إن الخليج الفارسي، ذلك الاسم الذي يلمع كالتاج على رأس التاريخ الإيراني، هو أكثر من مجرد مساحة من المياه؛ إنها مرآة تعكس الهوية، الحضارة والاعتزاز الفارسي.
ومن شواطئ "هرمزغان" إلى سهول "فارس"، ومن جبال "زاغروس" إلى صحراء "لوت"، ينبض هذا الاسم في قلب كل إيراني.
لكن أصحاب النوايا السيئة وأعداء الجمهورية الإسلامية الإيرانية استهدفوا هذه الهوية. يقال إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ينوي تغيير اسم الخليج الفارسي إلى اسم مزيف خلال رحلة إلى غرب آسيا، وهو الادعاء الذي لا يسخر من التاريخ فحسب، بل أثار غضب الشعب الإيراني أيضًا.
هل يستطيع ادعاء شخص مثل ترامب أن يتحدى هذا الفخر الوطني فيما يخص تغيير اسم الخليج الفارسي، حيث تتحكم حتى الأجهزة اللاسلكية العسكرية باللغة الفارسية؟.
جذور الخليج الفارسي: اسم خلّد الحضارة الفارسية
لقد كان الخليج الفارسي، منذ عهد الأخمينيين وحتى وثائق العالم الحديثة، رمزا للحضارة الفارسية. وفي نقوش "داريوش" الكبير، كان يُطلق على هذا البحر اسم "البحر الفارسي"، وهو اسم له جذوره في مجد الإمبراطورية الإيرانية.
أطلق الجغرافيون القدماء، من "سترابو" إلى "بطليموس"، عليها اسم "سينوس برسيكوس".
وفي العصور الوسطى، أثبتت الخرائط الإسلامية والأوروبية هذا الاسم.

واليوم، تعتبر الأمم المتحدة أن "الخليج الفارسي" هو الاسم الوحيد الصحيح في وثائقها الرسمية، وهو اسم ليس مجرد عنوان جغرافي، بل هو أيضاً جزء من الهوية الوطنية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وبالنسبة للإيرانيين، فإنه يعتبر "الخليج الفارسي" هو أكثر من مجرد مكان؛ إنه قصة مقاومة، ثقافة وارتباط بالتاريخ.
من "بندرعباس" إلى "بوشهر"، ومن "طهران" إلى "تبريز"، لا يزال هذا الاسم موجودًا في قصائد الناس، أناشيدهم ورواياتهم.
إن "الخليج الفارسي" ليس مجرد بحر؛ إنه دماؤنا، إنه فخرنا، وهذا الشعور شائع في كل أنحاء إيران، من كل عرق ودين، وكأن كل موجة من هذا البحر تحمل صرخة فارسية إلى آذان العالم.
ادعاء ترامب الكاذب هو إهانة لهوية الأمة
أثارت شائعة قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب تغيير اسم الخليج الفارسي، غضبا واسعا في صفوف الأمة الإيرانية. ويأتي هذا الادعاء، الذي يقال إنه سيعلن عنه خلال زيارته المقبلة إلى المملكة العربية السعودية، تكون له جذور في إطار التنافس السياسي.
إن ترامب الذي سبق أن تعرض للسخرية الدولية بسبب تغيير اسم "خليج المكسيك" إلى "خليج أميركا"، استهدف هذه المرة هوية أمة ذات تاريخ مجيد وثقافة أصيلة.
ويرى المحللون أن هذه الخطوة تهدف إلى حشد الدعم من بعض الدول العربية والضغط على إيران، لكن الشعب الإيراني الذي حمل هذا الاسم منذ قرون لن تبقى صامتة في وجه هذه الإهانة.
الخليج الفارسي.. بحر يأمر بالفارسية
حدثت في مياه الخليج الفارسي، حيث تهمس الأمواج باسم بلاد فارس، قصة رفعت كبرياء كل إيراني إلى عنان السماء، ونقترح على ترامب مراجعتها مراراً وتكراراً.
في مواجهة بحرية، أجبر ضابط بحري إيراني السفن الأميركية على التحدث باللغة الفارسية على أجهزة اللاسلكية الخاصة بها. ومن بين صدى الأمواج، ارتفع صوت الضابط الإيراني من اللاسلكي:
"هذا هو الخليج الفارسي. يجب أن تتحدث الفارسية".
ولم يكن للأجانب، أمام سلطة هذا البحر وإرادة الشعب الإيراني، خيار سوى الاستسلام. ولم تكن هذه اللحظة انتصاراً عسكرياً فحسب، بل كانت أيضاً رمزاً لهوية الخليج الفارسي. بحر يحترمه حتى القوى العظمى.
الخليج الفارسي.. الخط الأحمر للشعب الإيراني
إن الخليج الفارسي هو خط أحمر بالنسبة للإيرانيين من كل عرق ولغة. ليس فقط على الساحل الجنوبي، بل هو موجود في قلوب كل إيراني، من الأكراد واللور إلى الأتراك والبلوش.
وكما قال "جيسون برودسكي"، المحلل المتخصص في الشؤون الإيرانية:
"إن الخليج الفارسي هو قضية توحد الإيرانيين في نقطة واحدة".
وتتجلى هذه الوحدة أيضاً في ردود الفعل الرسمية، حيث وصف مسؤولو الجمهورية الإسلامية الإيرانية هذا الإجراء بأنه "إهانة للهوية الوطنية"، وحذروا من أن الخليج الفارسي هو اسم لا يمكن لأي سياسة أن تمحوه. وأكدت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة أيضا:
"لا يمكن إعادة كتابة التاريخ بقرارات من البيت الأبيض".
تمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي باحتجاجات الإيرانيين من كل التوجهات والمعتقدات والأذواق، بعيدًا كل البعد عن الفصائل السياسية. وإن هذا الغضب الذي اجتاح إيران من شمالها إلى جنوبها، يدل على عمق ارتباط الأمة بهذا الاسم.
إذن "الخليج الفارسي" هو اسم يعيش في التراث الفارسي وفي فخر كل إيراني. إنه نغمة تجري في عروق إيران. وأن الادعاء الذي يعتقد أنه يستطيع محو التاريخ من خلال خطاب لم يفعل شيء يذكر.
وفي "الخليج الفارسي"، حيث تتحدث الأجهزة اللاسلكية باللغة الفارسية وتصرخ الأمواج بهوية إيران، لا يمكن لأي سياسة أن تتحدى هذا الاسم.
كما الشعب الإيراني يقول، من كل أرجاء هذه الأرض، بصوت واحد:
"سيظل الخليج الفارسي فارسيا إلى الأبد".