إن التوقعات بشأن نتائج المفاوضات ليست كبيرة في هذه المرحلة، لكن الجانبين مستعدان للسير على طريق خفض التوتر واستئناف المسار الدبلوماسي لحل القضايا المتنازع عليها.
ويصف المراقبون هذا الاجتماع بأنه خطوة مهمة في بناء الثقة بين إيران والأوروبيين، والتي، إذا استمرت، يمكن أن تنهي التوقف الذي دام عامين في مفاوضات خطة العمل المشترك الشاملة وبطبيعة الحال، فإن جدول أعمال هذا الاجتماع لا يقتصر على المفاوضات النووية، بل يشمل مجموعة متنوعة من القضايا الثنائية والإقليمية والدولية.
وبحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية إسماعيل بقائي فإن هذا الاجتماع سيعقد على مستوى نواب وزراء الخارجية.
وأشار إسماعيل بقائي إلى سياسة التفاعل والتعاون المبدئية التي تنتهجها جمهورية إيران الإسلامية مع الدول الأخرى استنادا إلى مبادئ العزة والحكمة والمصلحة، واعتبر المحادثات المقبلة مع الدول الأوروبية الثلاث استمرارا للمحادثات التي عقدت معها على هامش الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وقال: سيتم في هذه الجولة من المحادثات المقررة في نيويورك، مناقشة وتبادل الراي حول مجموعة من المواضيع والقضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك قضيتي فلسطين ولبنان، فضلا عن القضية النووية.
ومن المقرر أن يعقد هذا الاجتماع على مستوى نواب وزراء خارجية إيران وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.
وصرح كبير المتحدثين باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو أن "إنريكي مورا" نائب الأمين العام لدائرة العمل الخارجي لهذا الاتحاد سيجتمع مع نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية الايراني "مجيد تخت روانجي" لمناقشة مجموعة من القضايا.
ووفقا للبرنامج المعلن، سيجتمع تخت روانجي مع ممثلي الدول الأوروبية الثلاث، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، في جنيف يوم الجمعة.
وادعي متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية، ردا على عقد هذا الاجتماع، أن لندن تسعى إلى تخفيف التوتر بشأن الملف النووي الإيراني عبر القنوات الدبلوماسية المختلفة.
وكرر المتحدث، الذي طلب عدم ذكر اسمه وفقا للإجراءات المعتادة، الادعاءات السياسية بشأن البرنامج النووي السلمي لبلادنا، وقال لمراسل وكالة إرنا في لندن: نحن ملتزمون باتخاذ كل خطوة دبلوماسية لمنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية، بما في ذلك من خلال آلية الزناد (snapback) إذا لزم الأمر.
وادعي: أننا نواصل التعبير عن مخاوفنا بشأن البرنامج النووي الإيراني مع شركائنا الدوليين ونحن نسعى إلى تخفيف التوتر من خلال عدد من القنوات الدبلوماسية، بما في ذلك اجتماعات الأمم المتحدة ومجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
كما أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، الاجتماع الذي سيعقد يوم الجمعة وقال: “كما تعلمون، نحن قلقون بشأن العديد من القضايا المتعلقة بإيران ودور إيران الإقليمي هو واحد منها وبالطبع، نحن قلقون أيضًا بشأن البرنامج النووي الإيراني. ولذلك فإن هذه المحادثات ستكون بمثابة قناة لنا لتوضيح مواقفنا" (حسب قوله).
ولم يقدم الاتحاد الأوروبي بعد رد فعل رسمي على هذا الاجتماع لكنه يمكن العثور على علامات عن موقفه في البيان الذي نشر بعد اجتماع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، مع مسؤول السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي"جوزيب بوريل" في نيويورك.
وأكد بوريل على أهمية إحياء الدبلوماسية النووية في هذا البيان الذي نشر في 25 سبتمبر 2024 وأعرب عن استعداده لتسهيل التوصل إلى حل دبلوماسي لمعالجة مخاوف مختلف الأطراف المشاركة في هذا الاتفاق.
