البث المباشر

ما دور إيران في خريطة العالم للذكاء الاصطناعي؟

الإثنين 30 ديسمبر 2024 - 14:24 بتوقيت طهران
ما دور إيران في خريطة العالم للذكاء الاصطناعي؟

تحاول جمهورية إيران الإسلامية ترسيخ مكانتها بين الدول العشر الأولى في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال الاعتماد على القوة العلمية المحلية ودعم الشركات القائمة على المعرفة، لكن ماذا تقول الحقائق والأرقام الموجودة وما مدى قربنا من تحقيق هذا الهدف؟.

قد أحدث الذكاء الاصطناعي، باعتباره أحد التقنيات الدافعة في القرن الحادي والعشرين، تغييرات هائلة في حياة الإنسان. ويتطلب تطوير هذه التكنولوجيا المعقدة والمتعددة الأوجه تعاونا دوليا واسع النطاق.

وقد تمت في هذا التقرير دراسة حجم مشاركة الدول المختلفة في التطوير العلمي للذكاء الاصطناعي وأنماط التعاون الدولي في هذا المجال. ومن خلال تحليل البيانات المتعلقة بالمنشورات العلمية المشتركة بين الدول، جرت محاولة لتحديد دور التعاونات الدولية في تطوير الذكاء الاصطناعي ومكانة إيران في هذا المجال.

ومن إحدى المؤشرات الضرورية للتحقق من حالة تطور المعرفة في مجال الذكاء الاصطناعي، يمكن الإشارة إلى مدى مشاركة الدول المختلفة في تطورها العلمي فيما يخص الذكاء الاصطناعي وبعد دراسة هذا المؤشر، سيتم تحديد ما إذا كانت كل دولة قد تمكنت من أن تكون في المراكز العلمية العليا في مجال الذكاء الاصطناعي بناءً على تطورها الخاص، أو ما إذا كان تعريف المجالات العلمية المشتركة قد أثر في تطور مكانة الدول.

 

التعاون الدولي في المنشورات العلمية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي

يوضح هذا المؤشر، التعاون البحثي بين مختلف البلدان. ويتم ذلك على أساس الانتماء المؤسسي للمؤلفين. وبعبارة أخرى، يشير التعاون الدولي إلى المنشورات والمقالات العلمية المكتوبة بالتعاون مع مؤسسات في بلدان مختلفة. ويرتبط التعاون الوطني بالمنشورات التي تصدرها مؤسسات مختلفة في البلد المرجعي.

تمت إزالة مقدار التعاون بين المؤسسات داخل كل بلد من الرسوم البيانية الموضحة. كما أن المقدار المعروض هو إجمالي التعاون بين تلك الدولة مع دولة الوجهة في الفترة من 2010 إلى 2023م، ولكل دولة قد تم عرض الدول العشر ذات أعلى إجمالي تعاون.

 

الوضع في إيران

يظهر في الشكل أدناه عدد التعاون العلمي الدولي بين إيران والدول العشر التي لديها أكبر قدر من التعاون. وفي المجمل، تعاونت الولايات المتحدة بشكل أكبر في المنشورات العلمية مع إيران.

عدد التعاون العلمي الدولي لإيران مع الدول العشر التي لديها أكبر تعاون معها (الفترة الزمنية من 2010 إلى 2023)

كما هو مبين في الصورة التالية، فإن وضع التعاون الدولي في إيران مع الدول العشر التي تعاونت معها أكثر من غيرها، باستثناء فيتنام، كان لها اتجاه تصاعدي مع مرور الوقت.

وينبغي لتحليل الدول الرائدة في التعاون العلمي في إيران فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، النظر في عدة نقاط.

أولاً، قامت الدول الرائدة في التعاون العلمي مع إيران، مثل كندا، الصين والدول الأوروبية (بما في ذلك الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي)، بزيادة تعاونها مع مرور الوقت بشكل عام. وعلى سبيل المثال، كانت كندا واحدة من شركاء إيران الرئيسيين في السنوات الأخيرة.

ثانيًا، تشكل الدول الأعضاء في مجموعتي G7 وG 20 (التي لا تظهر بشكل مباشر في الرسم البياني ولكنها متوفرة في بيانات التعاون الدولي) جزءًا مهمًا من التعاون العلمي لإيران، وعادةً ما تتمتع هذه الدول ببنية تحتية قوية في مجال البحث والتطوير. وبالتالي فإنها تعتبر شريكات مناسبة للتعاون العلمي، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي.

على سبيل المثال، ارتفع عدد عمليات التعاون العلمي مع دول G7 من 109 عمليات تعاون في عام 2010 إلى 948 عمليات تعاون في عام 2023.

ثالثا، تشهد الصين، الهند وكوريا الجنوبية بشكل مستمر ارتفاعا في عدد التعاون العلمي مع إيران، وخاصة الصين، حيث وصل إلى 270 تعاونا في عام 2023 مقارنة بالتعاون في عام 2010.

