في السنوات الأخيرة، كان من أهم التطورات في مجال الطب هو التحول من مجرد بقاء المريض على قيد الحياة إلى "حياة صحية وعالية الجودة".
ويكتسب هذا النهج أهمية مضاعفة، لا سيما بين مرضى السرطان. وفي هذا الصدد، برز في العالم فرع جديد يُسمى طب القلب والأورام (Cardio-Oncology)؛ وهو علم متعدد التخصصات يدرس ويدير آثار علاجات السرطان على القلب والأوعية الدموية.
قالت "آذين علي زادة أصل"، عضو هيئة التدريس في معهد شهيد رجائي لأمراض القلب والأوعية الدموية وزمالة صدى القلب وأحد رواد إطلاق هذا فرع في إيران، عن مسار التكوين والوضع الحالي لهذا العلم في البلاد:
"إن طب الأورام القلبية هو مجال مشترك بين أمراض القلب والأورام. وقد أشعلت شراراته الأولى في العالم في عام 2013م، وفيما يخص إيران، وتمشيا مع التطورات العالمية، أنشأنا أول عيادة متخصصة لها في عام 2015 في مستشفى شهيد رجائي لأمراض القلب والأوعية الدموية. بعد ذلك، أنشأنا مركز أبحاث الأورام القلبية، وهو أول مركز من نوعه في غرب آسيا وآسيا.
وصرحت علي زادة، التي أكملت زمالتها في مراكز مرموقة مثل تورنتو العامة وأندرسون وميثوديست في الولايات المتحدة، قائلة:
"هذا فرع نشط الآن بكامل طاقته في إيران بثلاث شعب يشمل "العلاج، التعليم والبحث. وقد تم إنشاء زمالة رسمية لطب الأورام القلبية، وحتى الآن تم تدريب أكثر من 37 طبيبًا أو يدرسون في هذا المجال.
ولحسن الحظ، أنشأ العديد من هؤلاء الخريجين عيادات متخصصة في طب القلب والأورام في الجامعات والمراكز الطبية في جميع أنحاء البلاد".
ما أهمية طب القلب والأورام؟
وفقًا لهذه الأستاذة الجامعية، يمكن لأدوية وعلاجات السرطان - الكلاسيكية والحديثة - أن تُحدث تأثيرات كبيرة على الجهاز القلبي الوعائي. لذلك، تُعدّ مراقبة قلوب المرضى منذ المراحل المبكرة من التشخيص وحتى سنوات بعد انتهاء العلاج أمرًا بالغ الأهمية.
هدفنا هو الوقاية من تلف القلب، الكشف المبكر عن المضاعفات، ومعالجتها على الفور. وحتى في حالات السرطان المتقدمة، تُعد اضطرابات القلب، أحد الأسباب الرئيسية لوفيات المرضى. لذلك، فإن رعاية القلب، إلى جانب علاج السرطان، لا تُحسّن جودة حياة المرضى فحسب، بل تزيد أيضًا من فرص بقائهم على قيد الحياة.
التقدم الإيراني في العلاجات غير الجراحية والغازية
وأضافت علي زادة، مشيرة إلى التقدم الكبير في علاجات القلب:
"لحسن الحظ، تتوفر العديد من الطرق غير الجراحية والغازية وشبه الجراحية لمرضى السرطان في إيران. واليوم، باستخدام تقنيات مثل تصوير الأوعية الدموية عن طريق الجلد أو تدخلات مختبر السطرة، يُمكن علاج العديد من مشاكل القلب دون الحاجة إلى جراحة مفتوحة. وهذا أمرٌ بالغ الأهمية لمرضى السرطان الذين لا يستطيعون تحمّل العمليات الجراحية الكبرى.
التحديات ومستقبل هذا الفرع في إيران
ردا على سؤال حول التحديات القائمة، قالت الدكتورة علي زادة:
"فيما يتعلق بالموارد البشرية، ولحسن الحظ، استقطب هذا الفرع العديد من الأطباء الشباب والمهتمين. ويتمثل التحدي الرئيسي لدينا في تطوير مرافق متخصصة وإنشاء بنية تحتية مناسبة في جميع مراكز البلاد. وبطبيعة الحال، فإن دعم أساتذة بارزين في أمراض القلب والأورام وتعاون وزارة الصحة قد جعل هذا المسار يتقدم بوتيرة جيدة".
كما أعلنت علي زادة عن إنشاء فرع طب الأطفال في هذا المجال، قائلة:
"نعمل حاليًا على إنشاء فرع طب القلب والأورام عند الأطفال بالتعاون مع أطباء القلب والأورام للأطفال. ويحتاج الأطفال المصابون بالسرطان، مثل كبار السن، إلى رعاية قلبية دقيقة لتجنب مضاعفات قلبية متأخرة بعد التعافي من السرطان".
رسالة لمرضى السرطان
وأخيرًا، أكدت علي زادة على ضرورة اهتمام المرضى بصحة القلب، قائلة:
"رسالتي لمرضى السرطان هي أن يعلموا أن القلب أيضا يحتاج إلى عناية خاصة. اليوم، يمكننا مساعدة المرضى على مواصلة علاج السرطان بأمان أكبر، دون الحاجة إلى التوقف عن تناول الأدوية ودون القلق من مضاعفات القلب؛ ليس فقط ليتمكنوا من البقاء على قيد الحياة، بل ليعيشوا حياة صحية وعالية الجودة."