موضوع البرنامج:
عهد البيعة والنصرة
دائرة التطلع للمهدي
بعيدة عند اليقين
صاحب العصر يا إمام الزمان
يا شريك الكتاب والفرقان
يا أبا صالح وأي غياب
قد عراني من طوله ما عراني
بح صوتي وطال، طال انتظاري
لك يا ذا النفوذ والسلطان
هي ذي الأرض كلها ملئت
جوراً وديست بالظلم والعدوان
أدرك الدين سيدي ليكون
الدين لله راسخ البنيان
بسم الله والحمد لله مجيب دعوة المظلومين ونصير المستضعفين تبارك وتعالى رب العالمين.
وأزكى الصلاة والتسليم على أعلام صراط الله المستقيم وحفظة نهجه القويم حبيبنا المصطفى المختار وآله الطيبين الأطهار.
السلام عليكم أيها الأكارم ورحمة الله وبركاته..
بالأبيات المتقدمة من قصيدة مهدوية للأديب الولائي يحيى الشامي إفتتحنا لقاء اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) نصحبكم في هذا اللقاء عبر الفقرات التالية: عهد البيعة والنصرة
والثانية إجابة عن سؤال أخينا الكريم مثنى أحمد من السويد بشأن: دائرة التطلع للمهدي
وحكاية موثقة عنوانها: بعيدة عند اليقين
تابعونا على بركة الله مشكورين..
نبدأ إخوتنا وأخواتنا بالفقرة الخاصة بتكاليف عصر الغيبة وعنوانها في لقاء اليوم هو:
عهد البيعة ونصرة المهدي (عج)
روى الشيخ الطوسي في كتاب مصباح المتهجد والسيد ابن طاووس في كتاب مصباح الزائر، والشيخ الكفعمي في كتابيه المصباح والبلد الأمين ومحمد بن المشهدي الحلي في كتاب المزار وغيرهم دعاء العهد لصاحب الزمان عن مولانا الإمام الصادق وجاء في مقدمته قوله – عليه السلام -:
(من دعا الى الله تعالى أربعين صباحاً بهذا العهد كان من أنصار قائمنا، فإن مات قبله أخرجه الله تعالى من قبره وأعطاه بكل كلمة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة).
أيها الأفاضل، إهتم عرفاء مدرسة الثقلين كثيراً بالتكليف المشار إليه في الحديث المتقدم من تكاليف المؤمنين في عصر غيبة إمامهم المهدي المنتظر – عجل الله فرجه – وهو تلاوة دعاء العهد الذي يرسخ في قلب المؤمن الإلتزام بمبايعة إمام زمانه المهدي – عليه السلام -.
وقد نقل المقربون من الإمام الخميني أنه – رضوان الله عليه – كان قوي الإلتزام بهذا الدعاء، ويلتزم بتلاوته أربعين صباحاً متوالية بين الحين والآخر وقد استمر على العمل بذلك الى نهاية حياته – رحمه الله – وحتى في أيامه الأخيرة التي قضاها في المستشفى، فقد جاء في كتاب (قبسات من سيرة العارف الخميني) أنه – قدس سره – كان يكتب كل مرة تأريخ بدئه بكل أربعينية من أربعينيات تقربه الى الله بتلاوة دعاء العهد، يكتبه على ورقة يضعها علامة على نص هذا الدعاء في كتاب مفاتيح الجنان لكي يضبط الإلتزام بتلاوته أربعين صباح متوالية.
وكان – رحمه الله – قد بدأ آخر أربعينية بتأريخ ۱۷ شوال سنة ۱٤۰۹ هجرية كما تشير لذلك الورقة الأخيرة التي وضعها علامة في كتاب مفاتيح الجنان، وكان ذلك قبل دخوله المستشفى بثلاثة أيام واستمر بتلاوته لدعاء العهد بعد دخوله المستشفى كل صباح الى يوم وفاته – رضوان الله عليه – في آخر شهر شوال من السنة المذكورة أي بعد ثلاثة عشر يوماً من البدء بهذه الأربعينية الأخيرة.
