السلام عليكم أعزاءنا ورحمة الله وبركاته، معكم في هذه الدقائق ومع معالم الحياة الطيبة التي يدعونا لها كتاب الله المجيد.
أيها الأحبة، علمنا في حلقاتٍ سابقة أن القرآن الكريم يهدينا الى تقوى الله واتباع أوامره وسيلة للفوز بالفلاح والصلاح والحياة الطيبة وحسن التنعم بنعم الله عزوجل في الدنيا والآخرة.
وفي المقابل يحذرنا الله جل جلاله من أن الغرق في حب الدنيا والكفر والتمرد على الأوامر الإلهية التي جعل الله فيها صلاح الإنسان وخيره، سبب لخسران الدنيا والآخرة وليس الفوز بالدنيا وخسران الآخرة فقط.
قال الله عزوجل في الآية التاسعة والثلاثين من سورة فاطر"هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَاراً".
وقال تبارك وتعالى في الآيات الحادي عشر الى الثالث عشر من سورة الحج "...وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ{۱۱} يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ{۱۲} يَدْعُو لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ{۱۳}".
مستمعينا الأفاضل، إن العمل بالأوامر القرآنية يستجلب للإنسان الهداية الإلهية في جميع شؤونه فيصير من السعداء في الدنيا والآخرة، في حين أن التمرد على أوامر الله تبارك وتعالى يجلب له الخذلان الإلهي فيخسر الدنيا والآخرة. قال العلامة الطباطبائي في تفسيره الميزان مشيراً الى دلالات آيات من سورة الرعد:
...الآية تشهد على أن من الضلال والعمى ما يلحق الإنسان عقيب أعماله السيئة... غيرالضلال والعمى الذي في نفسه ومن نفسه، حيث يقول تعالى: "وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ"(سورة البقرة ۲٦).
فقد جعل إضلاله في تلو الفسق لا متقدماً عليه...ثم إن الهداية والإضلال كلمتان جامعتان لجميع أنواع الكرامة والخذلان التي ترد منه تعالى على عباده السعداء والأشقياء.
فإن الله تعالى وصف في كلامه المجيد حال السعداء من عباده بأنه يحييهم حياة طيبة، ويؤيدهم بروح الإيمان ويخرجهم من الظلمات الى النور ويجعل لهم نوراً يمشون به وهو وليهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون....
ووصف حال الأشقياء من عباده بأنه يضلهم "يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ"(سورة البقرة۲٥۷)... " {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ"(سورة يس۹).
إذن فالتمرد على الأوامر والقيم القرآنية يستبطن الشقاء للإنسان في الحياة الدنيا قبل الآخرة، فالله غني عن العباد ولم يأمرهم إلا بما فيه خيرهم في الدنيا والآخرة.
أنجانا الله وإياكم من الخسران المبين في الدنيا والآخرة ببركة توفيق العمل بوصايا ثقلي النجاة من الضلالة القرآن الكريم وعترة وحفظة سنة سيد المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين.
من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران ننهي أعزاءنا لقاء اليوم من برنامجكم (حياة القرآن) في أمان الله.