موضوع البرنامج:
معلمة الأجيال
سلام من الله عليكم إخوة الإيمان والولاء.
طابت أوقاتكم بكل خير وبركة وأنتم ترافقونا مشكورين في لقاء آخر مع مشاهد من سيرة صفية الله الزهراء.
نستلهم معاً قيم العبودية الحقة لله من سنة أسوة المؤمنين والمؤمنات بضعة سيد الأنبياء.
أم أيمن: ها يا أسماء مرحباً وسلام عليك، أجئت زائرة لأم أيمن، أم لفاطمة بنت رسول الله.
أسماء: وسلام عليك يا أم أيمن، بل جئت زائرة لأخيتي أم أيمن لكي ترافقني مأجورة لزيارة بنت رسول الله.
أم أيمن: ما الخبر يا أسماء؟ من يقدر على مجاراتك في الكلام وأنت خطيبة النساء، أراك قد جئت لتأخذيني شفيعة إلى فاطمة في حاجة تريدينها من بنت رسول الله.
أسماء: ما أشد فطنتك يا أم أيمن، وإن لم تصب هذه المرة المرمى.
أم أيمن: على أي حال أنا طوع أمرك مادام فيه زيارة لحبيبتي فاطمة، هلمي إليها.
أسماء: صبراً يا أم أيمن كأنك أشوق مني لرؤيتها وأنت تمرين عليها كل يوم.
أم أيمن: وكيف لا أشتاقها يا أسماء وأنا أفوز منها كلما زرتها بقبسة من علم أو حلم أو عظة أو بهجة تنير قلبي.
أسماء: قد جعلك حب فاطمة من أهل الفصاحة والبلاغة يا أم أيمن.
أم أيمن: صدقت وإن لم أبلغ شأوك يا خطيبة النساء.
أسماء: حسن يا أم أيمن، أخبرك قبل أن نذهب إلى فاطمة بسر رغبتي في أن ترافقيني في زيارتها.
أم أيمن: أفصحي يا أسماء رحمك الله.
أسماء: لا أكتمك أنني قد استحييت من كثرة مراجعتي لفاطمة، فإني كلما زرتها وجدتها تستقبلني وكأنها المرة الأولى التي أزورها ثم تجلس عندي وتحدثني عن رسول الله وتجيبني عما أسألها عنه من أمور ديني ولا تقوم من عندي حتى أقوم أنا عنها.
أم أيمن: ذاك خلقها فما الذي يؤذيك يا أسماء.
أسماء: إنما قلت استحييت يا أم أيمن، فأنا أعلم بكثرة عملها في البيت وهي مرضع.
أم أيمن: لا بأس عليك يا أسماء فمن أعلم منها بدين أبيها وإلى من ترجع نساء المسلمين في أمور دينهن إن لم يرجعن إليها.
أسماء: صدقت يا أم أيمن فوالله لقد سألت غيرها عن مثل ما سألتها، فلم أجد علم رسول الله نقياً سوى عندها إنها العين الصافية أخبرك يا أسماء بما يزيل عنك الحرج والخجل إن شاء الله.
وأخبرت أم أيمن أسماء الأنصارية بما شهدته من خبر المرأة التي حضرت عند الصديقة الطاهرة، فقالت لها:
إمرأة (فتاة): يا بنت رسول الله، إن لي والدة ضعيفة قد لبس عليها في أمر صلاتها شيء وقد بعثتني إليك أسألك عنه.
فعرضت سؤالها فأجابتها عليها السلام، فعرضت سؤالاً ثانياً فأجابتها وهكذا حتى بلغت عشرة أسئلة، ثم خجلت من كثرة أسئلتها فقالت:
الفتاة: لا أشق عليك يا ابنة رسول الله.
فلما رأت –عليها السلام- خجل الفتاة من كثرة الأسئلة دفعته عنها وقالت:
هاتي يا أختاه وسلي عما بدا لك، أرأيت من أكتري يوماً يصعد إلى سطح بحمل ثقيل وكراه مائة ألف دينار يثقل عليه؟
إمرأة: لا يا بنت رسول الله، فهذه الاجرة الكبيرة تجعل كل أجير يتحمل ثقل الحمل مهما كان ثقيلاً ويصعد به إلى السطح.
