البث المباشر

جرائم التكفيريين في "باراتشنار".. مأساة مستمرة ضد الشيعة

الإثنين 25 نوفمبر 2024 - 17:50 بتوقيت طهران
جرائم التكفيريين في "باراتشنار".. مأساة مستمرة ضد الشيعة

يتعرض الشيعة في منطقة "باراتشنار" بباكستان منذ سنوات للاضطهاد والقتل على يد عناصر تكفيرية مدعومة من أعداء الإسلام.

وخلال الأيام الأخيرة، بلغت وحشية التكفيريين ذروتها من جديد، حيث استهدفوا الشيعة في "باراتشنار" بوحشية مفرطة وصلت لى إعدام الأطفال.

كشف أحد الناشطين الإعلاميين في باكستان عن أبعاد جديدة لجريمة الإرهابيين التكفيريين في هجومهم على شيعة منطقة "باراتشنار" على الطريق بين مدينتي باراتشنار وبيشاور.

وأوضح "سيد علي أحمر زيدي"، وهو ناشط إعلامي باكستاني، في تصريحاته حول تفاصيل هذه الجريمة أن عدد شهداء الهجوم الإرهابي الذي نفذه التكفيريون على عدة حافلات على الطريق المذكور بلغ 108 شهداء، بينهم 12 رضيعاً.

كما أسفر الهجوم عن إصابة عدد من الأشخاص بجروح، بينما اختفى بعض من سكان بارتشنار بعد الهجوم ولم يتم العثور عليهم حتى الآن.

وأضاف زيدي أن بعض الركاب الذين غادروا الحافلات بعد الهجوم محاولين الفرار من الموت تم ملاحقتهم من قِبل الإرهابيين وقتلهم. ولم يكتفِ المهاجمون بذلك، بل اقتحموا المنازل التي لجأ إليها الشيعة بحثاً عن الأمان وقتلوهم داخلها.

وأفادت بعض المصادر أن عدداً من الأطفال الذين استُشهدوا في هذا الهجوم أصيبوا برصاص أطلق مباشرة إلى أفواههم.

في أعقاب هذه الجريمة الدموية، أدان آية الله السيستاني، المرجع الشيعي البارز في العراق، الهجوم الإرهابي الذي استهدف مجموعة من شيعة باراتشنار، ودعا حكومة باكستان إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الشعب المظلوم في البلاد من جرائم الجماعات الإرهابية.

بدوره، وصف رئيس وزراء باكستان "شهباز شريف" في بيان رسمي منفذي الهجوم على شيعة باراتشنار بأنهم "أعداء باكستان"، وأدان الهجوم بشدة.

كما أعرب "مسعود بزشكيان"، رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ورئيس مجلس الشورى الإسلامي "محمد باقر قاليباف" عن تعازيهما في رسائل منفصلة إلى حكومة وشعب باكستان على خلفية هذا الحادث الأليم.

 

تصاعد الاحتجاجات في باكستان

شهدت مدن باكستانية مختلفة، بما في ذلك العاصمة إسلام آباد، منذ يوم الجمعة مظاهرات ومسيرات احتجاجاً على استمرار الهجمات الإرهابية ضد شيعة باراتشنار.

وجاءت هذه الاحتجاجات عقب الجريمة الدموية التي وقعت يوم الخميس هناك، حيث خرج شيعة باكستان في مختلف مدن البلاد يوم الجمعة في مظاهرات، مطالبين الحكومة والجيش باتخاذ إجراءات فورية لتحديد ومعاقبة مرتكبي هذه الجريمة.

وشارك مئات المحتجين في مسيرات انطلقت بعد صلاة الجمعة في مدن باكستانية عدة، بما في ذلك العاصمة، رافعين شعارات تندد بالجماعات التكفيرية المتطرفة.

ودعا المتظاهرون الحكومة والجيش إلى رد فعل سريع وحاسم لمعالجة الوضع المتوتر في مدينة باراتنشار، التي شهدت على مر السنين هجمات إرهابية متكررة استهدفت المجتمع الشيعي في المنطقة.

وأكد رؤساء الأحزاب السياسية، والناشطون الدينيون، ومسؤولو المنظمات الطلابية الذين شاركوا في التجمعات أن العناصر الإرهابية تستغل الاضطرابات في باراتشنار بهدف تقويض السلام والوئام بين الطوائف الدينية المختلفة.

وطالب المحتجون الأجهزة الأمنية في باكستان، والحكومة الفيدرالية، وحكومات الأقاليم باتخاذ خطوات عاجلة لمعالجة الوضع في باراتشنار، محذرين من أن عدم التدخل سيؤدي إلى عواقب وخيمة، تشمل زعزعة الاستقرار في مناطق أخرى من باكستان وتعزيز ظاهرة الإرهاب.

وفي أعقاب الهجوم الإرهابي الأخير قرب مدينة باراتشنار الواقعة في شمال غرب باكستان، أصبحت المنطقة في حالة اضطراب شديد. وخلال الـ24 ساعة الماضية، أسفرت الاشتباكات في المنطقة عن مقتل وإصابة عشرات الأشخاص.

