موضوع البرنامج:
إجتناب قسوة القلب
آثار زيارة آل ياسين
تحت قبة الحسين -عليه السلام-
يا غيرة الله وابن السادة الصيد
ما آن للوعد أن يقضى لموعود
دين لتشييده بعتم نفوسكم
قد طاله الجور غدراً غير مردود
وشيعة أخلصتك الود كنت بها
ابر من والد بر بمولود
مغمودة العضب عمن راح يظلمها
وصارم الجور عنها غير مغمود
بسم الله والحمدلله خالصاً الذي أيد عباده بولاء صفوته المنتجبين سيدنا المصطفى الأمين وعترته الطاهرين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.
السلام عليكم اخوتنا وأخواتنا ورحمة الله. رحم الله الأديب الولائي المبدع والعالم الفاضل الشيخ محسن فرج الله –رضوان الله عليه- وجزاه خيراً عن قصيدته المهدوية التي ننثر طائفة من أبياتها في مطلع لقاء اليوم من برنامجكم المهدوي هذا وبين محطاته الثلاث وهي:
تربوية عن تكاليف عصر الغيبة عنوانها: إجتناب قسوة القلب
تليها خلاصة أجوبة العلماء سؤال الاخ أبي مصطفى عن آثار زيارة آل ياسين .
أما العنوان الذي اخترناه لحكاية هذا اللقاء فهو: تحت قبة الحسين -عليه السلام- أطيب الأوقات نرجوها لنا ولكم مع فقرات اليوم من برنامج (شمس خلف السحاب) تابعونا والفقرة التربوية تحت عنوان:
إجتناب قسوة القلب
روي في كتاب كمال الدين عن مولانا اميرالمؤمنين الامام علي المرتضى أنه –صلوات الله عليه- قال:
"للقائم منا غيبة أمدها طويل... ألا فمن ثبت منهم على دينه ولم يقس قلبه لطول أمد غيبة امامه فهو معي في درجتي يوم القيامة".
وقال –عليه السلام- في حديث آخر عن المهدي الموعود –عجل الله فرجه-:
"التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق المظهر للدين الباسط للعدل... ولكن بعد غيبة وحيرة لا يثبت فيها على دينه إلا المخلصون المباشرون لروح اليقين الذين أخذ الله ميثاقهم بولايتنا وكتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه".
أيها الاخوة والاخوات في الحديثين الشريفين المتقدمين يهدينا مولانا سيد الوصيين الامام علي المرتضى –عليه السلام- الى تفصيلات أحد أهم واجبات عصر الغيبة التي هدانا اليها سيدنا النبي الأكرم –صلى الله عليه وآله- في أحاديث شريفة عدة تناولناها في لقاءات سابقة من البرنامج..
هذا الواجب هو لزوم الاجتهاد في السعي للثبات والاستقامة على الدين الحق والتمسك بالثقلين في عصر الغيبة وعدم السماح لصعوبات هذا العصر وأهمها صعوبة اللقاء المباشر بامام العصر –عجل الله فرجه-، عدم السماح لهذه الصعوبات باضعاف التمسك بالولاية والارتباط الوجداني بالامام الحق –عليه السلام-.
وتلاحظون –أعزاءنا- أن الامام أمير المؤمنين –عليه السلام- قد قرن في الحديث الاول واجب الثبات على الدين بواجب عدم السماح للغيبة بأن تؤدي الى قسوة القلب، فما هو المراد بذلك؟ الاجابة تأتيكم بعد قليل فابقوا معنا مشكورين.
لنتأمل معاً في قول الامام المرتضى –عليه السلام- سعياً للحصول على إجابة السؤال فهو يقول: "ألا فمن ثبت على دينه ولم يقس قلبه لطول أمد غيبة امامه فهو معي في درجتي يوم القيامة".
اذن فالمراد بقسوة قلب المؤمن هنا هي الناتجة من طول غيبة امامه، أي من فقدانه الإتصال واللقاء المباشر بخليفة الله المهدي –عجل الله فرجه-؛ إذ أن عدم الارتباط الوجداني بالإمام الحق يؤدي الى إضعاف الإرتباط الحقيقي الصادق بالله تبارك وتعالى وهو السبب الرئيس لقسوة القلوب كما صرحت بذلك كثير من النصوص الشريفة معبرة عن ذلك بنسيان الله عزوجل.
ومعنى قسوة القلب هو فقدانه التأثر والتفاعل الوجداني مع الأوامر والوصايا الالهية أو ضعف ذلك مع حفظ أصل الإيمان؛ وهذا ما يتعارض بالكامل مع واجب الاستقامة على الدين الحق التي تعني الالتزام بشرائعه وأحكامه.
وعلى ضوء ما تقدم يتضح –مستمعينا الافاضل- ان تقوية الارتباط الوجداني بامام العصر في غيبته –عجل الله فرجه- هو السبيل العملي للقيام بهذا الواجب من واجبات عصر الغيبة أي الاستقامة والثبات على الدين الحق والتفاعل القلبي والوجداني والعملي مع أحكامه وقيمه ووصاياه؛ ولكن كيف يتم تقوية وحفظ هذا الارتباط الوجداني بامام العصر في غيبته أرواحنا فداه؟
أعزاءنا المستمعين، عندما نراجع مصادرنا الروائية المعتبرة نجدها تحفل بكثير من الاساليب العملية لحفظ ارتباط المؤمنين بالامام المهدي في عصر غيبته –عجل الله فرجه-، فمنها ما يأمر بالاكثار من ذكره القلبي واللساني والدعاء له ولتعجيل فرجه ومنها ما يأمر بتجديد البيعة له كل صباح كما ورد في دعاء العهد المبارك المروي عن مولانا الامام الصادق –عليه السلام- الذي بشر الملتزمين به بشرف الانضمام الى جبهة انصار المهدي المخلصين.
ومن الاحاديث الشريفة ما يأمر بالتصدق عنه وإهداء ثواب ختم القرآن وغير ذلك من أعمال له –عليهم السلام-.
ومنها ما يأمر بدوام التشوق للقائه –أرواحنا فداه- كما يعبر عن ذلك الدعاء المبارك المعروف بدعاء (الندبة) والذي يستحب تلاوته كل يوم جمعة اضافة الى أيام اعياد الفطر والاضحى والغدير.
كما أن من الأحاديث الشريفة ما يأمر بزيارته –صلوات الله عليه- كل يوم جمعة بنص الزيارة المروي في كتاب جمال الاسبوع للسيد ابن طاووس رحمه الله، والدعاء له بدعاء المعرفة الجليل المروي في الكتاب نفسه وغيره بأسانيد صحيحة عن الامام الرضا –عليه السلام- والمستحب الدعاء به خاصة عصر يوم الجمعة،
وكذلك التوجه الى الله بزيارة خليفته المهدي بنص الزيارة المعروف بزيارة آل ياسين المباركة المروية في كتاب الاحتجاج عنه –صلوات الله عليه-.
وهكذا يتضح –أيها الاخوة والاخوات- ان ائمة اهل البيت- صلوات الله عليهم- قد بينوا لنا منظومة كاملة من الأعمال العبادية التي تجعل المؤمنين في حالة ارتباط وجداني مستمر بالامام المهدي، وهذه الحالة تحصنهم من قسوة القلوب وبالتالي تؤهلهم للإرتباط القوي بالله عزوجل ومباشرة روح اليقين به تبارك وتعالى والفوز بتأييده لهم كما أشار لذلك مولانا الامام علي –عليه السلام- في الحديث الثاني، فيظهر بذلك الاخلاص التوحيدي في حسن استجابتهم للأوامر والوصايا والقيم الالهية.
وبذلك يبلغون أعلى مراتب الايمان ليكونوا مع أهل البيت –عليهم السلام- في درجات الجنان العلى كما يبشرنا بذلك الحديث الاول من حديثي الوصي المرتضى –صلوات الله عليه-.
إنا الى الله نشكو جور عادية
ما أن يرى جورها عنا بمردود
لم يرقبوا ذمة فينا ولارقبوا
إلا كأن لم نكن اصحاب توحيد
فكيف با ابن رسول الله تتركنا
في حيرة بين أرجاس مناكيد
مهما نكن فلنا حق الولاء لكم
وأنت بالحق أوفى كل موجود
نتابع أعزاءنا مستمعي اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تقديم حلقة اليوم من برنامجكم (شمس خلف السحاب) أيها الأطائب؛ عن الزيارة المعروفة بزيارة (آل ياسين) التي ورد ذكرها قبل قليل ورد للبرنامج سؤال من الأخ أبي مصطفى من العراق عن مدى اعتبار نص هذه الزيارة وآثار الالتزام بها خلاصة اجوبة العلماء عن هذا السؤال يقدمها لنا ولكم الاخ عباس باقري في الفقرة التالية، نستمع معاً:
الباقري: سم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم أيها الأحبة وسلام على اخينا من العراق أبي مصطفى. نقول له في الإجابة عن سؤاله صرح العلماء بإعتبار زيارة آل ياسين أنها من الزيارات المعتبرة بإعتبار أن الذي رواها الشيخ الجليل الطبرسي في كتاب الإحتجاج والشيخ الطبرسي فضلاً عن سمو مقامه العلمي صرح في بداية كتابه الإحتجاج هذا بإعتبار أن احاديثه لم يسندها بإعتبار أنها مشهورة بين علماء مدرسة الثقلين اتباع مدرسة اهل البيت سلام الله عليهم وهذا توثيق ويستفاد منه ما نقله هذا الكتاب القيم. صرح الشيخ الطبرسي في كتاب الإحتجاج بأن هذه الزيارة صدرت عن الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف في ختام جوابه عن مجموعة من الأسئلة للشيخ الجليل محمد الحميري، الشيخ الحميري ايضاً من عباد الله الصالحين والموثقين والمعتمدين. ويلاحظ هنا أن أهمية هذه الزيارة أنها جاءت مبادرة من الامام سلام الله عليه يعني عن أسئلة هذا العبد الصالح ثم أردف هذه الأجوبة الشريفة بالأمر بأن يزار الامام المهدي سلام الله عليه بهذه الزيارة التي مطلعها سلام عام على جميع اهل البيت سلام الله عليهم، هذا بالنسبة إعتبار الزيارة وبالنسبة لأهميتها أما بالنسبة لآثارها فالعلماء ذكروا الكثير من الآثار للإلتزام بهذه الزيارة، رحم الله الشيخ محمد تقي بهجت كان يؤكد كثيراً على التوجه بها الى الله تبارك وتعالى لقضاء الحوائج يعني هي في الحقيقة زيارة من جهة ومن جهة اخرى فيها توسل الى الله تبارك وتعالى ببقيته المهدي هذا الأمر إستفاده الشيخ بهجت من مقدمة كلام الامام المهدي أرواحنا فداه في بداية الزيارة يعني اذا قال عليه السلام كما ورد في نصها اذا أردتم التوجه بنا الى الله تعالى والينا فقولوا كما قال الله تعالى "سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ" يعني أولاً هي تنطلق من آية قرآنية ثم أن فيها خصوصية أنها تقوي روح التوجه الى الله تبارك وتعالى والتوجه الى خلفاءه المعصومين محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين لاسيما خاتمهم المهدي، هذا الأمر بالنسبة لأثرها هو الأثر المحوري أما ملاحظة نفس عبارات هذه الزيارة تبين لنا عظيم آثارها على المؤمن من خلال أمور عدة منها تقوية إرتباطه الوجداني والقلبي يعني محبة الامام المهدي من خلال زيارة آل ياسين واضحة للغاية يعني ترسخ هذه المحبة يعني تلاحظون "السلام علي حين تقوم السلام عليك حين تقعد السلام عليك حين تقرأ وتبين السلام عليك حين تصلي وتقنت... حين تركع ونسجد، تهلل وتكبر وتحمد وتستغفر" هذه العبارات من جهة تقوي التوحيد الخالص في القلب ومن جهة الأخرى تجعل الانسان في حالة مودة وإرتباط بالامام المهدي سلام الله عليه في جميع حالاته، في جلوسه وقيامه اضافة الى الاشارات بدوره سلام الله عليه في اداء المهام الإلهية وفي هداية العباد حتى وهو في عصر الغيبة الى ربهم وبارئهم تبارك وتعالى. اضافة الى أن الدعاء الوارد بعد هذه الزيارة واضح في أنه يركز العقائد الحقة في قلب المؤمن من خلال الصلاة على نبي رحمة في مقدمة الدعاء وفي كلمة نورك "أن تملأ قلبي نور اليقين، صدري نور الايمان، فكري نور النيات وعزمي نور العلم" وغيرها. هي زيارة في جنبة مهمة في جعل النورانية هي الصفة الغالبة على سلوك الانسان ومختلف شؤونه الحياتية. شكراً لك أخ أبي مصطفى وكذلك شكراً لمستمعينا الأعزاء.
نشكر الأخ عباس باقري على هذه التوضيحات وننقلكم الى أجواء الحكايات الموثقة في الفقرة التالية وعنوانها هو:
تحت قبة الحسين عليه السلام
أيها الأخوة والأخوات، الدرس المحوري الذي نتعلمه من الحكاية التالية هو درس عملي مهم يؤكد أن الغفلة عن الدعاء للإمام المهدي والسعي للتمهيد لظهوره –عجل الله فرجه-؛ من مصاديق مشاركة الظالمين في ظلمه –أرواحنا فداه- لأن في ذلك تأخير لظهوره.
وقد نقل هذه الحكاية الفاضل الورع آية الله السيد مرتضى المجتهدي في كتابه القيم (المختار من الصحيفة المباركة المهدية)؛ ففي ضمن حديثه عن لزوم الاهتمام بالدعاء لبقية الله المهدي المنتظر –عجل الله فرجه-، قال السيد المجتهدي حفظه الله:
"ومع الأسف، فان في اكثر المجالس الدينية قد يغفل الناس عن الدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب الزمان ارواحنا فداه، ولو علمنا كثرة غفلتنا عن ساحته الشريفة ندرك جيداً انه صلوات الله عليه أول مظلوم في العالم" وبعد هذه المقدمة نقل السيد المجتهدي حفظه الله الحكاية التالية عن أحد العلماء الأخيار قائلاً:
(قال حجة الاسلام والمسلمين الحاج السيد اسماعيل الشرفي رحمة الله عليه: في سفري الى العتبات المقدسة في العراق، كنت مشتغلاً بالزيارة في الحرم المطهر لسيد الشهداء –عليه السلام-، ولما كان دعاء الزائر مستجاباً اذا دعا الله عند جهة الرأس الشريف، دعوت الله هناك أن يشرفني برؤية مولاي صاحب الزمان –صلوات الله عليه-. وأن يقر عيني بالنظر الى وجهه الشريف، وبينما كنت مشغولاً بالزيارة، اذا بشمس جماله قد أشرقت؛ لم اعرفه صلوات الله عليه حين التشرف برؤيته ولكن قلبي مال اليه ميلاً شديداً، فسلمت عليه وقلت له: من أنتم؟
أجاب : أنا اول مظلوم في هذا العالم.
لم أفهم المقصود من كلامه الشريف، وقلت في نفسي: لعله من العلماء الاعلام في النجف الاشرف لم يتوجه الناس اليه ولذلك يعتقد انه اول مظلوم في العالم؛ لكنه غاب عني فعلمت ان الله قد استجاب دعائي وانه مولاي صاحب الزمان...)
يا نظرة الملك الرحمان عودي على
آل النبي بما قد فاتهم عودي
وغيرة الله ان هنا عليك فما
بالدين هون ولا بالسادة الصيد
فالمم بهم شعثنا اللهم منتصراً
بناله يا عظيم المن والجود
وبهذا نصل بحمدالله وشكره الى ختام حلقة أخرى من برنامج (شمس خلف السحاب) قدمناها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران
نشكركم مستمعينا الأكارم على كرم المتابعة دمتم سالمين في أمان الله ورعايته والحمدلله رب العالمين.