السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله وبركاته، أطيب تحية نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج، إخترنا لكم فيها قصة إهتداء فيلسوف كان جاذبه الأول للإسلام الصلاة ومناسكه الدينية ثم أصالة هدف تحقيق العدالة فيه وأخيراً تحقيقه لطموحات الإنسان في الدنيا الأخرى.
إنه الفيلسوف والشاعر الألماني البروفسور (بيتر شوت) المولود في ألمانيا سنة ۱۹۳۹ ميلادية، والحاصل على شهادة دكتوراه في الفلسفة سنة ۱۹٦۸، وننقل لكم أيها الأكارم مختصر قصته مختصرةً من ترجمة مقالة كتبها بقلمه بعد إسلامه وإختياره مذهب أهل البيت – عليهم السلام – سنة ۱۹۹۱ ونشرها في صحيفة (دي فالت) الألمانية بتأريخ ۱۰/۹/۱۹۹۱، إضافة إلى حوار أجري معه بعد أدائه لمناسك الحج سنة ۱۹۹٦ ترجمة الأخ السيد زكي الياسري ونشرته عدة من المواقع الإلكترونية الإسلامية، تابعونا على بركة الله.
أيها الإخوة والأخوات، يشير البروفسور الألماني بيتر شوت إلى أثر جمال وروحانية العبادات الإسلامية في جذبه للإسلام منذ بداية حياته حيث يقول ما ترجمته:
(بدأ إعجابي بالدين الإسلامي في مرحلة الطفولة والشباب أنا لم أولد مسلماً ولم أتعرف على الدين الإسلامي بشكل طارئ، أمضيت أكثر من نصف حياتي في البحث عن الدين الحقيقي، لم أستبدل ديني طوال حياتي سوى مرة واحدة وكان ذلك في سن التاسعة عشرة حيث هربت من ضيق الرؤية اللوثرية المسيحية الحاكمة في البيت واعتنقت الكاثوليكية، وبعد ۳۰ عاماً أعلنت إعتناقي الدين الإسلامي.
كنت ومنذ الطفولة معجباً بالدين الإسلامي وفي السنوات الأولى التي أعقبت الحرب، كانت منطقتنا محتلة من قبل القوات البريطانية ستة من الجنود الهنود المسلمين الذين يرتدون العمائم كانوا موفدين من قبل تلك القوات إلى قريتنا، أسكنوهم في مطعم القرية وكانوا يتقربون منا بشتى الطرق منها إنهم كانوا يوزعون علينا التمر والتين ويدعوننا للمشاركة في مجالسهم الدينية، ولهذا إنطبعت تلك المراسم العبادية في ذهني وتركت أثرها البالغ في نفسي.
"كارستن نيبور" والذي سماه "كوتة" "أول حاج ألماني" سافر قبل ۲۰۰ عام إلى الدول الإسلامية، وكان أول شخص ألماني بين بدقة معالم الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة وكانت بعض هذه التقارير سبباً في إرواء تعطشي والإجابة على الأسئلة التي كانت تدور في خاطري وأول باعث لإتجاهي نحو البحث عن الحقيقة).
وهنا نلتقي – مستمعينا الأفاضل – بالدرس الأول الذي نستلهمه من قصة إنجذاب هذا الفيلسوف الألماني إلى الإسلام، وهو أثر الإظهار المخلص في نية القربى لرحمة الإسلام بالناس في جذب القلوب إليه وذلك من خلال حسن التعامل مع الآخرين، وهذا أحد مصاديق العمل بوصية الإمام الصادق الشهيرة حيث قال عليه السلام: (كونوا لنا دعاةً بغير ألسنتكم).
وهذا العامل هو الذي جعل البروفسور (بيتر شوت) يتوجه بلهفة لدراسة الإسلام وتعاليمه واكتشاف أصالة العقلانية فيه ويسعى لتحرير الإنسان، يقول هذا الأخ الألماني:
(كنت أيضاً في فترة الدراسة الجامعية على إتصال مع الإسلام، كتبت أطروحة الدكتوراه دراسة حول تمثيليات زمن "باروك" لمؤلفه "آندرة إس كريفوس" وإحدى هذه التمثيليات هي "كاترينا الكرجستانية" التي لها صلة بإصفهان وفي تلك التمثيلية شخصية شاه عباس الصفوي في مقابل كاترينا ويسعى وبشتى الحيل لضمها إلى جواريه في القصر، وكانت آثار كريفيوس ذريعة لإتجاهي نحو الفن والثقافة الشرقية الإسلامية.
إنتفعت كثيراً وارتقى مستوى وعيي واستنارت بصيرتي خلال سكني في القسم الداخلي الدولي لجامعة هامبورغ، عشت أربع سنوات بجوار الطلبة الإيرانيين والمصريين والنيجريين في القسم الداخلي، كنا نتحاور دائماً ولم يقتصر بحثنا على المسائل الإعتقادية فحسب، كما كنا نتحاور بصورة منظمة مع المسيحيين واليهود والمسلمين حول النطاق الديني في مكتبة القسم الداخلي، كنت أظن حينها بأن الإسلام نظرية لتحرير الإنسان في العالم الثالث).
وهنا مستمعينا الأفاضل، نلمح أثر التعاليم الإسلامية في بعث روح تحرير الإنسان والدفاع عن المستضعفين في جذب القلوب إليه، وهذا ما ينبغي إظهاره للآخرين من خلال بيان تعاليم الإسلام النهضوية وسيرة زعمائه الصادقين في تحرير الإنسان وحفظ كرامته وتحقيق جميع تطلعاته الروحية وتحقيق العدالة ليس في هذه الدنيا بل في الحياة الأخرى أيضاً، وهذا العامل الأساس الذي أنقذه البروفسور والفيلسوف الألماني (بيتر شوت) من الإلحاد الشيوعي الذي إنتمى إليه لسنين طويلة؛ يقول هذا الأخ ما ترجمته:
(لقد سرت في طريق طويل إلى أن وصلت إلى ما أنا عليه الآن، آنذاك لم ألاحظ إختلافاً في النظريتين الشيوعية أو الإسلامية، عاطفياً كنت أعتبر نفسي منتمياً إلى العالم الثالث وأنا كنت منسجماً مع الإسلام في حيثية تحرير المستضعفين، لذلك منذ ذلك الحين فأنا من الناحية السياسية مسلم الأفكار، في ذلك الوقت لم أكن أحس بوجود فرق بين الإسلام والشيوعية، بعد أن كنت أعتقد جهلاً أن الإسلام والشيوعية متشابهان، لأن النظريتين تدعوان إلى التحرر والعدالة، إكتشفت أن الإسلام يدعوا إلى العدالة في هذا العالم وفي عالم ما بعد الموت؛ في حين أن الشيوعيين كانوا يرومون العدالة فقط في هذا العالم ويعادون الدين بشكل تام، وكان من أكبر أخطائي أنني إتبعت ذلك الخط الإلحادي الذي لم أقع فيه وحدي فحسب بل الكثير ممن كبروا في تلك الحقبة الزمنية في العالم أجمع وليس في ألمانيا فحسب، في تركيا والكثير من البلدان الإسلامية كان تأثير الفكر الشيوعي واضحاً عليهم).
مستمعينا الأفاضل، لنا عودة – بتوفيق الله – إلى قصة الفيلسوف الألماني البروفسور (بيتر شوت) في حلقة مقبلة من برنامجكم (أسلمت لله).
لكم دوماً، أيها الأكارم، من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران خالص الدعوات بدوام الموفقية ودمتم بألف خير.