سلام من الله عليكم أيها الأكارم ورحمة منه وبركات.. أهلا بكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج نتعرف فيها –بعون الله- على أصل آخر من أصول الحياة الطيبة التي تضمن للإنسان السعادة في الدنيا والآخرة وتنجيه من الشقاء فيهما.
والأصل الذي نتناوله في هذه الدقائق هو أصل القيام بالعدل والقسط، تابعونا على بركة الله.
مستمعينا الأفاضل، أشار القرآن الكريم الى هذا الأصل في كثير من الآيات الكريمة، منها ما جاء في الآية الخامسة والعشرين من سورة الحديد، حيث بين الله تبارك وتعالى الهدف من بعث الرسل بقوله:
"لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ"(سورة الحديد۲٥).
وواضح من التدبر في الآية الكريمة أن قيام الناس بالقسط والعدل لا يتحقق إلا باتباع الرسالات الإلهية وإقرار ميزان العدل الإلهي هذا أولاً، وثانياً فإن حفظ العدل وإقامة حكمه يستلزم ردع الظالمين ومنع الظلم الإجتماعي بجميع أشكاله، وثالثا: إن تحقق ذلك يستلزم نصرة الله (أي إتباع كتابه) ونصرة رسله أي إتباع الإمام الحق المنصوب من قبله، تبارك وتعالى، مباشرة أو بواسطة أنبيائه.
أعزائنا المستمعين، وتصرح الآيات الكريمة أيضاً بأن الإمام الحق المنصوب من الله عزوجل يشترط فيه أن يكون منزهاً عن الظلم بالكامل، سواء كان الظلم العقائدي، كالشرك وهو الظلم العظيم، أو كان الظلم السلوكي بتجاوز حدود الله عزوجل أو ارتكاب معصية، وكل ذلك من مصاديق الظلم كما نبهت لذلك كثير من الآيات الكريمة.
قال الله تبارك وتعالى في الآية الرابعة والعشرين بعد المائة من سورة البقرة: "وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ"(سورة البقرة۱۲٤).
وقد روي من طريق الفريقين كأمالي الطوسي وكتاب المناقب لإبن المغازلي من علماء السنة عن عبد الله بن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وآله) أن الله عزوجل قال لإبراهيم (عليه السلام): من سجد لصنم دوني لا أجعله إماماً، ثم قال (صلى الله عليه وآله): فانتهت الدعوة إلي وإلى أخي علي لم يسجد أحدنا لصنم قط.
وأخيراً ننقل لكم قول أميرالمؤمنين (عليه السلام): "عجبت لمن يظلم نفسه كيف ينصف غيره؟!" وقال: "من ظلم نفسه كان لغيره أظلم".
إذاً فقيام الناس بالعدل والقسط، وهو من أصول الحياة الطيبة لا يتحقق إلا بالتمسك بإمامة الإمام الحق المعصوم المنصوب من الله تبارك وتعالى، ومصداقها بعد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أوصياؤه وخلفاؤه الإثنا عشر بدءً من أخيه المرتضى إلى سليله المهدي المنتظر صلوات الله عليهم أجمعين.
وبهذا ينتهي أعزاءنا لقاء اليوم من برنامج (حياة القرآن) إستمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران... في أمان الله.