وعُقدت الجولة الأخيرة من المفاوضات لإحياء خطة العمل المشترك الشاملة هذا الصيف، وكان الطرفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق نهائي لكن تأثير انتخابات الكونغرس الأمريكي وغياب الإرادة السياسية لدى حكومة جو بايدن تسببا في تأخير الوصول الي الاتفاق النهائي.
وفي الواقع، أثبتت تجربة جولات المفاوضات الثماني في فيينا، والتي عقدت بهدف العودة إلى التنفيذ الكامل لخطة العمل المشترك الشاملة، أن الرئيس الأميركي الاسبق باراك أوباما كان عازماً جداً على إبرام خطة العمل المشترك الشاملة ودونالد ترامب كان عازماً جداً على إنهاء هذا الاتفاق، لكن جو بايدن لم تكن لديه الإرادة اللازمة لاتخاذ قرار في هذا المجال.
واعتبر مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف، خلال كلمته في الاجتماع الربع سنوي لمجلس الحكام لوكالة الدولية للطاقة الذرية، قرار المجلس ضد إيران بمثابة هدية من الرئيس الأمريكي جو بايدن للرئيس المنتخب دونالد ترامب.
وأضاف أوليانوف بأن إدارة بايدن التي وعدت بعودة الولايات المتحدة إلى خطة العمل المشترك الشاملة، فشلت في القيام بذلك بسبب الافتقار إلى الإرادة السياسية، وقررت الآن تقديم (قرار ضد إيران) إلى الرئيس المنتخب دونالد ترامب بمثابة هدية.
وتابع بأن قرار الترويكا والولايات المتحدة ضد البرنامج النووي السلمي الإيراني يُظهر تخلي الدول الغربية الأعضاء في خطة العمل المشترك الشاملة عن جهودها السياسية والدبلوماسية خلال محادثات فيينا ووصول المحادثات إلى طريق مسدود.
واتهم أوليانوف الأطراف المعارضة بعدم وجود استراتيجية واضحة تجاه البرنامج النووي السلمي الإيراني وقال: من المرجح أن يضطر مجلس الحكام إلى بذل جهود جادة لمنع تصعيد التوترات بشكل لا يمكن السيطرة عليه في العام المقبل.
وتوترت العلاقات بين إيران وأوروبا في السنوات الأخيرة بسبب الاتهامات التي لا أساس لها بتورط إيران في حرب أوكرانيا، والادعاءات المتعلقة بحقوق الإنسان، والخطوات التعويضية التي اتخذتها إيران في خطة العمل المشترك الشاملة، وتجاهل الترويكا لتنفيذ بنود هذا الاتفاق.
وامتنعت إيران عن اتخاذ أي إجراءات من شأنها تعقيد مسار المفاوضات والجهود الرامية إلى إحياء خطة العمل المشترك الشاملة على مدى الشهرين الماضيين، لكن الأطراف الأوروبية لم تتخذ إجراءات مضادة فحسب، بل عقدت أيضا مسار الدبلوماسية بإجراءات غير بناءة.
وإن القرار الذي تمت الموافقة عليه الأسبوع الماضي في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بناء على اقتراح ثلاث الدول الأوروبية بريطانيا وفرنسا وألمانيا، لقد كان مثالاً على الإجراء الخاطئ وغير المدروس الذي زاد من تحديات المفاوضات.
وقال وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي في مقابلة تلفزيونية: نحن على استعداد تام للمفاوضات، برأيي أنها ممكنة ويمكن للطرفين العمل في هذا الصدد، ولكننا ما زلنا نعتبر نافذة الدبلوماسية مفتوحة، بشرط أن تكون هناك إرادة حقيقية من الجانب الآخر. إذا لم يكن هناك مثل هذه الإرادة لدى الجانب الاخر، فمن الطبيعي أن نتخذ طريقا آخر.
وقال: لدينا الاستعداد اللازم لأي مسار، كما أعلنا في قضية الكيان الصهيوني أن إيران جاهزة لأي سيناريو، وهنا أقول أيضاً للأطراف الغربية إننا مستعدون لمختلف القضايا والسيناريوهات، وإذا وصلنا إلى نقطة المواجهة فنحن جاهزون للوصول إليها، وإذا وصلنا إلى نقطة التفاعل فنحن جاهزون ايضا.