ووفقاً لبعض المصادر، نفذت الجماعات التكفيرية في باراتشنار هجوماً استهدف الشيعة ، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 100 شخص وإصابة العديد بجروح. وفي الوقت نفسه، أصدرت الجماعات التكفيرية دعوة لنهب ممتلكات الشيعة في باراتشنار .

 

أين تقع باراتشنار؟

يشكل الشيعة حوالي 22% من إجمالي عدد سكان باكستان البالغ 240 مليون نسمة. وتقع مدينة باراتشنار في منطقة "كرم" التابعة لإقليم "خيبر بختونخوا" الباكستاني، بالقرب من الحدود بين باكستان وأفغانستان، ويشكل الشيعة غالبية سكانها.

تقع منطقة باراتشنار في شمال غرب باكستان، وانضمت عام 2017 إلى إقليم "خيبر بختونخوا" مع مناطق القبائل الأخرى. وكانت باراتشنار مركزًا لمنطقة ذاتية الحكم، وهي محاطة بأربع محافظات أفغانية هي: بكتيا، خوست، ننجرهار، ولوجر، كما تقع بجوار إقليم وزيرستان في باكستان، وهو من أبرز معاقل حركة طالبان في البلاد.

إضافة إلى ذلك، تحد باراتشنار مناطق تكفيرية وسلفية في إقليم "سرحد" وعاصمته "بيشاور"، مما جعل شيعة باراتشنار شبه محاصرين من قبل التكفيريين.

لطالما تعرض شيعة باراتشنار على مدار سنوات عديدة للقمع والقتل من قبل الجماعات التكفيرية والوهابية بحجة النزاعات على الأراضي. خلال السنوات الماضية، كان شيعة باراتشنار هدفًا لجرائم وحشية واسعة النطاق في ظل تقاعس الجيش وقوات الأمن. ولم يتردد الإرهابيون في استهداف النساء والأطفال وارتكاب المجازر البشعة بحقهم، فيما لم تجد احتجاجات الشيعة نفعًا.

شهدت المنطقة عمليات إرهابية متكررة نفذتها عناصر تكفيرية وطائفية استهدفت المدنيين العزل، مما أدى إلى فرض قيود شديدة في باراتشنار. الطريق الوحيد الذي يربط بارتشنار بالمناطق الأخرى يخضع لسيطرة الجيش الباكستاني، الذي يتولى مسؤولية أمنها.

ورغم وجود نقاط تفتيش مكثفة عند مداخل ومخارج المنطقة، تستمر الجماعات الوهابية والتكفيرية في تنفيذ أعمال عدائية وإرهابية ضد شيعة باراتشنار مستغلين غياب رد فعل قوي من الجيش.

تعود جذور العنف والكراهية ضد شيعة باراتشنار إلى سنوات طويلة. ففي عام 2007، تعرضت المنطقة لأطول حصار من قبل الجماعات التكفيرية. ومن يناير 2012 إلى يناير 2013، شهدت المنطقة 77 هجومًا إرهابيًا أسفر عن استشهاد 635 شيعيًا وإصابة المئات الآخرين.

 

دعم وتسليح التكفيريين من قبل أجهزة الاستخبارات الأجنبية

شهدت منطقة باراتشنار في منتصف الصيف الحالي اشتباكات بسبب نزاعات حول ملكية الأراضي، حيث استخدم التكفيريون في هذه الاشتباكات أسلحة ثقيلة ضد الشيعة. وكشفت مصادر عديدة، مدعومة بأدلة ووثائق، عن دور أجهزة الاستخبارات التابعة للكيان الصهيوني وبعض الأنظمة الغربية في تسليح وتجهيز الجماعات التكفيرية في باكستان بهدف استهداف الشيعة.

في شهر أغسطس من هذا العام، تعرضت منطقة باراتشنار لهجمات مكثفة من قبل التكفيريين على مدارستة أيام، أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا بين الشيعة في المنطقة. كما هاجم التكفيريون أحد مساجد الشيعة خلال تلك الاشتباكات.

ونظرًا لأن التكفيريين يبررون جرائمهم ضد شيعة باراتشنار بالخلافات على الأراضي، فإنه من الضروري أن تتخذ الحكومة الباكستانية إجراءات عاجلة لحل هذه المشكلة، وضمان سلامة السكان، ومنع تكرار مثل هذه الجرائم البشعة. وفي ظل أهمية الوحدة الإسلامية لمواجهة المخاطر التي تهدد الأمة الإسلامية، خاصة في هذا الوقت الذي يرتكب فيه الكيان الصهيوني جرائم إبادة بحق الفلسطينيين والشيعة في لبنان، يجب على الحكومة الباكستانية أن تحمي سكان منطقة باراتشنار المظلومين وتتصدى للجرائم المتكررة بحقهم.

إن التكفيريين المجرمين في باكستان ليسوا سوى أدوات بأيدي الاستكبار العالمي والصهيونية الدولية، يعملون على تنفيذ أجندات تهدف إلى تمزيق صفوف المسلمين. فبتوجيه من أسيادهم المستكبرين والصهاينة، ينفذون بين الحين والآخر مجازر مروعة، ليسقط نتيجة لذلك مئات الضحايا من الأبرياء والمؤمنين في باراتشنار.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة