلة، فهو يعني إعطاء كل ذي حق حقه وفي ذلك يكون رشد المجتمع البشري وفلاحه وتمتعه بالحياة الآمنة.
قال العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان في بيانه لمضمون هذه الآية الكريمة ما ملخصه: "إبتدأ الله سبحانه بهذه الأحكام الثلاثة، أي العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، لأنها بالترتيب أهم ما يقوم به صلب المجتمع الإنساني لأن صلاح المجتمع العام أهم ما يبتغيه الإسلام في تعاليمه وسعادة الفرد مبنية على صلاح الظرف الإجتماعي الذي يعيش فيه وما أصعب أن يفلح فرد في مجتمع فاسد أحاط به الشقاء من كل جانب.. ".
إذن مستمعينا الأفاضل، يتضح أن إقرار العدل والإحسان يعني إصلاح المجتمع الإنساني وتهيئة الأجواء اللازمة لرقي الإنسان وبلوغه مراتب الكمال المقدر له وفقنا الله وإياكم لذلك.
شكراً لكم أحباءنا على طيب الإصغاء لحلقة اليوم من برنامجكم (حياة القرآن) قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، تقبل الله أعمالكم ودمتم بكل خير.