رابعا، تمت إضافة بعض الدول مثل فيتنام وماليزيا بشكل متزايد إلى قائمة التعاون العلمي الإيراني في السنوات الأخيرة، مما يدل على توسع العلاقات العلمية الإيرانية مع بعض المؤسسات العلمية في هذه البلدين.

 اتجاه التعاون العلمي الدولي لإيران في مجال الذكاء الاصطناعي مع الدول العشر الأكثر تعاونا (الفترة من 2010 إلى 2023)

أما دول المنطقة، كما يتبين في الصورة التالية، فإن إيران، الإمارات، تركيا والكيان الصهيوني لديها أكبر قدر من التعاون الدولي في مجال المنشورات العلمية مع الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، تتمتع المملكة العربية السعودية بأكبر قدر من التفاعلات الدولية مع الهند.

تشمل دول الوجهة التالية للتعاون الدولي لإيران كندا، أستراليا والصين. والنقطة اللافتة فيما يخص السعودية هي تطور تعاونها مع دول مثل الهند، باكستان، مصر والصين.

ومن الواضح أن تركيز المملكة العربية السعودية في التعاون الدولي ينصب على دول المنطقة. وأكثر تعاون للكيان الصهيوني هو مع الولايات المتحدة، بحيث تلعب الدول الأخرى دوراً صغيراً جداً في التعاون الدولي للكيان الصهيوني، وهذا يدل على وجود علاقة أحادية القطب من حيث التعاون الدولي بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني. 

والشيء المثير للاهتمام الذي يجب ملاحظته بشأن تركيا هو أن إيران تحتل المرتبة الثانية من حيث التعاون الدولي مع هذا البلد، أعلى من إنجلترا، الصين والهند.

إجمالي التعاون الدولي لدول المنطقة في نشر الذكاء الاصطناعي (2010 إلى 2023)

ويظهر مع مرور الوقت حالة التعاون العلمي لدول المنطقة مع الدول الخمس التي تعاونت معها أكثر من غيرها. ولا تزال تركيا تتمتع بأكبر قدر من التعاون مع الولايات المتحدة على مسافة كبيرة. والهند، الصين، إنجلترا، وإيران لديها نفس الوضع تقريبًا من حيث تعاون تركيا معهم. وفي السنوات الأخيرة، انخفض اتجاه التعاون العلمي بين إيران وتركيا وحلت الهند محل إيران في التعاون العلمي مع تركيا.

يعد تعاون الإمارات مع الولايات المتحدة أكثر اعتدالا، كما أن دولا أخرى مثل الصين، إنجلترا، المملكة العربية السعودية وباكستان تقع على مسافة قصيرة من بعضها البعض. ومع ذلك، قامت السعودية بتعاون واسع النطاق مع دول مختلفة. ومنذ عام 2020، زادت تعاونها بشكل كبير مع الهند وباكستان، بحيث أصبحت الولايات المتحدة في عام 2023 في مرتبة أقل من الصين، مصر، باكستان والهند. وهذا يدل على أن السعودية، رغم أنها لا تركز تطويرها العلمي للذكاء الاصطناعي على الولايات المتحدة، فلديها وجهة نظر إقليمية بشأن هذه القضية.

وعلى عكس السعودية فإن هناك الكيان الصهيوني، الذي يكون تعاونه مع الولايات المتحدة أكبر بكثير من الآخرين. وتشمل أوجه التعاون الأخرى للكيان الصين والدول الأوروبية.

اتجاه التعاون العلمي الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي من قبل مختلف دول المنطقة (2010 إلى 2023)

 

بلدان مختارة

كما يتبين من الصورة التالية، فإن دول مثل كوريا الجنوبية، جنوب أفريقيا، البرازيل، الهند، ألمانيا وروسيا، مثل إيران، حظيت بأكبر قدر من التعاون الدولي في منشورات الذكاء الاصطناعي مع الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، كانت إنجلترا فقط هي التي قامت بأكبر قدر من التعاون مع الصين، وتحتل الولايات المتحدة المركز الثاني بعد إنجلترا. وتهدف سياسة المملكة المتحدة على وجه التحديد إلى الحفاظ على التوازن في التعاون العلمي الدولي والاستفادة من قطبي تطوير المعرفة في مجال الذكاء الاصطناعي في العالم.

وكانت كوريا الجنوبية هي الأكثر تعاونا مع الصين، الهند وباكستان في المواقف التالية، مما يوضح أهمية وجهة نظر كوريا الجنوبية بشأن التعاون مع الدول الآسيوية. وبعد الولايات المتحدة، كانت الهند الأكثر تعاونا مع السعودية، إنجلترا والصين، مما يدل على التكاثر و التنوع في التعاون لهذا البلد وأهمية هذا الأمر. وبعد الولايات المتحدة، كانت جنوب أفريقيا هي الأكثر تعاونا مع إنجلترا والهند، ولكن بشكل عام، كما كان واضحا في عدد المقالات حول الذكاء الاصطناعي، فإن إحصاءات التعاون الدولي لجنوب أفريقيا لم تحتل مستوى عاليا.