ويستفاد مما تقدم أن الفيه العارف الخميني – قدس سره الشريف – كان يرجح أن يقوم المؤمنون بهذا التكليف المهم من تكاليف عصر الغيبة بصورة دورات أربعينية يتلون دعاء العهد فيها أربعين صباحاً متتالية ويفصلون بين كل دورة ببعض الأيام.
وقد تكون هذه الصورة هي الأفضل والأضمن في تحقيق بركات هذا الدعاء العهدي، ولكن هذا لا يمنع من قيام المؤمن بترتيب آخر كل حسب أوضاعه، كأن يلتزم بتلاوة الدعاء في أربعين صباح يوم جمعة أو صباح أي يوم آخر بحيث يكون المجموع أربعين صباحاً؛ وهذا الأمر مفهوم من عمومية لفظ الحديث القدسي الشريف إذ أن الإمام الصادق – عليه السلام – لم يشترط التوالي في الأيام بل أكد على أن الحصول على ثمار هذا الدعاء يتحقق بالإلتزام بتلاوته بعدد الأربعين صباحاً.
فقال – صلوات الله عليه -: "من دعا الى الله تعالى أربعين صباحاً بهذا العهد كان من أنصار قائمنا، فإن مات قبله أخرجه الله تعالى من قبره وأعطاه بكل كلمة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة".
مستمعينا الأكارم.. أما عن سر تأكيد العرفاء على الإلتزام بهذا الدعاء وتكرار تجديد العهد الذي يتضمنه فهو ما يمكن معرفته من التأمل في نص الحديث الشريف، فالإمام الصادق – صلوات الله عليه – يضمن للقائم بذلك أمرين:
الأول: أن يكون من أنصار قائم آل محمد – صلى الله عليه وآله – فإن أدرك ظهوره – عجل الله فرجه – كان مؤهلاً لنصرته، فإن توفاه الله قبل الظهور المهدوي المرتقب أخرجه الله من قبره، أي أحياه ضمن قوانين عقيدة الرجعة الثابتة في النصوص الشريفة قرآناً وسنة؛ وهذا الإحياء يأتي مقدمة لنصرته للإمام المهدي والفوز بشرف وأجر مؤازرته – عجل الله فرجه – في إقامة القسط والعدل الإلهي وإنهاء جميع أشكال الظلم والجور.
أما الأمر الثاني: فهو الفوز بالتطهير الإلهي من كل ما يعيقه عن نصرة مولاه المهدي – عليه السلام – وتحليته بكل ما يلزمه من صفات الخير التي تؤهله للقيام بنصرة خاتم الأوصياء المحمديين بأفضل صورة، وهذا هو الذي يشير إليه تأكيد الإمام الصادق – عليه السلام – في الحديث على أن الله يعطي الملتزم بدعاء العهد بكل كلمة ألف حسنة – أي خصلة تعينه على القيام بواجب النصرة ويمحو عنه ألف سيئة أي يطهره من كل صفة تصده عن الفوز بالصورة الأكمل لهذه النصرة وبالتالي الفوز ببركاتها الدنيوية والأخروية.
يا أنيس القلوب في وحشة
الدرب وليل المشرد الحيران
حاضر أنت في المواسم طراً
شاهد أنت في ضمير الزمان
ما خلت منك حقبة كيف تخلو
من إمام في السر والإعلان
نتابع مستمعينا الأكارم تقديم حلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) تستمعون له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
أيها الأحبة، من الأخ الكريم المقيم في السويد مثنى أحمد وصل البرنامج سؤال يقول فيه:
ذكرتم في حلقات سابقة من البرنامج أن من علامات ظهور الإمام المهدي – أرواحنا فداه – كثرة ذكره والتطلع لظهوره، فهل هذه الحالة يقتصر على الشيعة الذين يؤمنون بوجوده أم يشمل غيرهم من المسلمين؟
إجابة هذا السؤال نستمع لها معاً من أخينا الحاج عباس باقري في الدقائق التالية:
باقري: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم أيها الأكارم وسلام على اخينا مثنى احمد. اخ مثنى بالنسبة لسؤالكم الكريم أجابه عنه مفصلاً آية الله السيد الشهيد محمد الصدر في كتاب تاريخ الغيبة الكبرى ضمن حديثه ايضاً عن علامات الظهور وكذلك في كتاب عصر الظهور او ما بعد الظهور. أشير إجمالاً الى الاجابة عن سؤالكم من خلال التأكيد أن هناك انتظار عمومي للامام المهدي سلام الله عليه يعني حتى المفكرين الغربيين نجد في كلماتهم نوعاً من التعبير عن الحاجة الى منقذ عالمي، منقذ الهي يعني الأزمات البشرية تتفاقم وتشتد بإستمرار فكرياً، عقائدياً، اجتماعياً، روحياً، معنوياً وجميع الجهات بحيث جميع التيارات التي تدعي أنها قادرة على إسعاد الانسان تجرب شعاراتها وتجرب أقوالها ولكنها لاتنجح لهذا تتراكم الأزمة ويشعر الجميع بحاجة الى المنقذ العالمي من هنا يكون ذكر الروايات من علامات الظهور "كثرة ذكر اسمه" سلام الله عليه بهذا المعنى يعني بصفته كمنقذ عالمي هذا على الاطار العام. أما بالنسبة لدائرة المسلمين واضح أن أتباع مدرسة اهل البيت سلام الله عليهم أشد إلتصاقاً بالامام المهدي بإعتبار أنهم يؤمنون بوجوده وأن الكثير منهم بعد الصلوات عندما يقرأون رضيت بالله رباً وبمحمد نبياً وبالقرآن كتاباً وبعلي اماماً يعددون الأئمة الى ظهور الصاحب، عند قراءة دعاء العهد، عند قراءة دعاء الندبة، في ختام أي مجلس يدعون للامام المهدي بتعجيل الظهور هذا يجعلهم أشد انتظاراً ويشيع فيهم ذكر اسمه أكثر مما يشيع لدى الآخرين، هنا ذكر اسمه بالمعنى الخاص بأنه الامام المنتظر الغائب الموجود الذي يقوم بمهام الامامة من خلف أستار الغيبة، الذي يمهد لظهوره ويرعى حركة المؤمنين للتمهيد لظهوره بطبيعة الحال يكون ظهوره أشد من سائر المسلمين ولكن هذا لايعني أن توجد هذه الحالة لدى المسلمين جميعاً بإعتبارهم يؤمنون جميعاً بمهدي آخر الزمان على الأقل بعنوان أن الأحاديث النبوية توترت وصحت وألف علماء المسلمين من مختلف الفرق الاسلامية كتباً متعددة في إثبات حتى إنكار المهدي أفتى عدة من علماء اهل السنة من مختلف مذاهبهم أنه من الكفر. يعني اذا كان إنكار صريح للبشارات النبوية عن علم يكون نوعاً من الكفر او من مصاديق الكفر. على أي حال هذه الفتاوي موجودة اذن أصل الاعتقاد موجود وأن كثرة ذكر اسمه عند الأزمات وعند تفاقم الأزمات بعنوانه الخاص عند اهل البيت ولكن بعنوانه العام عند جميع المسلمين وبعنوانه كمنقذ إلهي يكون عند جميع الملل. عجل الله تعالى فرجه الشريف وجعلنا من خيار اعوانه وأنصاره في غيبته وظهوره.
نشكر أخانا الحاج عباس باقري على هذه الإجابة ونتابع تقديم البرنامج بنقلكم الى حكاية موثقة لها ارتباط بالفقرة الأولى من فقرات هذا اللقاء ففيها إشارة لطيفة إلى أهمية مبايعة إمام العصر – أرواحنا فداه – والتي يتضمنها دعاء العهد المبارك.
بيعة عند اليقين
مستمعينا الأفاضل..
صاحب هذه الحكاية هو العلامة المتعبد والعارف الزاهد آية الله الشيخ محمود العراقي الميثمي وهو من أحفاد ميثم التمار صاحب أميرالمؤمنين – عليه السلام – ويعد من أفاضل تلامذة الشيخ الأنصاري وقد كتب كثيراً من تقريرات دروسه الفقهية والأصولية – رضوان الله عليهما -.
وقد نقل حكايته في كتابه القيم (دار السسلام) والذي ألفه بشأن إثبات إمامة خاتم الأوصياء المحمديين وغيبته وقيامه بمهام الإمامة في غيبته وظهوره – عجل الله فرجه الشريف -.
ننقل لكم ترجمة هذه الحكاية المؤثرة بعد قليل فابقوا معنا مشكورين..
قال العارف الميثمي رحمه الله ما ترجمته:
(في السنة الثالثة من سني إقامتي في النجف الأشرف وبالتحديد سنة ۱۲۷۳ للهجرة رأيت ذات ليلة في عالم الرؤيا الصادقة وكأنني قد دخلت صحن مشهد أميرالمؤمنين – عليه السلام – من جهة باب القبلة فرأيت حشداً كبيراً من المؤمنين في الصحن المطهر، فسألت أحدهم عن سبب هذا الإجتماع الحاشد فقال:
ألا تعلم أن الإمام صاحب الأمر – أرواحنا فداه – قد ظهر هنا والمؤمنون يتوافدون عليه لمبايعته.
عندما سمعت بذلك شعرت بحيرة تنتابني قلت في نفسي: إذا تقدمت للبيعة فلعل من أبايعه ليس مولاي المهدي الذي تجب علي بيعته، فتكون بيعة باطل وضلال، وإذا لم أبايع قد يكون هو – عليه السلام – الذي يبايعه هؤلاء فأكون قد تخلفت عن البيعة الحق!
وهنا وقع في قلبي الحل التالي الدافع لهذه الحيرة قلت في نفسي:
أذهب إليه وأمد يدي إليه مظهراً مبايعته مستبطناً الشك بأنه هو إمامي أم لا، فإن كان هو الإمام علم بأني شاك في إمامته، وعندهها يقبض يده ولا يقبل بيعتي وحينئذ أعرف أنه هو الإمام فأمد يدي وأبايعه عن يقين فيقبل بيعتي؛ أما لم يعلم بشكي ولم يقبض يده في البداية علمت أنه ليس هو إمامي فأقبض يدي وأنجو من باطل مبايعة غير الإمام).
أيها الإخوة والأخوات، ويتابع العلامة الزاهد آية الله الشيخ محمود الميثمي نقل رؤياه الصادقة التي تحمل أكثر من درس في أهمية مبايعة الإمام الحق والتورع عن مبايعة غيره قال – رضوان الله عليه -:
(بهذه النية دخلت الصحن العلوي المطهر، وعند رأيت نورانية طلعة الرجل الذي يبايعه المؤمنون أيقنت أنه هو مولاي صاحب العصر – روحي فداه – فغفلت عن الحل الذي وقع في قلبي وتقدمت مسرعاً لمبايعته ومددت يدي لذلك لكني فوجئت به – عليه السلام – وهو يقبض يده، فخجلت بشدة وقلقت من ذلك، وهنا إبتسم - روحي فداه – وقال:
إنما قبضت يدي لكي تعلم أنني أنا الإمام
وإثر هذه الكلمة البليغة مد يده الشريفة وقبل بيعتي برأفة وأنا أبايعه ومسروراً وأخذت أطوف حوله، وفجأة رأيت من بعيد أحد الأخيار من معارفي فاديته مخبراً بوجود مولاي ومولاه، فبادر هذا العبد الصالح الى مبايعته فوراً دون تردد ومن بعد.
رباه طال الإنتظار لغائب
ما غاب عني ذكره وإن استتر
في كل صبح إذ أجدد بيعة
لعلاه أصرخ يا صباحي المنتظر
إني على عهد الولاء مرابط
فمتى أراك؟ فإن لقياك الظفر
وبهذا نصل – مستمعينا الأفاضل – الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (شمس خلف السحاب) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم وفي أمان الله.