السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله وبركاته...
لكم منا أطيب تحية نستهل بها لقاء اليوم من هذا البرنامج نخصصه لقصة إهتداء أخت أميركية كانت عصمة وطهارة أهل بيت النبوة المحمدية سبب إعتناقها للإسلام فيما كانت مودتهم – عليهم السلام – العامل الأساس للثبات على الدين الحق؛ تابعونا مشكورين.
أيها الإخوة والأخوات، نشرت عدة من المواقع الإسلامية الترجمة العربية لقصة إهتداء الأخت (جيني فير) وهي من مواليد أميركا سنة ۱۹۷۷ ميلادية، وقد إعتنقت الإسلام سنة ۱۹۹٥ وإختارت من مذاهبه إتباع مذهب أهل البيت – عليهم السلام – لشديد تأثرها بالطهارة المعنوية والعصمة التي تجلت فيهم، كتبت الأخت جيني فير التي أصبح إسمها فيما بعد (فاطمة جينفر) في مطلع قصتها تقول:
(ولدت في بلدة باتيس جنوب أميركا، لا وجود فيها لأعراق ولا قبائل مختلفة، لم يعيش فيها غير الأميركيين البيض البلدة، ذات بنية مسيحية محكمة، لقد عشت في الجنوب في قلب المسيحية وكانت لدي عائلة سقيمة، فقد كان أبي مدمناً على الكحول والمخدرات، وكان كثيراً ما يؤذيني ويؤذي والدتي، كنت في الثامنة من العمر حين افترق أبي وأمي فذهبت للعيش مع جدتي؛ وفي بحبوحة هذه الإضطرابات العائلية التي عصفت بنا كسرت إبنة عمي الحواجز العرفية إذ تزوجت برجل عربي مسلم، كنت أذهب إلى بيتها أواخر الأسبوع وذلك في العطلة الصيفية، فكنت أرى زوجها يصلي ويتلو القرآن، أعماله وعباداته هذه أثارت فضولي فكنت أستفسر منه عن أمور كثيرة ولكي أحصل على إجابات شافية كنت أراجع بها جدي وجدتي وحتى رهبان الكنيسة؛ وفي الكنيسة لم يكن من المسموح لنا أن نستفسر عن الأمور المتعلقة "بالإيمان" فقد كان هذا من خصوصيات الكنيسة التي كنت أرتادها وكنتيجة على أسئلتني واستفساراتي المكررة فقد طردت من مدرسة يوم الأحد وذلك بسبب سؤال بسيط كنت قد طرحته وهو هل أن عيسى المسيح هو حقيقة إبن الله؟
فلم يكن للكنيسة تصرفاً طيباً مع الشباب بسبب هذا السؤال وما شاكله، ومع مرور الزمان فقد ترددت على كنائس متعددة لفرق مختلفة وكانت كل كنيسة تدعي أنها هي الوحيدة التي على حق وأن الحق معها وأما البقية فهي على باطل وضلال ومصيرها إلى النار.. سألت نفسي: كيف يمكن لي الإطمئنان أن هؤلاء هم وحدهم يعرفون الحق والحقيقة؟
هذا في وقت يكتنف ثقافتهم الخطأ والشبهة؟ فصممت أن أخوض بنفسي غمار البحث عن الحقيقة، فقررت أن أجعل المطالعة وسيلتي للبحث عن الله تعالى).
أيها الإخوة والأخوات، وبدأت رحلة الأخت (جيني فير) لمعرفة الدين الحق من خلال البحث، ولم تكن البداية من الإسلام ولذلك كان تعرفها على الإسلام فيما بعد قائم في الواقع على أساس دراسة مقارنة إتضح لها فيها تمايزه في كماله عن سائر الأديان؛ تقول هذه الأخت الأميركية ما ترجمته:
(لقد إطلعت في رحلتي العلمية هذه على كثير من الأديان والمذاهب والمعتقدات بدأ بالهندوسية وختاماً بالمسيحية ولكني لم أوفق للإطلاع على الفكر الإسلامي وذلك لقلة الكتب والمصادر التي تتحدث عنه ولبعدها عن متناول اليد، كل هذا حصل قبل إتمامي سن الخامسة عشر، وفي سن السادسة عشر تعرضت إلى صدمة نفسية قاسية أرهقتني وشلت حركتي، وقد أصابتني من جرائها كآبة شديدة وازداد قلق جدتي علي لما رأت الإنكسار باد علي وعندما لاحظت عزلتي والإنطواء على نفسي طلبت من أمي العودة إلى البيت لتهتم بي قبل أن أفعل بنفسي ما لا تحمد عقباه وكان كما خافت منه جدتي، فبعد شهرين من ترك أمي لي قررت أن أنتحر فتناولت وبإفراط أربعة أنواع مختلفة من الأقراص لأنهي بذلك حياتي).
وشاء الله عزوجل أن ينقذ حياة هذه الأخت الباحثة عن الحقيقة لكي يفتح أمامها آفاق الوصول إلى الحق الذي تطلبه، بل ويستفاد من حديثها أن تجربة الإنتحار القاسية وإنقاذ الله لها منها قد أوقدت في قلبها روحاً جديدة في البحث عن ربها الذي تعشقه بفطرتها؛ تقول حفظها الله:
(نقلت إلى المستشفى وتلقيت فيها العلاج وبعد أن أنهيت فترة نقاهتي ذهبت إلى بيت والدتي، ومن ثم شرعت ثانية في رحلة البحث عن الحقيقة وعن الأمر الذي فيه إطمئنان النفس واستقرارها فقد كنت أبحث عن الله في كل وقت ومكان وفي طول هذه المدة لم يعتريني الشك به مطلقاً فكنت على يقين من أن هناك إله واحد، وإلا فلم أكن قادرة على النجاة وعلى الرشد وأنا في سن السابعة عشر تعرفت على زميل لي وهو عراقي مسلم وكنت أستغل وقت عملنا في أثناء الخفر الليلي لأستفسر منه عن أمور عدة وكان يجيبني عليها واحدة تلو الأخرى، بعد تعرفي عليه بأربعة أشهر تزوجنا وعلى خلاف ما يقال من أن المرأة بعد زواجها تدين بدين زوجها فإنه لم يطلب مني مطلقاً أن أغير ديني؛ لقد كنت كثيرة المطالعة للكتب ولذا لم يكن إعتناقي للإسلام وليد موقف آني ولم تكن هداية مفاجئة طرأت على حياتي ولم أصبح مسلمة بقرائة كتاب واحد أو لكلام أسمعه من إنسان ما عن الإسلام.
وهنا نلمح أيها الإخوة والأخوات، قوة التمايز بين من يؤمن بالدين الحق كثمرة للبحث والتحقيق وبين من ينتمي إليه بالوراثة دون أن يدخل الإيمان قلبه، فتظهر على سلوكياته الإلتزام به وهذا ما نلمسه في سلوكيات الأخت فاطمة جنيفر وسلوكيات زوجها، تحدثنا عن بعض مصاديق ذلك حيث تقول ما ترجمته: (بعد ستة أشهر من زواجي أدركت أنني قد نطقت بالشهادتين يوم زفافي ثم بعد أن عرفت ذلك نطقتها مدركة لها ولما تنطوي عليه هاتين الجملتين من المعاني، حينها اتضحت أمامي معالم الطريق الذي كنت أخطوه بالنسبة إلى زواجي فلم يكن موفقاً وكان الإختلاف في حياتي الزوجية عن حياتي قبل الزواج هو أن زوجي لم يكن خماراً؛ عندما بلغت التاسعة عشر كنت أماً لطفلين، كنت قلقة عليهما وعلى مستقبلهما وعلى ما سيؤول إليه أمرهما ولقد كانا السبب وراء تمسكي بزوجي وحياتي الزوجية ولم يكن البعد عنهما هو حافزي لتمسكي بذلك بل كنت أحذر وأخاف عليهما من الضياع والإنحراف إن بقيا مع أبيهما من دون أن يرشدهما ويعلمهما الدين وأحكامه ومبادئه، فقد كنت مواظبة وملتزمة بفرائض ديني على خلاف أبيهما ولم أرد أن أكون لجانبهما لكي أجبرهما على اتباع ما اتبعته أنا أو أن ألزمهما بالإعتقاد بما أعتقدته بل لأقدم لهم النصيحة والمشورة والمثال الصحيح والفكرة الصائبة التي توضح وتبين لهما طريق الهداية عن سواه).
ثم جاء المحك والإختبار الإلهي للثبات على الدين الحق والذي به نجحت هذه الأخت الأميركية، كتبت حفظها الله في المقطع الختامي من قصتها ما ترجمته:
(في ۱۱/أيلول (سبتمبر) حصل ما لم يكن بالحسبان، فقد شكل ذلك اليوم منعطفاً خطيراً في حياتي حيث جاء زوجي إلى البيت وطلب مني خلع حجابي وهددني بأنه سيهجرني إن لم ألبي طلبه هذا؛ وبالفعل فقد هجرني حيث لم أتنازل له في طلبه هذا، فقال لي بأنني حمقاء حيث أرتدي الحجاب في دولة كأميركا، فقدت في ذلك اليوم زوجي وعملي وعائلتي الصغيرة التي كانت مؤنسي الوحيدة، ولكني حصلت على شيء واحد فقط وهو مهم جداً وهو إني لم أصبح مسلمة لأرضي شعور الناس بل أصبحت مسلمة لأن الإسلام هو الطريق الوحيد المؤدي للحقيقة، وبعد ذلك اليوم لم أعد أنظر إلى الوراء فكنت مستمرة على المطالعة يوماً بعد آخر وكنت أغرس المفاهيم والمثل الإسلامية في أذهان أطفالي رويداً رويداً وذلك بعد أن علمتهم كيف يكونوا أحراراً في أفكارهم ومتبنياتهم وعلمتهم أن لا يكون إتباعهم لي ولأقوالي فقط من دون بصيرة، لأني أمهم فعليهم إتباع الفكرة بعقل حر ورؤية واضحة لا بعمي وجهالة، هكذا كما علمني الإسلام، فقد كان هذا بلسماً لجراحي وتسلية لفؤادي إذ أن خلفيات حياتي في المسيحية تختلف إختلافاً كبيراً مع ما هي عليه في الإسلام، حيث كانوا يعلموننا في المسيحية أن نؤمن فقط مما يلقنوننا إياه حيث كان يصعد عدة من الرجال على المنصة ليلقوا علينا قليلاً من الترانيم، أما في الإسلام فعلمونا كيف نكون قبل الإعتقاد بفكرة ما، علينا أولاً أن نحقق ونتحقق ونطالع وندرس، فالإسلام دين الحقيقة وهو الدين الحقيقي هذا هو إيماني الراسخ.
لقد خضت صراعاً مريراً في حياتي وفقدت الكثير الكثير من هذه الدنيا، أما الشيء الوحيد الذي لم يستطع أحد أن يسلبني إياه فهو إيماني الوثيق بالله سبحانه وتعالى، وحبي الراسخ للرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته المعصومين الطاهرين (عليهم السلام) وكل شيء غير هذا فهو زائد يمكن الإستغناء عنه).
وبهذا ننهي أيها الأحبة إستعراضنا لقصة إعتناق الأخت الأميركية (فاطمة جنيفر) للإسلام وذلك في حلقة اليوم من برنامج (أسلمت لله).. قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم وفي أمان الله.