كما تتعاون ألمانيا وروسيا مع أكبر دول العالم في مجال الذكاء الاصطناعي وتحاولان الاستفادة من قدرات الدول الرائدة. وبطبيعة الحال، تجدر الإشارة إلى أنه من حيث عدد التعاون، فإن إيران تحتل مكانة أعلى من دول مثل البرازيل وجنوب أفريقيا وحتى روسيا.

إجمالي التعاون الدولي لدول مختارة في نشر الذكاء الاصطناعي (الفترة من 2010 إلى 2023)

يوضح الشكل التالي حالة التعاون بين البلدان المختارة مع الدول الخمس التي حظيت معها بأكبر قدر من التعاون العلمي على مر الزمن. وقد طورت كوريا الجنوبية تعاونها مع الولايات المتحدة بشكل أسرع بكثير من الدول الأخرى. وتأتي دولتا الهند وباكستان في المواقف التالية من تعاون كوريا الجنوبية المشترك معهما.

الهند لديها أكبر قدر من التعاون مع الولايات المتحدة، ولكن منذ عام 2021، زادت تعاونها مع المملكة العربية السعودية. ويبدو أن هذا الطلب للتعاون هو الذي شكلته السعودية، وهو ما تم شرحه في القسم السابق.

ومن بين الدول المتعاونة يمكن رؤية اسم نيجيريا، ويبدو أن سياسة جنوب أفريقيا الإقليمية هي التي يمكنها الاستفادة القصوى من قدرات الدول القريبة منها. وتحظى البرازيل وألمانيا بأكبر قدر من التعاون مع الولايات المتحدة. وقد حققت إنجلترا أكبر قدر من التعاون مع الصين في السنوات الأخيرة، وتأتي الولايات المتحدة في المركز الثاني.

حددت المملكة المتحدة باعتبارها دولة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، تعاونها العلمي الدولي من خلال تحديد العمل العلمي المشترك أولاً مع الصين ثم مع الولايات المتحدة.

وتأتي الدول الأوروبية مثل ألمانيا، إيطاليا وإسبانيا في المراكز التالية. وأخيرا، فإن روسيا هي التي أبقت نظرتها على آسيا في تحديد تعاونها العلمي الدولي، بحيث كان لديها في عام 2023 أكبر عدد من الاتصالات مع الصين والهند، وتأتي الولايات المتحدة، إنجلترا وألمانيا في المواقف التالية.

الشكل 33: اتجاه التعاون العلمي الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي من قبل دول مختارة (2010 إلى 2023)

 

الدول الرائدة

إن الصين تتعاون بشكل أكبر مع الولايات المتحدة وكذلك لولايات المتحدة تتعاون بشكل أكبر مع الصين، ونرى علاقة متبادلة قوية بينهما. إن حجم التفاعل والتعاون في هذين البلدين يصل إلى مستوى همش التعاون مع الدول الأخرى من حيث الكم، ورغم كل الاختلافات إلا أن هذين البلدين تربطهما علاقة علمية متماسكة وواسعة النطاق مع بعضهما البعض. (الصورة التالية)

وبعد ذلك، حصل كلاهما على أكبر قدر من التعاون الدولي مع إنجلترا. ثم أصبح للصينيين المزيد من التعاون مع هونغ كونغ، وأستراليا وكذلك الولايات المتحدة مع كندا وألمانيا. إن نظرة الصين إلى الدول الشرقية ونظرة الولايات المتحدة إلى الدول الغربية تتجلى في استمرار التعاون الدولي.

إجمالي التعاون الدولي للدول الرائدة في نشر الذكاء الاصطناعي (2010 إلى 2023)

بحسب النقاط المذكورة فإن بعض الدول مثل الكيان الصهيوني، كوريا الجنوبية، الهند والبرازيل تعتمد بشكل كبير على قدرة التعاون مع الولايات المتحدة، كما أن تعاونها اللاحق يبعد مسافة كبيرة عن مستوى التعاون مع الولايات المتحدة.

وفي هذا الصدد، تتمتع إيران بتعاون متوازن نسبيا مع الدول الأخرى. وبهدف تعزيز التعاون الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي، يمكن أن تكون كوريا الجنوبية، ألمانيا وإنجلترا الأهداف التالية لإيران فيما يتعلق بتطوير التعاون الدولي.

ومن بين الدول المذكورة، إنما كوريا الجنوبية ليست حتى من بين الدول العشر التي تتمتع إيران بأكبر قدر من التعاون معها. وهذا الأمر بالنسبة لنمو كوريا في مجال الذكاء الاصطناعي والذي حدث في السنوات الأخيرة، يمكن أن يكون مفيدًا جدًا لإيران، سواء من حيث التعاون العلمي الدولي أو من حيث تطوير المنصات التقنية في البلاد.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة