وُلد الشيخ صفي الدين أردبيلي بين سنتي 631 و713 هجري شمسي، الموافق 650 – 735 هجري قمري، وهو جد الأسرة الصفوية العظمى من السادة الأصليين في أردبيل، وجيل ثامن من نسل فيروز شاه زرينكلاه. وكان والده وأجداده يعملون في الزراعة، ولغته الأم التركية، وقد كتب أشعارًا بهذه اللغة في كتابي صفوة الصفا وسلسلة النسب.
تأثر الشيخ صفي بالدعوة الصوفية للشيخ زاهد الجيلاني، وتزوج ابنته فاطمة خاتون، وأسّس خانقاه الصفوي في أردبيل، والتي كانت ملاذًا للفقراء والمحتاجين، وجمعت حولها العديد من الأتباع والمتصوفين.
وقد حقق الصفويون إنجازين بارزين في تاريخ إيران: تأسيس حكم شيعي مستقل، وتعزيز الوحدة الوطنية على أساس الدين والشريعة. وتوفي الشيخ صفي الدين أردبيلي يوم الاثنين 12 محرم 735 هـ عن عمر 85 عامًا، ودُفن بالقرب من خانقاهه.
يشير خبراء الفن والعمارة إلى أن الضريح نموذج نادر للعمارة الإسلامية في العصور الوسطى، وقد اكتمل وتطوّر خلال فترة الصفويين، مع إضافة مبانٍ متعددة ومكتبة قيّمة وسجاد نفيس. وكان الموقع في الأصل قبل حوالي 700 عام حديقةً كبيرة تُسمى "إسفريس"، استخدمها الشيخ لتعليم وتوجيه تلاميذه، وبعد وفاته بنى ابنه صدر الدين موسى برج ضريح "الله الله" على مكان دفنه.
خلال فترة حكم الصفويين، أُضيفت أجزاء جديدة للمجمع، ليشمل قبور نساء وأبناء وأحفاد الصفويين وعددًا من الشخصيات البارزة، بما فيها شاه إسماعيل، ليصبح مجمعًا آراميًا متكاملًا. ويضم المبنى منشآت من الفترة بين 735 – 1038 هـ، مزينة بزخارف معمارية، فسيفساء، نقوش خشبية، رسوم جدارية، أبواب فضية وقاعات مثل "چينيخانه"، تعكس روعة العمارة الدينية من العصر الإيلخاني حتى الصفوي.

ويتكوّن المجمع من مدخل رئيسي، فناء كبير، رواق وسطى، چلهخانه جديد، الصحن الداخلي، جنّتسرا، دار الحديث، واجهة القنديل خانه، چينيخانه، ضريح شاه إسماعيل، قبة "الله الله"، الحرم والخزانة، مع كل جزء يحمل خصائصه الفنية الفريدة.

ويُزدان ضريح شاه إسماعيل بالزخارف والنقوش الدقيقة، وصندوق قبره من أفخر أنواع الخاتم، وتزين القبة الداخلية رسومات رائعة من تلك الحقبة. ويقع القبر في الغرفة الشرقية للمجمع، بمساحة 2.5 × 3.5 متر، مزينة ببلاط أزرق فاخر مع نقوش مذهبة، كما تحتوي الجدران على كتابات قرآنية وأدعية وأحاديث نبوية، مما يمنحه قيمة فنية وروحية عالية، وتدعو النصوص إلى عبادة الله الواحد وطاعة رسوله.

واكتسبت هذه الكتابات عبر الزمن أهمية فنية كبيرة، وتبرز التنوع الواسع للخطوط والزخارف في العمارة الصفوية، مستمدة من القرآن الكريم وأحاديث النبي (ص) وأقوال الإمام علي (ع).
وأشار علي نيكزاد، نائب رئيس البرلمان الإيراني، إلى أهمية الحفاظ على هذا التراث العالمي، وأعلن تخصيص ميزانية قدرها 1,500 مليون ريال لدعم الدراسات والنشر حول هذا الصرح التاريخي والقيم العلمية والأدبية المتعلقة به.
وتعدّ مدينة أردبيل التاريخية والثقافية، مركز محافظة أردبيل شمال إيران، حاضنةً للعديد من المواقع التاريخية والطبيعية والاقتصادية والدينية.