فقالت –عليها السلام- لها قولاً جعل الفتاة تشعر وكأنها عندما تسألها عن أمور دينها فإنها بذلك تفتح لفاطمة –عليها السلام- أبواب الخير والنعمة، قالت:
فأنا أمة الله أكتريت لكل مسألة بأكثر من ملء ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤاً، فأنا أحرى أن لا يثقل علي وقد سمعت أبي رسول الله يقول: إن علماء شيعتنا يحشرون فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم وجدهم في إرشاد عباد الله حتى يخلع على الواحد منهم ألف ألف حلة من نور...
يا أمة الله إن سلكة خيط واحدة من تلك الخلع لأفضل مما طلعت عليه الشمس ألف ألف مرة، فما فيها غير مشوب بالتنغيص والكدر وغيرها حطام الدنيا مشوب بالتنغيص والكدر.
أسماء: فرجت عني بما قلت، فرج الله عنك يا أم أيمن، شكرا لك، ألقاك فيما بعد.
أم أيمن: إلى أين يا أسماء، ألم تأتي إلي لكي أرافقك فأكون شفيعة إلى فاطمة فيذهب عنك الخجل.
أسماء: قد كان ذلك قبل أن تخبريني بما أخبرتني آنفاً، أما الآن فشفيعتي إلى فاطمة سماحتها ولطفها ورأفتها.. في أمان الله.
أم أيمن: مهلاً سآتي معك صاحبة لا شفيعة.. هلمي على بركة الله.
زيد: الحمد لله، آه.. وله الشكر والحمد.
أم أيمن: أعانك الله يا زيد، يبدو أن التعب قد أخذ منك كل مأخذ، أعانك الله.
زيد: إي والله، الحمد لله، إن جلب الماء في هذا الحر لهو عمل متعب، الحمد لله على أي حال.. الحمد لله.
أم أيمن: أراك تكثر من حمد الله يا زيد هذه المرة.
زيد: غفر الله لك يا أم أيمن، ألا تحبين أن أكون عبداً شكوراً؟
أم أيمن: ولم لا، جعلك الله وإيانا من الشاكرين، قد عهدتك تحمد الله من قبل ولكن ليس بهذه الكثرة ولا من صميم القلب كما أشعر به الآن منك يا أبا أسامة.
زيد: صدقت يا أم أيمن، فأنا أيضاً لم أشعر بلذة الحمد من قبل مثلما أشعر بها اليوم، وتلك بركة أتتني من أختي فاطمة يا بركة.
أم أيمن: يبدو أنك تحمل لي خبراً من فاطمة، حدثني به يا زيد.
زيد: هو حديث حدثني به علي عنها ونحن نستقي معاً الماء من البئر، وقد وجدته مبتهجاً به مفتخراً بزوجه.
أم أيمن: وحري بعلي أن يفخر بسيدة النساء.
زيد: وحري بفاطمة أن تفخر بسيد الفتيان.
أم أيمن: صدقتَ وصدقتُ، فأخبرني بالخبر.
زيد: أخبرني علي أن رسول الله دخل على فاطمة فرأى عليها كساءً خلقاً من أجلة الإبل وهي تطحن بيديها وترضع ولدها، فدمعت عيناه لما رآه من تعبها ومشقة عيشها وقال لها:
يا بنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة.
أم أيمن: أعانها الله، هي والله نعم الصابرة الراضية بقضاء الله المحتسبة لما عند الله من أجر الآخرة.
زيد: نعم، ولكن ما افتخر به علي هو أن فاطمة ليست صابرة محتسبة وحسب، بل هي حامدة شاكرة لله في ذروة المشقة والبلاء.
أم أيمن: كأنها ترى جميل صنع الله ولطفه في هذه المشاق.
زيد: إي والله، فقد أجابت رسول الله وقد بكى لما هي فيه من نصب وجهد بقولها:
يا رسول الله، الحمد لله على نعمائه والشكر لله على آلائه.
أم أيمن وزيد: الحمد لله على نعمائه والشكر لله على آلائه.